الأحد 2018/03/04

أمريكا ترفض طلب “المجلس الوطني الكردي” إدخال البشمركة إلى شرق الفرات

نشر "المجلس الوطني الكردي السوري" بياناً بتاريخ 1/3/2018 حول زيارة يقوم بها للولايات المتحدة الأمريكية، تخصّ بشكل أساسي منطقة شرق الفرات.

كان المجلس قد أعلن عن الزيارة في وقت سابق مبيِّناً هذا الهدف، فقد نشر على لسان " عضو هيئة الرئاسة للمجلس فصلة يوسف" قولها: "المشروع المطروح من الجانب الأمريكي والذي يعرف (بشرق الفرات) كان من موضوع نقاشاتنا، وحتى اللحظة لم يتوضح شكل المشروع ولم يعرف فيما إذا كان شكلا من الفيدرالية أو الحكم الذاتي أو الإدارة الذاتية، وماهية الخصوصية الكوردية فيه"، وأكدت يوسف "في حال عرض علينا المشروع ووجدنا فيه تحقيق مطالب الشعب الكوردي سنشارك".

كانت قيادة المجلس الوطني الكردي قد عقدت "اجتماعا مع القنصل الأمريكي وشخصيات أمريكية مهمة بالتنسيق مع مسعود بارزاني في صلاح الدين في هولير"، "تناولت النقاشات إمكانية انخراط المجلس الوطني الكردي في الإدارة الذاتية التي أعلنها حزب الاتحاد الديمقراطي ( pyd) في المناطق الكردية عام 2012 ،و أمورا أخرى تتعلق بالأحداث الجارية على الساحة السورية، و نُوقشت إمكانية مشاركة "بيشمركة روج" لضبط الأمن بالمناطق الكردية في "كوردستان سوريا". و " خلال الاجتماع تمت دعوة المجلس الوطني الكردي إلى واشنطن للقاء مندوب وزارة الخارجية الأمريكية ومستشارين في الكونغرس الأمريكي".

استبق المجلس الوطني الكردي زيارة أمريكا بلقاء "الرئيس مسعود بارزاني، في صلاح الدين يوم الأربعاء 21 شباط / فبراير 2018"، " تم النقاش حول مستقبل منطقة شرق الفرات، وبحث التطورات السياسية والعسكرية في تلك المنطقة".

طبعاً تأتي هذه الزيارة في ظل علاقة المجلس المتأزمة مع الائتلاف الوطني السوري المعارض، وهيئة التفاوض، وسط كثير من الخلافات حول العملية التفاوضية، والرؤى المطروحة حول الحل السياسي، وخصوصاً موقف الائتلاف من معركة عفرين، واعتباره PYD منظمة إرهابية.

أيضاً تأتي على خلفية شبه انحسار كامل له في الداخل إثر سيطرة قوات PYD على جميع المناطق التي كان المجلس يعتبر نفسه ممثلاً لها في أجسام المعارضة، وأمام المجتمع الدولي، حيث تعتبر العديد من الدول اليوم أن PYD، هي من يجب أن تمثل أكراد سوريا في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف، وليس المجلس الوطني الكردي.

إذن تقاسم الحكم والسلطة شرق الفرات هو المطلب الأساسي للمجلس، وهو ما فتئ يطالب PYD بتطبيق اتفاقيات هولير، والشراكة معها في إدارة هذه المناطق، ويسعى نحو فدرالية، ولا مركزية سياسية تصل إلى حد وجود دفاع وخارجية مستقلتين لإقليم كردستان سوريا، أو إقليم غرب كردستان كما يسمّونه.

الذي حرّك المجلس حقيقة هو المشروع الأمريكي الجديد لشرق الفرات، إذ بدأ الأمريكيون بالعمل على تشكيل قوة عربية من أبناء المنطقة تتولى إدارتها لاحقاً، وبشراكة مؤقتة مع PYD، وسيعمل الأمريكيون على إعادة تأهيل المنطقة وتسهيل عودة المهجرين إليها، فهذه الضمانة الوحيدة برأيهم لعدم عودة تنظيم الدولة للظهور فيها مرة أخرى.

هذا المشروع أقلق البرزاني، فبعد انهيار مشروع الاستقلال شمال العراق، وجد في ظل ظروف سوريا الفرصة سانحة لإنشاء دولة كردية بديلة عن إقليم كردستان العراق في شمال شرق سوريا، وهو دفع بالمجلس الوطني الكردي "السوري" التابع له ليطلب من الأمريكيين نقل قوات البشمركة الموجودة في الإقليم إلى سوريا، كذلك عودة اللاجئين في الإقليم، وقد تكون العملية أيضاً تتضمّن إعادة توطين قسم من أكراد الإقليم في شرق الفرات، باعتبار أنها قد تكون حلم الدولة المستقبلية التي فشلت في العراق.

المجلس الوطني الكردي سمع من الأمريكيين جواباً مخيّباً للآمال، فهم بالأصل قلقون من بقاء PYD في عمق المناطق العربية، لما يمكن أن تسببه من توترات تهدد المشروع الأمريكي برمّته، ولا تريد إعادة تجربة العراق بالتحالف مع الشيعة دون السنّة، ودوّامات العنف المذهبي التي حدثت بسبب ذلك.

حتى PYD في المشروع الأمريكي ستتحول لحزب سياسي إلى جانب أحزاب سياسية تمثل أهل تلك المنطقة، وتتحول المليشيات المسلحة إلى قوات حفظ نظام وشرطة مدنية، مثلها مثل القوات العربية، فبعد توقيع اتفاقيات وقف إطلاق النار ستتولى القواعد الأمريكية المنتشرة في المنطقة الرد على أي خروقات تحصل، كما حدث قبل أيام في حقل غاز كونيكو.

كذلك أخبر الأمريكيون الوفد الكردي حرصهم على بقاء التوازن السكاني في المنطقة كما هو، ورفضهم لأي تغيير ديموغرافي، وأنهم سيسمحون فقط بعودة أبناء المنطقة لها.

المجلس الوطني الكردي في مأزق، وهو بعد تعليق مشاركته في اجتماعات الائتلاف الوطني، وحصوله على مقعد واحد في هيئة التفاوض يكاد يخرج من الخارطة السياسية للمعارضة السورية، ويترك الساحة لاستفراد PYD، بتمثيل الكرد في المرحلة القادمة، وعليه أن يراجع سياساته التي أوصلته إلى هذا المنزلق.