الأثنين 2017/11/13

العفو الدولية…اتفاقات المصالحة التي تؤدي إلى تهجير قسري “جريمة حرب”


مركز الجسر للدراسات...


صدر اليوم 13/11/2017 تقرير منظمة العفو الدولية :أمنستي" حول اتفاقات المصالحات المحلية التي اعتمدها النظام "كإحدى الاستراتيجيات الأساسية الرامية إلى إرغام المعارضة على الاستسلام" كما يقول التقرير المعنون بـ "إما ترحل أو نموت، التهجير القسري بموجب اتفاقات "المصالحة" في سوريا.

واقع المصالحة بحسب التقرير "أنها تأتي بعد حصار مطوّل غير مشروع، وعمليات قصف، وتفضي في كل الأحوال لا إلى إخلاء أعضاء الجماعات المسلحة غير الرسمية فحسب، بل إلى النزوح الجماعي للمدنيين، وقد مكّنت هذه الاتفاقات نظام الأسد من حيث الجوهر استعادة السيطرة على الأراضي عن طريق تجويع السكان الذين رفضوا حكمها، ثم إخراجهم منها، وقد أصبحت عمليات إخلاء السكان بالحافلات الخضراء التي باتت معروفة الآن رمزاً للتجريد من الممتلكات والهزيمة.

تقول منظمة العفو الدولية إنه: "ينبغي النظر إلى هذه الاتفاقات في سياق العدد الهائل من مخالفات القانون الإنساني الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان التي سبقت تنفيذها، ووقعت خلال التنفيذ وبعده".

بعد دراسة مستفيضة لباحثي المنظمة في الفترة بين أبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول 2017، ومقابلات مع 134 شخصاً من بين السكان النازحين الذين عايشوا الحصار والتجويع، وموظفي المعونة الإنسانية، والخبراء الدوليين، والصحفيين، ومسؤولي الأمم المتحدة المطّلعين على الأحداث المعنية، توصلت الدراسة التي شملت أرع اتفاقات: داريا، مدينة حلب، حي الوعر بحمص، المدن الأربع، إلى نتائج خاصة لكل من نظام الأسد، ولجماعات المعارضة المسلحة، ولحكومتي روسيا وإيران، ولمجلس الأمن الدولي، وللمجتمع الدولي.

أهم النتائج تلخّصت بـ:

1- لم تنفّذ عمليات نزوح المدنيين الناتجة عن اتفاقات "المصالحة" المحلية والموثقة في هذا التقرير من باب الحرص على سلامة المدنيين، أو لضرورة عسكرية ملحّة، ما يعني أنها تمثل انتهاكاً لحظر التهجير القسري، وقد سبقت هذه الاتفاقات المسمّاة باتفاقات "المصالحة" بين نظام الأسد والجماعات المعارضة المسلحة انتهاكات سافرة لحقوق الإنسان، ومخالفات صارخة للقانون الإنساني الدولي مثل الحصار المطوّل، والهجمات غير المشروعة على مناطق كثيفة السكان، وارتُكبت هذه الانتهاكات والمخالفات في إطار سياسة رسمية لمعاقبة المدنيين الذين اعتُبروا مساندين للمعارضة المسلحة.

2- تبيّن الأدلة التي يقدمها هذا التقرير أن نظام الأسد قامت بشكل ممنهج ومتعمد بإخضاع سكان داريا، وحلب الشرقية، وحي الوعر، ومضايا، لحصار مطوّل يسدّ سبل الحصول على الغذاء وغيره من الضروريات الأساسية، ويقيّد الحصول على المعونة الإنسانية والطبية، ويقطع إمدادات الكهرباء والمياه، وصاحبت ذلك هجمات جوية وبرية غير مشروعة أدت إلى مقتل وإصابة مئات المدنيين، ويُعدّ كثير من الممارسات التي نُفّذت خلال هذا الحصار والقصف من بين جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية.

3- لا يزال تأثير اتفاقات "المصالحة" الأربعة محسوساً بوضوح لدى من وجدوا أنفسهم نازحين في أعقابها، فآلاف المدنيين الذين نزحوا قسراً نتيجة لهذه الاتفاقات ما زالوا يعيشون في ظروف إنسانية بالغة الصعوبة، وأغلبهم يقيمون في مناطق تسيطر غليها المعارضة في شمال سوريا، ولا يتمتعون إلا بإمكانية محدودة للحصول على المعونة الإنسانية، أو فرص العمل، واحتمالات عودتهم ضئيلة حالياً، فمنازل كثير منهم لحقت بها أضرار ـو تحولت إلى أنقاض، وغالباً ما يكنّون خوفاً حقيقياً من احتمال التعرض للانتقام على ايدي نظام الأسد أو جماعات المعارضة المسلحة، كذلك دُمّرت البنية الأساسية في داريا وحلب الشرقية في الضربات الجوية، وهو ما يجعل هاتين المنطقتين غير صالحتين للسكن إلى حد ما.

