الثلاثاء 2017/03/14

أين سيدفنون الجثة ؟!

في الشرق العربي الحديث الوجوُد مرهون بالجثة، فإذا كان البدن ينبض بالحياة فأنت فاعل موجود، و إن بلغت من العمر عتياً ، ولو تعطلت كل الوظائف الحيوية للجسم وصرتَ على أجهزة الإنعاش ، بعد دخولك حالة الموت السريري ، وخير مثال على ذلك الرئيس الجزائري عبد العزيز بو تفليقة، الذي يعيش من فترة طويلة منزلةً بين منزلتين فهو ليس بميت له  قبر مشهور يزوره المريدون، وليس بحيٍّ يخالط الأحياء ويعيش حياته، ويمارس أفعاله البيولوجية .

في الشرق العربي الحديث الناس والأنظمة الحاكمة مولعون بالحالة المتحفية ، فالقديم أكثر عراقة وجودة  وصموداً بعد أن قلبته صروف الدهر فما نالت منه ، وجعلته خمراً معتقة فعلُها عظيم، ويتجلى ذلك باختيار الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي ، الذي جاء بصندوق الاقتراع إلى الحكم في سن 87 عاماً ، أو في مشيخات وممالك الخليج، التي يصعد للحكم فيها  ناسٌ لا يعرف أحد متى ولدوا. 

شغلت السوريين فترة طويلة من هذا العام قصة عين بشار الأسد التي أصابتها الجلطة، وظل الناس فترة طويلة يتربصون بالتسريبات؛ التي تصدر عن هذا الموضوع، فمن قائل: إن الرجل أصيب بجلطة في كامل البدن، وهو الآن قعيد لا يقوى على فعل شيء ، وذهب نفر إلى أن الجلطة تمركزت في منطقة العين، ولها أثر بيّن في أداء الرجل ، وسارعت وسائل إعلام النظام لتكذيب هذه الإشاعات رسميا لأول مرة منذ اندلاع الثورة . 

انقسم السوريون تجاه هذه الحالة إلى قسمين؛ قسمٍ يعارض النظام ، وتمنى أن تسري الجلطة في سائر البدن حتى يهلك الرجل ، وينتهي هذا الكابوس الذي خيم  على السوريين ،وقسمٍ يؤيد سياسة القتل ، ويتمنى أن ينحسر أثر الجلطة ، ويعود الرجل كما كان؛ في مشهد يشبه حالة السحر التدريجي كما في أفلام كرتون سندباد ، حيث يتمدّ السحر أو ينحسر . 

الأنظمة العربية يتم تصنيعها في الغرب، ثم توكل المهام لجثث سياسية تسري فيها الروح كما سائر البشر ، ولكنها معطلة الفعل الحر ؛ لأنه قرارها مرتهن بمن صمم هذه الأنظمة . 

النظام العربي الرسمي ، الذي صعد إلى السلطة بعد الحرب العالمية الثانية ، ورعته أمريكا  وفق مبدأ أيزنهاور ، وكانت تمده بأكسير الحياة،  بدأ يتهتَّك ودخل في حالة الموت السريري ، وتحول فعلاً إلى جثة سرى العفن فيها ،و لا يناسبها إذا أرادوا  لها أن تبقى واضحة للعيان سوى التحنيط ، لإيهام الجمهور أنها مازالت حية فاعلة . 

ليس المهم في هذا السياق الجلطة التي أصابت بدن بشار الأسد كاملاً أو عينه اليسرى ، بل المهم هو أن الرجل تحول إلى جثة سياسية ساقطة سرى العفن في أوصالها منذ بدأت الثورة ، ولم تنفع كل جلسات الإنعاش السياسي التي تعرض لها ،  فالسؤال هل سيتم تأهيل هذه الجثة السياسية ليس منطقيا، ولكن المنطق يقول :  في أي مكان سيدفنون هذه الجثة؟!

أين سيدفنون الجثة

 

 في الشرق العربي الحديث الوجوُد مرهون بالجثة، فإذا كان البدن ينبض بالحياة فأنت فاعل موجود، و إن بلغت من العمر عتياً ، ولو تعطلت كل الوظائف الحيوية للجسم وصرتَ على أجهزة الإنعاش ، بعد دخولك حالة الموت السريري ، وخير مثال على ذلك الرئيس الجزائري عبد العزيز بو تفليقة، الذي يعيش من فترة طويلة منزلةً بين منزلتين فهو ليس بميت له  قبر مشهور يزوره المريدون، وليس بحيٍّ يخالط الأحياء ويعيش حياته، ويمارس أفعاله البيولوجية .

في الشرق العربي الحديث الناس والأنظمة الحاكمة مولعون بالحالة المتحفية ، فالقديم أكثر عراقة وجودة  وصموداً بعد أن قلبته صروف الدهر فما نالت منه ، وجعلته خمراً معتقة فعلُها عظيم، ويتجلى ذلك باختيار الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي ، الذي جاء بصندوق الاقتراع إلى الحكم في سن 87 عاماً ، أو في مشيخات وممالك الخليج، التي يصعد للحكم فيها  ناسٌ لا يعرف أحد متى ولدوا.

شغلت السوريين فترة طويلة من هذا العام قصة عين بشار الأسد التي أصابتها الجلطة، وظل الناس فترة طويلة يتربصون بالتسريبات؛ التي تصدر عن هذا الموضوع، فمن قائل: إن الرجل أصيب بجلطة في كامل البدن، وهو الآن قعيد لا يقوى على فعل شيء ، وذهب نفر إلى أن الجلطة تمركزت في منطقة العين، ولها أثر بيّن في أداء الرجل ، وسارعت وسائل إعلام النظام لتكذيب هذه الإشاعات رسميا لأول مرة منذ اندلاع الثورة .

انقسم السوريون تجاه هذه الحالة إلى قسمين؛ قسمٍ يعارض النظام ، وتمنى أن تسري الجلطة في سائر البدن حتى يهلك الرجل ، وينتهي هذا الكابوس الذي خيم  على السوريين ،وقسمٍ يؤيد سياسة القتل ، ويتمنى أن ينحسر أثر الجلطة ، ويعود الرجل كما كان؛ في مشهد يشبه حالة السحر التدريجي كما في أفلام كرتون سندباد ، حيث يتمدّ السحر أو ينحسر .

الأنظمة العربية يتم تصنيعها في الغرب، ثم توكل المهام لجثث سياسية تسري فيها الروح كما سائر البشر ، ولكنها معطلة الفعل الحر ؛ لأنه قرارها مرتهن بمن صمم هذه الأنظمة .

 النظام العربي الرسمي ، الذي صعد إلى السلطة بعد الحرب العالمية الثانية ، ورعته أمريكا  وفق مبدأ أيزنهاور ، وكانت تمده بأكسير الحياة،  بدأ يتهتَّك ودخل في حالة الموت السريري ، وتحول فعلاً إلى جثة سرى العفن فيها ،و لا يناسبها إذا أرادوا  لها أن تبقى واضحة للعيان سوى التحنيط ، لإيهام الجمهور أنها مازالت حية فاعلة .

 ليس المهم في هذا السياق الجلطة التي أصابت بدن بشار الأسد كاملاً أو عينه اليسرى ، بل المهم هو أن الرجل تحول إلى جثة سياسية ساقطة سرى العفن في أوصالها منذ بدأت الثورة ، ولم تنفع كل جلسات الإنعاش السياسي التي تعرض لها ،  فالسؤال هل سيتم تأهيل هذه الجثة السياسية ليس منطقيا، ولكن المنطق يقول :  في أي مكان سيدفنون هذه الجثة؟!