الأربعاء 2017/09/27

تهديدات أوربية للمعارضة : الأسد..أو ستدفعون الثمن

الجسر للدراسات...

حمّى الرسائل الدبلوماسية الأوربية تتوالى على رأس المعارضة السورية قبيل عقد مؤتمر الرياض 2 الذي ليس أمامه إلا خيار واحد؛ هو قبول وجود الأسد في المرحلة الانتقالية، طبعاً مع عدم التطرق إلى مصيره نهاية المرحلة الانتقالية، أو أحقّيته من عدمها في خوض الانتخابات الرئاسية التالية لهذه المرحلة.

هذه الرسائل التي ينقلها ممثلو الاتحاد الأوربي لدى المعارضة تسير بنفس الخُطا تقريباً، تبدأ بنبرة تبريرية ناعمة، منتقلة إلى تحذيرات مبطنة، صاعدة إلى تهديدات علنية تتجاوز حدود اللباقة الدبلوماسية.

يُلقي الأوربيون باللوم على المجتمع الدولي -وكأنهم ليسوا جزءاً منه- بأنه يريد السلام ولا يفعل ما فيه الكفاية في التعاطي مع عملية السلام هذه، ويعتذرون عن تقصيرهم كاتحاد أوربي بعدم قدرتهم على القيام بما هو ضروري لوقف الأسد، مع أن قيمهم تُملي عليهم بوجوب رحيله.

ينتقلون بعدها للحديث عن انتقاد السياسة الأميركية، وأنها ذاهبة مستقبلاً نحو عدم التدخل في سوريا والتوقف تماماً بعد ٣١-١٢-٢٠١٧، باستثناء إبقاء دعم مليشيات قوات سوريا الديموقراطية "قسد"، وأن الولايات المتحدة بسياستها هذه تفسح المجال لروسيا لفرض الحل الذي يناسبها.

عند هذه النقطة يرى الأوربيون أن الوهن واليأس يفعل فعله في قلوب المعارضين الأشاوس، فيذهبون بهم فوراً إلى استعراض التحولات الطارئة على مواقف الدول، وأن عدداً منها يعتبر أن الأسد انتصر، وأنهم فعلاً بدؤوا بالاتفاق معه لإنهاء الحرب والعمل على الحل السياسي.

رسالة شبه مشفّرة تمر هنا عن نهاية مفاوضات جنيف على أسسها الحالية بحديثهم عن أن أفضل ما توصلت إليه هو محاولة إنقاذ بعض الأجزاء من القرار ٢٢٥٤، ما يعني أن الجولات التالية للرياض 2، ستكون على أسس جديدة بعيدة عن كل القرارات والبيانات الدولية السابقة.

العصا والجزرة تبدأ هنا عندما يبدأ الحديث عن إعادة تأهيل الأسد مقابل الوهم المستحيل الذي لم ولن يحدث.

يقول الأوربيون: ماذا لو أعطيتم الخيار ببقاء الأسد، ويمكنكم أن تعملوا في الوقت نفسه على بناء أجسام حكم كنموذج لحكومة تقدّم الخدمات للمواطنين في المناطق المحررة، وجيش سوري حر يعمل في الدفاع عنها بدل محاربة النظام، والعمل على إنجاح هذا النموذج في مناطق المعارضة، وربما سيرى المجتمع الدولي هذا النجاح، وربما أيضاً ستنتشر التجربة إلى مناطق أخرى في سوريا، كل هذا إلى جانب الاستمرار بالعمل على المسار السياسي، فيما عدم القبول ببقاء الأسد سيؤدي إلى عودته إلى قصف هذه المناطق، ستكون فرصة لكم من نوع التراجع التكتيكي وإعادة ترتيب أموركم واسترجاع قوتكم.

يُتوّج بيع الوهم للمعارضة بالقول: حتى لو بقي الأسد فلدينا وثائق كثيرة كافية لإدانته مستقبلاً.

يأتي بعدها دور الحديث عن موضة الواقعية بدءاً برسالة وزير الخارجية السعودي، مروراً بتصريحات دي ميستورا عن القبول ببقاء الأسد، انتهاء بأن المعارضة ستتلقى نفس الرسالة في الرياض 2.

تحذير أوربي شديد اللهجة تسمعه المعارضة في عدم التمرد على الرياض 2، وأنه ما لم يتم الاتفاق مع منصتي موسكو والقاهرة، فإن المعارضة "غير الواقعية" سوف تجد نفسها خارج العملية السياسية، وأنه من المفيد للجميع أن يكونوا جزءاً من الرياض، وأن يعيدوا دراسة استراتيجياتهم ليتأكدوا من أنهم لن يكونوا خارج الحسابات الدولية القادمة.

بالطبع الرسالة هنا أكثر من مفهومة..مفادها أن هناك معارضاتٍ جاهزة للقبول ببقاء الأسد، وأنها هي من ستكون على طاولة المفاوضات، وتكسب الشرعية الدولية.

ينتهي اللقاء غالباً بتهديد علني: هناك ثمن سوف تدفعونه في حال اخترتم عدم بقاء الأسد.