الأحد 2017/03/12

إيران……. متى سيقتلون الخيل التي هرمت ؟

في مصر يقتلون خيل الحكومة عندما تهرم، لأن الغنيمة منها اضمحلت، وصارت عبئا على الحكومة، فيضعون حدا لحياتها في مشهد مؤلم، وإدانة عميقة في المخيال الشعبي المصري لهذا المآل، حتى صارت مثلا، فيقولون: فلان زي خيل الحكومة.

آواخر سبعينيات القرن الماضي حدث في إيران حراك شعبي ضد حكم الشاه، الذي كان يسمى شرطي أمريكا في المنطقة، وكان يقود الحراك الشعبي الطبقة الوسطى في المجتمع، واستمرت المظاهرات أكثر من ثمانية أشهر تقريبا، قمعها الشاه وجنرالاته بقسوة، ولكن سدى، لم يتوقف المد الثوري ، عند ذلك لجأ الأمريكان إلى الخطة باء، وهي الإجهاز على هذه الخيل التي شاخت، وصارت مضر، فهبط الخميني في مطار طهران قادما من باريس، ليقود مليشيات طائفية صبغت إيران باللون الأسود وسرقت الثورة.

في الخطة باء تختلف كل التفاصيل، فالعلاقات الحميمة مع أمريكا يجب أن تكون سرية، ويعلن عن موقف عدائي منها، كي يتم تسويق انقلاب الخميني بوصفه قائدا شعبيا ثوريا يعادي أمريكا، فتم صك شعار أمريكا الشيطان الأكبر، لتتحول إيران من دور وظيفي قائم على تخويف الإقليم ، إلى دور أكثر شناعة وهو نخر المجتمعات العربية من الداخل من خلال التجييش الطائفي، وخلق عملاء لها حتى تتم السيطرة على مواقع القرار في البلاد العربية، وكان لا بد من حوامل أخلاقية لتمرير هذا المشروع، فكان تصنيع حزب الله في جنوب لبنان، وتم اختراع دراما صراعه مع إسرائيل بمجموعة من العمليات العسكرية في تسعينيات القرن الماضي، ثم رحلت إسرائيل من جنوب لبنان ليسمى ذلك بالنصر الإلهي ويصير الموقف الإيراني المعادي لأمريكا وإسرائيل هو الموقف الأخلاقي والثوري الوحيد في العالم، وبذلك تكون إيران قد أدت الدور الوظيفي المناط بها، من خلال تدمير العراق وبنيته التحتية وتحويله إلى بقايا خرائب ترفرف فوقها رايات الثأر المزعوم من قتلة الحسين.

جاء الربيع العربي في لحظ الاستواء، أي استواء إيران قوة أخلاقية ثورية في المنطقة، ولكن موقفها من ثورات هذا الربيع في اليمن وسوريا تحديدا كشف العلاقة السرية بينها وبين أمريكا، فبدأت إيران تحرك الباسيج وفيلق القدس ومليشيات حزب الله لتنفذ سيناريو العراق بتدمير البنية التحتية والإجهاز على الثورة السورية، وكانت في كل حركاتها وسكناتها تروج لمشروع الحلم الإمبراطوري الفارسي، وقد صرح عدد من مسؤولي إيران في غير ما مناسبة أنهم يسيطرون على عدة عواصم عربية، ويقصدون بذلك دمشق وصنعاء، وبغداد وبيروت، وكان هؤلاء المسؤولون يختالون فرحين بارتسام الهلال الشيعي واكتماله.

تطورات عام 2016 في سوريا كشفت حقائق جديدة أهمها أن إيران تقوم بدور وظيفي في سوريا لصالح أمريكا سواء كانت تدري وتخلص في هذا العمل أم أنها توهمت أنها صارت امبراطورية، وقد ساعدها الإعلام الغربي والأمريكي في صناعة هذه الصورة من خلال الترويج لها بوصفها قوة عظمى في المنطقة .

الحقائق الجديدة هي الصراع الروسي الإيراني الواضح سواء بحلب في الشهر الثامن عام 2016 حيث قامت المقاتلات الروسية بقصف الإيرانيين غير مرة، أو في سيناريو تفجير الفروع الأمنية التي يتبادلها الطرفان، في عمليات مخابراتاية معقدة.

الخيل الإيرانية تم تصنيعها في باريس، وركبها الخميني، وجاء لتخريب الشرق الأوسط في سياق درامي عجائبي، وتمددت هذه الخيل يمنة ويسرى، حتى أثخنها التعب وطول الأمد، وظل على الطرف المقابل رجل الكاوبوي يضع قبعته ممتطيا صهوة فرسه المرتاحة، يدخن السيجار، ويتحين لحظة إطلاق النار على الخيل الخمينية المتعبة، والتي صارت تكلفة وجودها حية تكلف مشغليها الكثر.