4- عبّرت بعض أطراف المجتمع الدولي مثل الاتحاد الأوربي وروسيا في السنة الأخيرة وبوتيرة متزايدة منذ أبريل/نيسان2107 عن رغبتها في دعم جهود إعادة الإعمار في سوريا غير أنه ليس واضحاً أي إجراءات سيتخذها نظام  لضمان العودة الطوعية والآمنة للنازحين داخلياً واستعادتهم لممتلكاتهم.

توصيات لنظام الأسد

دعت منظمة العفو الدولية نظام الأسد إلى: رفع الحصار عن المناطق السكنية المدنية، والسماح لوكالات الأمم المتحدة وشركائها المنفذين بالوصول دون معوقات إلى المدنيين المحتاجين، ووضع حد للهجمات المباشرة على المدنيين والمستشفيات والمدارس والمنازل، ووضع حد للهجمات غير المتناسبة، والتي تُشنّ بلا تمييز، والكشف عن مصير ومكان الأفراد الذين أُخضعوا للاختفاء القسري، والإفراج عن جميع المحتجزين تعسفياً، والسماح للجان التحقيق الدولية، والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان بدخول سوريا والتعاون معها، وتوفير ما يلزم من الغذاء والماء، والمأوى والسكن، والملبس المناسب والخدمات الطبية للنازحين في الحالات التي يكون فيها النزوح أمراً لا يمكن تفاديه لضرورة عسكرية ملحّة أو حفاظاً على سلامة المدنيين، وضمان ألا يستمر النزوح إلا أقصر مدة ممكنة، واحترام حق المدنيين في العيش حيثما شاؤوا، والسماح للمدنيين الذين نزحوا بالعودة إلى منازلهم في أمن وكرامة وبطريقة طوعية، وضمان الاحترام التام لحق الضحايا في نيل التعويض الكامل حسب المبادئ الدولية، وإنشاء هيئات رسمية بالتعاون مع الوكالات الدولية لمراقبة وتسهيل عملية رد الممتلكات والتعويض.

توصيات لجماعات المعارضة المسلحة

دعت المنظمة "حركة أحرار الشام الإسلامية" و "هيئة تحرير الشام" إلى رفع الحصار عن كفريا والفوعة وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية، ووضع حد للهجمات المباشرة على المدنيين، والتعاون مع لجان التحقيق الدولية.

توصيات لحكومتي روسيا وإيران

دعتهما المنظمة إلى ضمان ألا يشمل أي اتفاق بين أطراف الصراع التهجير القسري للمدنيين، كما دعتهما لممارسة ضغوط على نظام الأسد لرفع الحصار عن السكان المدنيين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، والسماح للمدنيين النازحين بالعودة الطوعية والآمنة إلى ديارهم.

توصيات لمجلس الأمن الدولي

كررت المنظمة تشديدها على دعوتها لمجلس الأمن الدولي إلى:

1- إحالة الوضع في سوريا إلى المدعي العام "للمحكمة الجنائية الدولية".

2- المطالبة بالسماح "للجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا"، و"الآلية الدولية المحايدة والمستقلة"، والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان بدخول سوريا دون معوقات.

3- فرض عقوبات موجهة تستهدف المسؤولين عن جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية بالمخالفة لقرار مجلس الأمن الدولي 2139.

4- فرض حظر للسلاح على نظام الأسد .

توصيات للمجتمع الدولي

حثّت منظمة العفو الدولية جميع الدول على الإدانة العلنية للتهجير القسري غير المشروع للمدنيين، وفرض حظر شامل للسلاح على المستوى الوطني و(متى أمكن) على المستوى الإقليمي على نظام الأسد في غياب حظر للسلاح معتمد من مجلس الأمن على أن يسري ذلك الحظر بشكل فوري، واتخاذ إجراءات فعالة لمنع الدعم المالي والمادي للجماعات المعارضة المسلحة التي ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وضمان ألا تساهم أي مساعدة مالية تقدم لنظام الأسد دعماً لإعادة إعمار المناطق التي خضع المدنيون فيها للنزوح القسري في وقوع انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وضمان أن تمنح مساعدات التنمية الأولوية للفئات الأكثر عرضة للتهميش والحرمان، وإنشاء وتمويل برامج تهدف إلى العدالة وجبر الضرر للضحايا وأسرهم، والمشاركة الفعالة للمجتمعات المتضررة في برامج التنمية الوطنية.