الجمعة 2016/12/02

اللاجئون …..عربة الموت المتنقل

لا تزال زوبعة الموت تتصفح البلدان العربية ولاسيما سوريا والعراق واليمن وليبيا؛ ولما كانت تلك الصراعات شبحاً يهدد حياة الكثير من الناس كان اللجوء بوابة راحت تُفتح تاركة الموت يتربع على عرشها حين قصد الكثير من الناس عتباتها المظلمة وعليه كانت المحرقة السورية من أكثر المحارق التي أنتجت موجات نزوح في العالم.

من هنا بدأت سياسة اللعب على ورقة اللاجئين؛ فكثير من الدول كان من أولوياتها إيجاد مخرج لكل الأزمات يكون من شأنه منع التوافد الحاصل إلى بلدانهم لا سيما تركيا والأردن اللتان تعدان الجار الأقرب لسوريا التي صدرت أكبر موجة لجوء في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.

إذا ما تمعنا أكثر في سياسات الدول لوجدنا أن النسبة الأكبر استخدمت ورقة اللاجئين في سبيل تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وإذا ما تصفحنا سجلات التاريخ على مدار خمس سنوات لوجدنا أن العامل الأكثر تطوراً يصب في خانة اللعب على ورقة اللاجئين فهذه حالة من بين كثير من الحالات أولها يبدأ عند الدولة المضيفة وما يقاسيه اللاجئون فيها من قسوة العيش الأمر الذي دفع الكثير من هؤلاء للبحث عن فسحة أمل بحياة أفضل فكانت بوابة الاتحاد الأوروبي هي الأقرب لذاك الأمل الذي يخفي وراءه الموت القادم من ساحات الصراع لكن هذه المرة بدا بحلة تختلف عن سياسة الموت التي فروا منها قاصدين المجهول.

المفارقة الأهم ليست في معاناة اللاجئين ولا في أسباب الموت التي راحت تتربص بهم بل تكمن في بعض سياسات الدول التي استضافت هؤلاء اللاجئين وقامت بتوظيف هذه الورقة لصالح تحقيق بعض المكاسب سواء الاقتصادية أو السياسية وفي هذا ندير البوصلة باتجاه سياسة قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي الذي بدأ يتسول على أبواب الاتحاد الأوروبي جاعلاً من اللاجئين وسيلة يمكن أن تساعده في حل بعض أزمات مصر الداخلية؛ فبعد أن نادى الرجل أمام قمة الأمم المتحدة حول اللاجئين والمهاجريين التي زعم فيها أن مصر تتحمل أعباء استضافة قرابة خمسة ملايين لاجئ مسجلين وغير مسجلين يعود اليوم إلى تكرار مزاعمه مجدداً بإيواء مصر خمسة ملايين لاجئ وزاد عليها هذه المرة بشكل واضح طلبه دعم المجتمع الدولي لمصر وذلك خلال لقائه وفد من أعضاء البرلمان الأوروبي في القاهرة فهذه هي ورقة من بين أوراق كثيرة بات العالم يعرفها تحت مسمى الكسب والتسول لأجل اللاجئين.

أما في الشق الثاني من حكاية الموت المتنقل فنجد أن السياسة لم تنجُ من بعض خفايا اللعبة الدولية ومن يحاول استغلالها في سبيل غايات قد تكون حاملة معها المزيد من الفائدة فيما إذا تم توظيفها واستثمارها لصالح قضايا غاية في الأهمية ومن هذه المحاولات نجد أن الدور التركي كان نشطاً في محاولة استثمار قضية اللاجئين وتوظيفها لصالح اللاجئين أنفسهم سيما ما نادت به الحكومة التركية دولياً وعالمياً مطالبة بإقامة مناطق آمنة في شمال سوريا تكون ملاذاً للفارين من آلة الموت التي باتت تخيم في السماء السورية لكن مع هذا لا يمكننا تغييب الدور التركي الساعي لإيجاد منفذ من خلال هذه الورقة الرابحة تمهد لدخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي إلا أن هذا الملف بات من الماضي بسبب تحفظ الدول الأوروبية على بعض السياسات المتبعة في تركيا لكن كل هذا لا يمنعنا من إظهار مدى جدية الدور الذي تؤديه أنقرة في سبيل إيجاد مرتكز يمكن من خلاله الولوج إلى برهة من الأمل تجسدها إرادة قوية بإقامة منطقة آمنة في شمال سوريا تكون ملاذاً يقي الفارين إليه من جحيم الموت لا بل قد يكون أكثر من ذلك إذا ما وظفت سياسياً وعسكرياً لتحقيق أهداف وأجندات بعينها.