الخميس 2018/05/03

الأسد يقتل بالمبيدات الحشرية الرخيصة، عليه أن يتوقف قبل أن تنهار مبيعات الأسلحة التقليدية

الديكتاتور يضرب في سوريا بالكيماوي من جديد، لم تفلح خمسة قرارات صادرة عن مجلس الأمن من منعه، وإن كان فيها تهديد بفرض تدابير بموجب الفصل السابع في حالة عدم الامتثال، يعود تاريخ هذا التهديد إلى عام 2013 بالقرار 2118.

"القتل هو القتل" بأي سلاح كان، الديكتاتور قتل ما يزيد عن نصف مليون سوري، لكنه مضطر لاستخدام الكيماوي، فبعد سبع سنوات يعجز عن حسم المعركة رغم استقدام كل أشرار الأرض لقتل الشعب السوري: الجيش الروسي، والحرس الثوري الإيراني، وحزب الله اللبناني، وميليشيات شيعية طائفية، ومرتزقة مأجورون يمتهنون سفك الدماء والسلب والنهب.

لا يوجد حرب اليوم في هذا العالم بين دولتين، بل الصراعات كلها داخلية بين ديكتاتور يشبه الأسد، وبين شعوب تتوق إلى الحرية والكرامة، وتطالب برحيل حكام قساة فاسدين يتشبثون بالسلطة، ويمارسون الاستبداد، وكل أنواع الاضطهاد، وهؤلاء الديكتاتوريون يراقبون إن كان الأسد سينجو بفعلته فيحذون حذوه، أم سيساق إلى جرائم الحرب الدولية، ويكون عبرة ورادعاً لهم لعدم استخدام الكيماوي في إبادة شعوبهم.

أوباما الرئيس الأمريكي وضع الخط الأحمر للأسد "لا تقتل بالكيماوي"، وترامب قصف النظام بعد مجزرة خان شيخون 2017، ومجزرة الغوطة 2018.

ماذا عن القتل بالأسلحة التقليدية؟!الأسد يقتل منذ سبع سنوات، ولا يبدو أنه يواجه مشكلة في هذا، فقط هذا القتل "مكلف" من الناحية المادية، وخزانته لم تعد باستطاعتها نفقات شراء الأسلحة "المرتفعة الثمن"، لكن لا بد من استمرار القتل لإنهاء الثورة، ستكون "المبيدات الحشرية" سلاحه الفتّاك الرخيص، والديكتاتور الطبيب المريض نفسياً تحدث في وقت مبكر من عمر الثورة، عن "مؤامرات كالجراثيم تتكاثر في كل لحظة وكل مكان لا يمكن إبادتها ، إنما يمكن العمل على تقوية المناعة في أجسادنا لصدها" الطبيب فشل في تقوية المناعة فلجأ إلى إبادة الشعب "المشترك في المؤامرة "عليه كما تباد الجراثيم والحشرات.

يعلم العالم جميعاً أن غاز السارين، السلاح المفضل لدى الأسد قد تم اكتشافه عن طريق المصادفة عام 1938 من قبل علماء ألمان كانوا يعملون في صناعة المبيدات الحشرية.

تقول قصة اكتشاف هذا المبيد أن ألمانيا النازية كانت قد طلبت من العلماء تطوير مبيدات، للقضاء على الحشرات التي تغزو المحاصيل الزراعية، وإنتاج أعلى معدل من المواد الغذائية، للاستغناء عن الحاجة لاستيرادها في وقت كان النازيون فيه يتأهبون للحرب.

السارين المكتشف لم يكن صالحاً لاستخدامه على النباتات والمحاصيل الزراعية، كان قاتلاً للبشر والحيوانات بصورة مروّعة، ظنّ العلماء أنهم فشلوا في تجاربهم تلك، لكن النازيين كان لهم فيه رأياً آخر، راق ذلك لهتلر، وأمر بتحويل المشروع إلى هيئة صنع الأسلحة. وهو من أطلق عليه اسم «السارين» الذي يرمز للحروف الأولى من أسماء العلماء الذين اكتشفوه.

اليوم الولايات المتحدة تحتل الصدارة كأكبر بائع للأسلحة في العالم حسب التقرير الصادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري"، الذي أكد أن تجارة الأسلحة في العالم ازدادت خلال السنوات الخمس الماضية بنسبة 10 بالمائة، وأن نسبة مبيعات الولايات المتحدة 34 بالمائة من مبيعات الأسلحة العالمية خلال تلك الفترة، وتأتي على إثرها دول مجلس الأمن دائمة العضوية وألمانيا، في التربع على عرش تجارة السلاح في العالم.

