الخميس 2017/11/16

بعد مطالبة موسكو بتأجيله .. نظام الأسد لن يحضر جنيف 8 !

جدول مزدحم لمؤتمرات تتوزع بين المعارضة السورية وحدها من جهة، وبينها وبين النظام من جهة أخرى، وهي تباعاً حسب المعلن إلى الآن : الرياض، سوتشي، جنيف، أستانا.

تباين كبير في أهدافها وطبيعة المدعوّين والجهات الراعية، أو الداعية، أو الضامنة، فالرياض هو المؤتمر الأقرب زمنياً سيتحمّل بشكل أو بآخر تبعات السياسات السعودية الداخلية والخارجية، والصراع الداخلي الدائر هناك سينعكس في استبعاد المعارضة السورية المقرّبة من الجناح السعودي المُطاح به من الحكم، والصراعات الخارجية سيكون لها تبعات أخطر، فالشخصيات المقربة من قطر أو المحسوبة عليها أو المقيمة فيها، لن توجَّه لهم الدعوة للحضور، والسعودية التي تواجه حرجاً شديداً في عدم دعوة المنسق العام السابق لهيئة المفاوضات العليا ستعمل على الإطاحة به، وتعيين -بمعنى التعيين- شخصية تخضع لسيطرتها.

المعارضة المحسوبة على تركيا ستعاني أيضاً من ضعف تمثيلها في المؤتمر على حساب منصات موسكو والقاهرة والمستقلّين القادمين من الإمارات والأردن ودمشق.

السعودية المتورطة في اليمن تريد فقط من المؤتمر تصفية حساباتها مع إيران على حساب الملفِّ السوري، ويُتوقّع خروج بيان ختامي متشدد حيال إيران وحزب الله شبيه ببيان استقالة الحريري، مع الإبقاء على الباب موارباً مع روسيا في موضوع مصير بشار الأسد بالعملية التفاوضية التي ستجري في جنيف.

التغيير الجذري الذي سيطرأ على هيئة المفاوضات سيُفقِدها قيمتها الدولية بشكل كبير، فهي تشكلت سابقاً في الرياض 1بقرار ناتج عن مؤتمري فيينا 2015، وهي بعد الرياض 2 ستصبح مؤسسة سعودية تدور في فلك العهد السعودي الجديد، وتخضع لإملاءاته.

في مقابل النجاحات التي يسوّقها الروس لمسار أستانا، وقابلية استثمارها في سوتشي، فالمتضرر الأول من نتائج الرياض 2 سيكون مسار جنيف الذي يفترض أن تعقد جولته الثامنة بعد انقضاء ثلاثة أيام من ختام الرياض 2، فموسكو بدأت منذ الآن بمحاولة تعطيل هذه الجولة، وأرسلت لديمستورا رسالة تطلب فيها تأجيل جنيف  8 في 28 نوفمبر تشرين ثاني الجاري إلى ما بعد سوتشي الشهر القادم، وهي لن تسمح في هذه المرحلة بمعوقات لمساريها في أستانا وسوتشي، ودي ميستورا وإن كان يتفق مع الروس في جوانب عديدة من رؤيتهم للحل السياسي، إلا أنه يخوض حرباً من طرفه في سبيل المحافظة على وظيفته، ورغم أنه تخلّى عن سلة الحكم الانتقالي في هذه الجولة مكتفياً بسلّتي الدستور والانتخابات؛ إلا أن هذا لن يكون كافياً لإقناع الروس بجلب النظام إلى طاولة المفاوضات عقب ما سيصدر عن المعارضة في الرياض 2 ، والتي ستتمسّك بتطبيق قرارات مجلس الأمن وخصوصاً قضية تشكيل هيئة الحكم الانتقالي كأساس لبدء عملية الانتقال السياسي في سوريا، والنظام من جانبه والإيرانيون يعترضون حتى على مناقشة القضايا الدستورية والانتخابات الرئاسية، ويصرّون على استبدالها بإصلاح دستوري لما هو معمول به حالياً، وانتخابات برلمانية فقط.

لا الروس ولا النظام يريدون الظهور بمظهر المخالف للأمم المتحدة وقراراتها الدولية، والسعودية بمؤتمرها الهش ستساعدهم في الامتناع عن حضور جنيف، فاحتمالية انسحاب منصات موسكو والقاهرة وعدد من المستقلين، وجزء من هيئة التنسيق ستكون موجودة بسبب الاختلاف على البيان الختامي، وعلى عضوية ورئاسة هيئة المفاوضات، ورئاسة وعضوية الوفد المفاوض، والنظام سيرفض حضور جنيف 8 بحجة عدم توحيد وفد للمعارضة يمكن أن يجلس مقابله إلى طاولة المفاوضات.

على المعارضة في الرياض 2 أن تدرس خياراتها جيداً بحيث تفوّت الفرصة على النظام وحلفائه في إخراج الملف السوري من مظلة الأمم المتحدة، كما عليها أن تقدّم مصلحة الشعب السوري للوصول إلى حل سياسي يستند إلى القرارات الدولية، لا أن تكون أسيرةً للتجاذبات والاستقطابات التي ستفرض على المؤتمر بمجرد عقده في الرياض، ولا أن تتحول إلى أداة أو ورقة ضغط يستخدمها ولي العهد السعودي في مغامراته التي يبدو أنها لن تنهي قريباً .