الثلاثاء 2018/09/18

الأسد أسقط الطائرة الروسية عمداً، رداً على اتفاق المنطقة العازلة مع تركيا

لم يكن مقبولاً أبداً إبعاد إيران بهذه الطريقة المهينة عن لقاء سوتشي الثنائي بين تركيا وروسيا، كان واضحاً الإجماع الدولي على طرد إيران من سوريا، وإدخالها في نفق الدولة المارقة المنبوذة، إثر حصارها وتطبيق العقوبات الأمريكية عليها.

فجأة تغيرت المعطيات على الأرض وتوقف القصف الروسي على إدلب، وتوصل بوتين وأردوغان إلى اتفاق المنطقة العازلة، على أن تتولى تركيا ترتيب مناطق المعارضة، فيما تضمن روسيا عدم شنّ نظام الأسد الهجوم العسكري الذي كان يجري تجهيزه، والذي أعلن عنه الأسد متفاخراً أكثر من مرة للقضاء على آخر معاقل الإرهابيين في سوريا حسب قوله.

جميع المحللين السياسيين الغربيين كانوا يتوقعون عدم قدرة روسيا على إيقاف النظام عن بدء هذه العملية العسكرية، وأن بوتين يخدع العالم حين يوهمه بسيطرته على الوضع في سوريا، إيران هي الأقوى على الأرض بعشرات آلاف الميليشيات التابعة لها، والحرس الثوري المنتشر في طول البلاد وعرضها، إضافة إلى تغلغلها في مفاصل حساسة جداً في الأجهزة الأمنية والعسكرية، وحتى السياسية.

النظام وإيران حسما خيارهما العسكري في سوريان فالحل السياسي سيكون على حساب النظام وإيران بالدرجة الأولى.

سيكون الانتقام من تركيا أولاً بموجة اللاجئين الهائلة التي ستنجم عن مهاجمة إدلب، ومن الأوربيين ثانياً بوصول هؤلاء اللاجئين إلى حدودها بسبب انخراطهم في العقوبات الأمريكية، ومن روسيا ثالثاً بسبب تخليها عن إيران في لقاء هلسنكي مع الرئيس الأمريكي، وسرقة حصة إيران في سوق النفط العالمية، واتفاقها مع السعودية على تعويض نقص إمدادات النفط التي ستنجم عن منع إيران من تصدير نفطها، ثم أخيراً إبعادها عن الملف السوري الذي كانت تبتز العالم به، واتفاق روسيا مع تركيا في قمة سوتشي بشكل منفرد.

كان لا بد للنظام من معالجة هذا التحول الروسي الخطير في إقامة منطقة عازلة هي في شعارات النظام انتقاص للسيادة الوطنية، وحماية للمجموعات الإرهابية، وكان لا بد لإيران من المسارعة إلى محاولة إنقاذ نظامها من الانهيار بافتعال حرب كبرى تتورط فيها كل الدول المشاركة في النزاع السوري، بحيث يتم صرف الأنظار عنها قليلاً.

هذا ليس الفشل الروسي الأول في كبح جماح إيران والأسد، لطالما رفض الأسد العديد من المصالحات، ولطالما نقض العهود والمواثيق التي كان الروس يعطونها للمقاتلين وللمدنيين في مناطق المصالحات، وما يجري من انتهاكات في درعا ببعيد. النهب والسلب والإساءة للمدنيين كانت سياسة ممنهجة للنظام وللميليشيات الشيعية التابعة له.

التنبيهات والتهديدات الروسية لم تنفع سابقاً مع النظام، لكن يبدو أن روسيا وضمن تفاهمات دولية عالية وخصوصاً مع الولايات المتحدة في منع معركة إدلب، وجهت تهديداً شديد اللهجة للنظام في ضرورة التزامه باتفاق المنطقة العازلة، بعد أن سئمت من تجاوزات النظام السابقة في الاتفاقات التي تعقدها، لكن عوضاً عن رضوخ النظام، بادر فور توقيع اتفاق المنطقة العازلة إلى إسقاط طائرة روسية تحمل عددا من الجنود الروس على سواحل اللاذقية، في فوضى قصف على مخازن سلاح وتجمعات عسكرية لم تعترف أي جهة إلى الآن بمسؤوليتها عنها.

الحديث عن خطأ إسقاط الطائرة العسكرية الروسية، سيكون مؤقتاً إلى أن تتكشّف حقيقة تعمد النظام بضغوط إيرانية، أو بأيادي إيرانية القيام بهذا الفعل، وعندها سنرى رد الفعل الروسي الحقيقي على كل من النظام وإيران على حد سواء.