يقول تقرير سيبري إن دول منطقة الشرق الأوسط ضاعفت وارداتها من الأسلحة، فقد شهدت الفترة بين 2013 و2017 زيادة بنسبة 103 بالمائة مقارنة بالأعوام الخمسة التي سبقت، وبما يوازي 32 بالمائة من جميع صادرات السلاح في العالم، وبواقع 462 مليار دولار من السلاح الأمريكي فقط، تحتل السعودية المركز الثاني عالمياً والأول عربياً في شراء السلاح، وجاءت مصر والإمارات على الترتيب كأكثر الدول شراءً للسلاح عالمياً، وبحسب وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في تقريرها السنوي حول مبيعات الأسلحة التي قامت بها شركات التسليح الأمريكية حول العالم، يقول التقرير إنها تخطّت أكثر من 1.1 تريليون دولار خلال عام 2017، وأنها "الأعلى" في المبيعات حتى الآن.

بحسب تقرير نشره الروس "أن إدارة الرئيس دونالد ترامب شارفت على استكمال خطة تطالب الدبلوماسيين الأمريكيين بالمساعدة في الترويج لصفقات في الخارج لصناعة السلاح الأمريكية، وأن "الخطة التي تحمل شعار "اشتر المنتج الأمريكي" ستترافق بإعلان ترامب عن "جهد حكومي لتخفيف قواعد التصدير، فيما يتعلق بمشتريات الدول الأجنبية من العتاد العسكري الأمريكي".

وأضاف التقرير "يسعى ترامب لتحقيق وعد قطعه على نفسه في الحملة الانتخابية عام 2016 لخلق وظائف جديدة في الولايات المتحدة، وذلك ببيع المزيد من السلع والخدمات في الخارج من أجل خفض العجز التجاري الأمريكي، الذي بلغ أعلى مستوياته منذ ست سنوات، مسجلا 50 مليار دولار، كما أن الإدارة تتعرض لضغوط من شركات العتاد العسكري الأمريكية، التي تواجه منافسة متزايدة من منافسين في الخارج مثل الصين وروسيا".

ونقل التقرير عن "مسؤول أمريكي كبير دون الخوض في التفاصيل إن هذا الجهد الحكومي الموسع لصالح شركات صناعة السلاح الأمريكية مع تخفيف القيود على صادرات السلاح وتحسين معاملة المبيعات للدول الحليفة والشريكة غير الأعضاء في حلف شمال الأطلسي يمكن أن يجلب صفقات إضافية بمليارات الدولارات ويتيح المزيد من الوظائف.

وقال المسؤول "نريد رفع القيود عن هؤلاء الملحقين التجاريين والعسكريين كي يصبحوا بائعين لهذه الأغراض ويكونوا مروجين لها".

تذكّروا الرئيس الأمريكي ترامب شخصياً، وهو يعرض على الأمير السعودي محمد بن سلمان لوحة بقائمة وصور الأسلحة ويشرح له ميزاتها وأسعارها، ويسأله عن العدد الذي يرغب بشرائه من كل منها، لم يكن لدى ترامب حرج أن يظهر كمندوب مبيعات، أمر يفعله جميع رؤساء الدول المنتجة للسلاح، هو من صلب مهامهم.

إذن من جانب أول يجب أن يتوقف الأسد عن القتل بالكيماوي الرخيص مهما كلّف الأمر، أمثاله سيفعلون ذلك، وسيتوقفون عن شراء الأسلحة التقليدية، وستنهار أسواقها، وتغلق مصانعها، ويفقد عشرات أو مئات الآلاف من العاملين في تصنيع وتجارة السلاح وظائفهم، هنا تكمن المشكلة، وليس في البعد الأخلاقي والإنساني للقتل بالكيماوي "فالقتل هو القتل" كما سلف.

من جانب آخر ما ذا لو انتصر الأسد بسبب أسلحة الإبادة الشاملة هذه، واستسلم الشعب السوري، ستتوقف الحرب؟! أمر خطير وغير مسموح به بتاتاً، هذا يعني توقف كل دول المنطقة عن شراء الأسلحة، فجميعها بلا استثناء متورطة بشكل أو آخر في هذه الحرب، مئات مليارات الدولارات سيتوقف ضخّها إلى جيوب الدول المصنّعة للسلاح. أين ستوضع هذه المليارات إن لم توضع في التدمير؟ ستذهب للتنمية الاقتصادية، والاستقرار الاجتماعي، والتطور العلمي والثقافي والصناعي، هذه كوارث بالنسبة للدول الاستعمارية المهيمنة على العالم في هذه المجالات.

في عالم لا يقيم للأخلاق وزناً لن يكون غريباً ظهور فضائح توريد السلاح للأسد مجاناً، أو بأسعار رمزية، أو فعل ذلك للتنظيمات الوظيفية الإرهابية الني دخلت على خط المعركة معه.

المهم استمرار السوق، وارتفاع بياناته.