السبت 2018/09/15

الغضب الإيراني ينفجر: الروس تحالفوا مع أعدائنا السعوديين وسرقوا حصّتنا من النفط

اليوم على موقع وزارة النفط الإيرانية، ممثل إيران في "أوبك" حسين كاظم بور أردبيلي يهاجم روسيا والسعودية بشدة ويتهمهما بسرقة حصة إيران في المنظمة، كما يتهمهما بالكذب حين تزعمان "أنهما تسعيان لتحقيق توازن سوق النفط العالمية"، يضيف أردبيلي: "جهود ترامب لمنع وصول إيران إلى سوق الخام العالمية دفعت بروسيا والسعودية إلى ارتهان السوق". ويختم هجومه بقوله: "التاريخ سيسجل الطريقة التي عاملت السعودية وروسيا بها إيران، وترحيبهما بمقاطعة أحد أعضاء أوبك".

هجوم آخر شنّه "كاظم غريب آبادي" مبعوث إيران الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا بقوله "لا يحق لأي دولة أن تأخذ حصة الأعضاء الآخرين من إنتاج النفط وصادراته تحت أي ظرف من الظروف، ومؤتمر أوبك الوزاري لم يصدر أي إذن بمثل تلك التصرفات". كما حثّ دبلوماسي إيراني كبير الأمين العام لمنظمة أوبك "محمد باركيندو" خلال اجتماع معه على النأي بالمنظمة عن السياسة. حسب رويترز.

النار كانت تحت الرماد، والغضب الإيراني الصامت على روسيا منذ شهر حزيران الماضي حين دعمت جهود زيادة الإنتاج "لتعويض أي نقص في إمدادات النفط، نتيجة تعثر إنتاج فنزويلا وإيران، بسبب مشكلات اجتماعية وعقوبات دولية". انفجر الآن، فالأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها إيران بسبب العقوبات الأمريكية عليها وصلت إلى مستويات باتت تهدد بسقوط النظام الإيراني برمّته، والعديد من الدول والشركات الاقتصادية العملاقة تتسابق في الخروج من إيران ووقف أنشطتها التجارية معها تفادياً من تطالها العقوبات الأمريكية أيضاً التي تمنع التعامل مع إيران.

بموازاة العقوبات النفطية التي دفعت عدداً من الشركات الأميركية الأوروبية للتخلي عن أنشطتها وصفقاتها التجارية مع إيران أبرزها شركة «توتال» الفرنسية، كان هناك عقوبات اقتصادية أخرى اضطرت شركات مثل «ميرسك سيلاند» الدنماركية، العاملة في مجال النقل البحري، ومجموعة «بي إس إيه» الفرنسية لصناعة السيارات إلى إلغاء عقودها مع إيران، كما تخلّت شركة «بوينغ» لصناعة الطائرات عن صفقة مع إيران بقيمة 20 مليار دولار لبيع طائرات للخطوط الجوية الإيرانية (إيران إير)، وشركة «آسمان». كما أوقفت عدة بنوك أوروبية، مثل بنك «دي.زد» الألماني، تعاملاتها المالية مع إيران.

لم تنفع الشكاوى الإيرانية في أوبك فقد "دافعت السعودية بدعم من روسيا –البلدين الأعلى إنتاجاً-بشدة عن زيادة الإنتاج نظرا لتزايد الشكاوى من دول مستهلكة رئيسية مثل الولايات المتحدة والهند والصين بشأن ارتفاع الأسعار. بدأت بالفعل الدول المستوردة للنفط الإيراني في التحول عن إيران لصالح موردين آخرين إثر اتجاه مصافي النفط في آسيا لتقليص مشترياتها من إيران، ظهر في انخفاض "واردات كوريا الجنوبية من النفط الإيراني إلى 686.8 ألف طن، مقارنة بـ1.15مليون طن في يونيو/حزيران 2017، واتجاه شركة «ريلاينس إندستريز»، التي تدير أكبر مصافي الهند، إلى وقف تدريجي لاستيراد النفط من إيران.

القيود على المعاملات المالية مع إيران تحول الآن بينها وبين الحصول على العملة الصعبة مقابل بيع نفطها، فقد صرّح عضو لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني، أسد الله هاني: "بلادنا لا تستطيع استلام عائدات النفط بالدولار واليورو على الرغم أنها الدولة الثالثة في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) من حيث صادراتها النفطية للسوق العالمية وذلك بسبب تعقيدات ومشاكل تفرضها العقوبات الأمريكية أمام التحويلات المصرفية. وأضاف "أن طهران ستستورد معدات طبية ومنتجات زراعية في الوقت المنظور لسد حاجات السوق المحلية شريطة توريد النفط الخام ثمنا لهذه المعدات"، وأشار "إلى أن إيران استخدمت آلية المقايضة خلال العقوبات التي فرضت على البلاد من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في الفترة ما بين 2012-2016".

