الخميس 2018/10/18

هل يعيد الأسد إعمار سوريا بثمن الجولان؟


الجسر للدراسات..


"الأرض مقابل المال".. الشعار الجديد الذي يطرحه الإسرائيليون لحل النزاع بشكل نهائي على الحدود مع سوريا، "الأرض مقابل السلام" كان مرفوضاً من قبل الإسرائيليين في المفاوضات التي احتضنتها العاصمة الإسبانية مدريد في تسعينات القرن الماضي، كما كان "السلام مقابل السلام" مرفوضاً من جانب السوريين.

"الأرض مقابل المال" سيكون مقبولاً بشكل كبير من اليمين الإسرائيلي المتطرف، وهو الحل الأنسب لتتكامل صفقة القرن التي يجري كتابة حروفها الأخيرة بالاتفاق مع بعض الدول العربية.

المقاربة الإسرائيلية تتلخّص بانسحاب إسرائيل من بعض النقاط في هضبة الجولان. ودفع تعويض للأسد عن الأراضي التي ضمّتها إسرائيل رسمياً إلى حدودها، وبموجب هذا الاتفاق يصدر قرار من مجلس الأمن يعلن نهاية النزاع السوري الإسرائيلي، ويلزم النظام بضمان الأمن على طول الحدود الجديدة.

باستثناء إيران التي يجب طردها من سوريا، وتحجيم نفوذها في المنطقة، فإن خطة سلام إسرائيلية سورية من هذا النوع يطرحها الرئيس الأمريكي ترامب، من شأنها أن تثير اهتمام جميع الأطراف الدولية الفاعلة، وتدفعهم للانخراط فيها.

 

هل سيقبل الأسد ببيع الجولان؟

لا شك أن حجر الزاوية في هذه المقاربة هو الأسد شخصياً، فبعد سنوات الحرب التي مرّ بها بات يدرك تماماً أن مصيره خاضع لاتفاقات وتفاهمات دولية وخصوصاً بين روسيا والولايات المتحدة، مع إدراكه أيضاً أن روسيا قد تأمره بتسليم السلطة في أي لحظة تقتضي مصالحها ذلك.

الأسد أيضاً يدرك أن عملية إعادة إعمار سوريا ليست واردة في خطط روسيا وإيران، فاقتصاد البلدين يرضخ تحت ضغوط اقتصادية شديدة بسبب العقوبات الغربية عليهما، وكذلك إعادة الإعمار عبر المجتمع مشروطة بتغيير سياسي لا يزال الأسد غير راغب به، وهذه المقاربة ستمنحه طوق النجاة في إطالة عمره في الحكم إلى أن يتم عقد الصفقة التي سيماطل بها الأسد لعدة سنوات في سبيل كسب الوقت، وستعطيه فرصة استعادة السيطرة على كامل مساحة البلاد من باب إعادة الإعمار، فالإسرائيليون يتحدثون عن عشرات مليارات الدولارات، والتي قد تصل في مرحلة لاحقة إلى مئات ملايين الدولارات ، ستنبثق عن إسرائيل وشركائها من  الدول الأوربية، ودول الخليج العربي الغنية، حيث المصالح المشتركة ستجعلهم شركاء ومساهمين رئيسيين فيها.

روسيا ستكون مهتمة بهذه المقاربة حيث ستخفف عنها التكاليف الباهظة الناجمة عن تدخلها العسكري في سوريا، وعاملاً مساعداً في رفع العقوبات الغربية عنها، والوصول إلى تفاهمات معها حول عدد من القضايا العالقة مثل أوكرانيا والقرم وغيرها. إضافة إلى إمكانية حصولها على تفويض دولي لانتشار طويل الأمد لقواتها في سوريا لمراقبة تنفيذ الاتفاق على الحدود السورية الإسرائيلية، كذلك احتفاظها بوجودها العسكري بالقاعدة الجوية في حميميم، وفي مرفأ طرطوس.

 

ما هي الأراضي التي يمكن أن تعيدها إسرائيل ولماذا؟

تطرح المقاربة إعادة مزارع شبعا فقط إلى سوريا، وتهدف من ذلك إلى "خلق شروخات في رواية "المحور الشيعي" –كما تقول-، فحزب الله اللبناني سيخسر استخدام المزارع كذريعة أساسية للصراع مع إسرائيل، لكن يبدو أن المقاربة ترمي إلى نقل النزاع على المزارع بين حزب الله ونظام الأسد الذي تحدث أثناء حرب 2006 أن مزارع شبعا لبنانية، لكنه شدد على أن "ترسيم الحدود يكون بعد انسحاب إسرائيل من هذه المنطقة".

 

الأبعاد الاستراتيجية للمقاربة في المنطقة:

بعد أن تفتح أفقاً مهماً في حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، فإن المقاربة ستفتح أبواب عملية التطبيع مع الدول العربية، وستشكّل مدخلاً مناسباً للمصالحة العربية الإسرائيلية، ففي الوقت الراهن " تقدّم المملكة العربية السعودية وشركاؤها الخليجيون إسرائيل بشكل متزايد كحليف استراتيجي في وجه تهديد إيراني أوسع". وستمهّد الطريق بشكل جيد نحو إتمام "صفقة القرن".

الاتحاد الأوروبي أيضاً سيكون من أكبر المستفيدين، فبمجرد بدء الخطوات الأولى للمفاوضات السورية الإسرائيلية ستعتبر البلاد قد دخلت في البيئة الآمنة التي تتيح للاتحاد الأوروبي أيضاً البدء بخطوات إعادة اللاجئين السوريين.

هذه المقاربة التي صدرت عن بعض الباحثين في دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، لا يُستبعد أن تجد قبولاً لدى آل الأسد الذين دلّ تاريخهم على استعدادهم لفعل كل شيء مقابل التشبُّث بالسلطة.