الأحد 2018/04/29

درس اللعب مع “الكبار” سيكون قاسياً على الأمير السعودي “الصغير”

حُمّى التحركات السياسية تستبق صيف الشرق الأوسط الملتهب، فبعد توصّل ترامب إلى التشكيلة النهائية لفريق إدارته الذي سيخوض معه معاركه الفاصلة مع عدد من الأعداء التاريخيين للولايات المتحدة-على رأس قائمة الأعداء هؤلاء تتربع روسيا وكوريا الشمالية وإيران- وبعد لقاءات مهمة مع قيادة الهرم الأوروبي "بريطانيا وفرنسا وألمانيا"، أوفد ترامب وزير خارجيته الجديد " مايك بومبيو" في جولة إلى المنطقة تشمل السعودية والأردن وإسرائيل برسائل مختلفة لكنها تدور جميعها حول أولويات السياسة الأمريكية حاليا والمتضمنة أربع قضايا أساسية:

1- تحجيم النفوذ الإيراني في المنطقة، ومنع إيران من السير نحو امتلاك القوة النووية بإلغاء الاتفاق النووي الموقّع معها، كذلك إغلاق الممر البري الواصل بين طهران وبيروت.

2- إحلال الاستقرار في العراق وسوريا، البلدين اللذين تعبث إيران بأمنهما، وتسيطر على حكامهما.

3- هزيمة فلول تنظيم الدولة، وضمان عدم ظهوره مرة ثانية.

4- إخماد الحرب الأهلية في اليمن، فالإدارة الأمريكية تتعرض لضغوط شديدة داخليا في وضع قيود على بيع الأسلحة للسعودية التي تسببت بكارثة غير مسبوقة في هذا البلد الفقير أصلاً.

"كفى" بحسب صحيفة "نيويورك تايمز" كانت هي الرسالة البسيطة التي حملها وزير الخارجية الأميركي الجديد لوزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" و"شجار الصبيان" الذي افتعله ابن زايد وابن سلمان داخل مجلس التعاون الخليجي مع قطر "يجب أن ينتهي"، ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في الخارجية الأمريكية، أنّ صبر واشنطن حول هذا الخلاف بدأ ينفد، وأنه يجب فك الحصار البري والبحري والجوي الذي فرضته السعودية والإمارات والبحرين ومصر على الدوحة منذ شهر حزيران يونيو الماضي.

"شجار الصبيان" لعلّه أدقّ وصف يمكن أن يوصف به ما تفتّق عنه فكر ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" بمشورة ابن زايد، في حفر ساقية بين بلاده وبين الدولة الجارة قطر، وتحويلها إلى جزيرة في البحر، بعد أن باءت مخططاته في غزوها واحتلالها عسكريا بالفشل، في قصة أشبه بما كان يجري في حروب القرون الوسطى أيام الحصون والقلاع.

لنقل إنّ قطر كسبت المعركة، وإن الأمير السعودي بدأ يتجرع مرارة الذل والخيبة، فمئات المليارات التي أهدرها من ميزانية الشعب السعودي لكسب رضا ترامب لم تنفعه، وجولته "الهوليودية" لتسويق نفسه في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ذهبت أدراج الرياح، وطمرتها رمال صحراء فهمه السقيم بالمصالح والعلاقات الدولية، وأولويات السياسة العالمية.

درس اللعب مع "الكبار" سيكون قاسياً على الأمير السعودي "الصغير"، سيضطر لردم ساقيته التي أراد اللهو بها على شاطئ بحر أوهامه، وسيذهب ليلهو مع "هيئة الترفيه" المهمة الوحيدة الموكلة له الآن في تغيير ثقافة المجتمع السعودي، وتطويعه للقبول بعملية التطبيع القادمة مع إسرائيل.

هذا الدرس سيعيد النظر في أهلية ولي العهد لقيادة بلد عربي كبير مثل السعودية؛ فحياته السياسية "القصيرة جداً" أثمرت حتى الآن حرباً في اليمن، وحصاراً على قطر.

سيخرج علينا الإعلام السعودي ومحللوه السياسيون بالتطبيل للانتصار السعودي على قطر، وأنها نالت ما يكفيها من العقوبات، وأنه استناداً لأخوّة الشعبين وحرصاً على حياة الأشقاء في قطر، فإن إجراءات فك الحصار ستبدأ قريباً.

كانت تسمية آخر قمّة لجامعة الدول العربية التي انعقدت في السعودية باسم "القدس" أكبر مخادعة وتمويه يقوم به الملك سلمان للتغطية على تصريحات ولي عهده المنتظر التي صرّح بها في واشنطن، فالأمير يقول: إن الشعب الإسرائيلي له الحق في العيش في بلده المسالم، وله الحق في امتلاك أراضيه الخاصة به، وإن السعودية ليس لديها مشكلة مع اليهود، وإنّ إسرائيل تعتبر اقتصادًا كبيرًا مقارنة بحجمها، وهي اقتصاد متنامٍ، وبالطبع هناك الكثير من المصالح التي نتقاسمها مع إسرائيل.

كيف يتفق هذا مع الحرص على مصالح الشعب الفلسطيني؟ واستعادة القدس موطن المسجد الأقصى؟

هل سيستطيع الملك سلمان الاستمرار في التغطية على سقطات ولي عهده إلى أن يموت أو يتنازل له عن الحكم طوعاً أو قسراً؟ لا يبدو هذا ممكناً، وقد يحدث داخل العائلة المالكة السعودية ما يصحح هذا الوضع الخطير.