السبت 2017/03/04

إلى أحفادنا.. ترقبوا النسخة 99 من مونديال جنيف !

انتهت أخيراً الجولة الرابعة من مونديال جنيف في نسخته الرابعة بعد نحو 9 أيام من أخذٍ وردٍّ واجتماعاتٍ مكثفة للإيطالي السبعيني دي ميستورا مع الأطراف السورية، وصدقت تنبؤات السوريين بفشل هذه المفاوضات قُبيل انعقادها، وهو ما اعترف به المبعوث الأممي الذي قال يومًا عن الأحداثِ السورية إنها " أكثر حرب عبثية عرفها في حياته" من غير أن يتطرق إلى ذكر ثورة شعبية قامت ضد نظام القمع والإجرام.

وعلى الرغم من أجواء التشاؤم وعطر مَنْشَم الذي دُقَّ بين الأطراف السورية قال دي ميستورا إن المحادثات حققت تقدماً مقارنة بالجولات السابقة، وكانت اللقاءات بناءة، فما هو التقدم الذي يقصده دي ميستورا؟

أهو المزيد من الرضوخ لمطالب النظام والذي أصر على وضع بند ما يسمى مكافحة الإرهاب ضمن جدول الأعمال؟!، ونجح في ذلك، أم تجاهله لجوهر المفاوضات السورية التي تتمثل بانتقال سياسي يستثني نظام الأسد والمتورطين في أعمال القتل والإجرام بحق الشعب السوري؟ لينافي بذلك مزاعمه من أن الهدف من هذه المفاوضات تنفيذ القرار الدولي رقم 2254 الذي ينص ضمناً على تحقيق انتقال سياسي، وقد بدت سلاله الأربعة التي أعلن عنها فارغةً إلى حد ما من تنفيذ القرارات الدولية، فهي تشمل ما سماها القضايا الخاصة بإنشاء حكم غير طائفي يضم الجميع، والسلة الثانية حول الدستور، والثالثة تشمل ما يتعلق بإجراء انتخابات حرة ونزيهة بعد وضع دستور، وذلك خلال 18 شهراً، تحتَ إشراف الأمم المتحدة، وتشمل السوريين خارج بلادهم، وأما الرابعة فتشمل استراتيجيةً لمكافحة الإرهاب، والملاحظ أن السلال الثلاث الأولى جميعا كانت تسويفية ولا يوجد إلزام فيها، فكلُّها تؤملاتٌ وأماني، باستثناء الرابعة التي أقحمها النظام حول الإرهاب والتي تصب في مصلحة تسويقِه أمام المجتمعِ الدَّوليّ .

المعارضة السورية يُحسب لها الخطاب القوي في هذه المفاوضات، والتفاؤل غالباً بعد كل لقاء مع المبعوث الأممي، وقد اتهم رئيس وفدها نصر الحريري نظام الأسد بإفشال هذه الجولة وأكد أن المعارضة تلتزم بمكافحة الإرهاب، بما فيه إرهاب الأسد ومليشيات حزب الله وإيران، إلا أن ما يحسَبُ عليها حجم الثقة الكبيرة التي منحتها للجانب الروسي الذي هاجمها في نهاية المطاف واتهمها بمحاولة تخريب المفاوضات والتعنت وتجاهل منصاتٍ أخرى، في إشارة إلى منصة موسكو التي تدين بالولاء لنظام الأسد، فضلاً عن حزب الاتحاد الديمقراطي الذي سلَّمَ النظام مؤخرًا غرب منبج.

إلى جولةٍ خامسةٍ لا يُعلم ما إذا كانت ستؤجل هي الأخرى كحال شقيقتها الرابعة إلى حينٍ من الزمن، ستجتمعُ الأطراف السورية مجدداً في جنيف خلال الشهر الحالي بحسب دي ميستورا، الذي تبدو همتُه وعلى الرغم من سنه الكبير أخفَّ من همة صيادٍ يحمل معه عدة سلال إلا أنها تعود جميعها فارغة، وسيظل طابع المفاوضات العام الفشل المطلق كما النسخ السابقة لجنيف 1 و2 و3 ، وربما تمتد المفاوضات لتشمل جنيف 7 و8 و50 ..الخ، وذلك بهدف منح النظام مزيداً من الوقت للقتل واستعادة الأراضي المحررة، ومهما اتفقت الأطراف على أن الحل في سوريا سياسي فإن الواقع يبقى خلاف ذلك في ظل وجود نظام لا يفهم إلا لغة البطش والقوة، ومجتمع دولي يقدم له الدعم إما من خلال التغاضي عنه أو من خلال اعتبار الثورة السورية مجرد حرب أهلية، بين طرفين متساويين في القوة والإمكانات.