ترامب كان قد بدأ مبكراً ترتيب مشهد سوق النفط العالمي، فيوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني القادم، ستكون مبيعات إيران من النفط قد انعدمت تماماً ووصلت صادراتها إلى الصفر إذا طبّقت العقوبات بحذافيرها، ترامب اتصل منذ مدة بالملك السعودي وبحث معه " استقرار أسواق النفط، بما يضمن نمو حركة التجارة الدولية في ضوء المتغيرات العالمية الحالية". و"ضرورة بذل الجهود للمحافظة على استقرار أسواق النفط ونمو الاقتصاد العالمي والمساعي التي تقوم بها الدول المنتجة لتعويض أي نقص محتمل في الإمدادات". وفقا لبيان صادر عن السعودية.

يعتقد الإيرانيون أن بوتين باعهم في قمة هلسنكي التي جمعته بالرئيس الأمريكي ترامب الذي أكد في محادثاته مع بوتين أهمية الضغط على إيران، كان جواب بوتين يصبّ مباشرة حول تفاهمات الطاقة عندما قال: إنّ روسيا والولايات المتحدة قد تعملان معا لتنظيم أسواق الطاقة العالمية، وأنّ روسيا "كقوة عظمى في النفط والغاز يمكننا العمل مع الولايات المتحدة لتنظيم السوق العالمي"، تحدث الرجلان يومها عن ضرورة إيجاد طريقة للتصالح بين بلديهما من أجل السلام حول العالم، حيث ذكر ترامب أن "واشنطن وموسكو يمثلان القوتين النوويتين العظيمتين كما يمتلكان 90% من الطاقة النووية".

كما يعتقد الإيرانيون أن ترامب طلب من حلفائه الخليجيين : السعودية والكويت والإمارات، التقارب مع روسيا في ملف النفط في سبيل نجاح العقوبات الأمريكية، وأن التقارب السعودي الروسي كان هو العامل الحاسم في تضييق الخناق على إيران.

ما الذي يمكن أن تفعله إيران؟

طرق تهريب النفط الإيراني تكاد تكون مسدودة، لذا ستذهب إيران إلى استخدام أساليب أخرى لمحاولة الضغط على الولايات المتحدة لتخفيف العقوبات المفروضة عليها، وكذلك العمل على ثني روسيا عن الانخراط في هذه العقوبات القاسية.

مع روسيا بدأت المناكفات الروسية الإيرانية في الملف السوري، فقي قمة طهران كانت روسيا وإيران على طرفي نقيض من قبول هدنة في إدلب، تبع ذلك في الاجتماع الثلاثي مع دي مستورا تعطيل إيران تشكيل اللجنة الدستورية التي تريدها روسيا، ولا يستبعد أن تصل الأمور إلى مواجهات على الأرض بينهما في سوريا.

مع الولايات المتحدة إيران تعمل على تعطيل الحياة السياسية في العراق، كما عملت عليها في لبنان، ولأجل الانتقام من السعودية سترفع وتيرة الحرب في اليمن وزيادة دعم الحوثيين هناك، وقد تحرك أذرعها في شرق السعودية وفي البحرين لإثارة القلاقل والفوضى عند حلفاء الولايات المتحدة. وهي وضعت الحشد الشعبي وقوات الحرس الثوري، وبعض الميليشيات التابعة لها على حدود منطقة شمال شرق الفرات الذي تنتشر فيه القوات الأمريكية وميليشيات ب ي د الكردية، وقد تعمل على الهجوم عليها.

هذا كله سيبقى في باب المناكفات ما لم تتخذ إيران قرارها الذي طالما هدّدت به، وهو إغلاق مضيق هرمز الذي تمر عبره 40% من إمدادات النفط العالمية، لتحرم دول الخليج من تصدير نفطها أسوة بالنفط الإيراني.

لو حدث هذا فإن الدراسات تشير إلى أن سعر برميل النفط سيقفز إلى 200 دولار، وستكون الولايات المتحدة وروسيا هما المستفيد الأول من هذه الحالة حيث خطوط نقل الطاقة لديهما لن تتأثرا بإغلاق مضيق هرمز وسيكون لديهما القدرة على تعويض إمدادات الطاقة، وستنفردان بالسوق العالمية تقريباً.

هل ستكون الدول الخليجية قد وقعت هي في الفخ أيضاً في خطة أمريكية روسية لضرب اقتصاد المنطقة بالكامل، تمهيداً لإعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد، الذي يحافظ على مصالح القوى العظمى، ويكرّس الهيمنة الإسرائيلية، ويضمن أمنها من أي تهديدات محتملة؟