الأثنين 2017/11/20

يجب على الولايات المتحدة أن تستعد لخطوة إيران القادمة في سوريا

المصدر: واشنطن بوست

بقلم: جوش روجين

ترجمة : مركز الجسر للدراسات

في الوقت الذي تحتفل فيه إدارة ترامب بالصفقة الجديدة التي تهدف إلى إنهاء المعارك شرق سوريا، يستعد كل من نظام الأسد وإيران للمرحلة القادمة من حرب طاحنة، والتي سيحاولون من خلالها السيطرة على باقي أراضي البلاد. فنجاح إيران يعتمد بشكل كبير على فهم الولايات المتحدة لهذه الاستراتيجية ومن ثم التصدي لها.

تدفع طهران بآلاف المقاتلين إلى الأراضي التي سيطرت عليها مؤخرا، هذا بالإضافة إلى بناء  العديد من القواعد العسكرية -على الرغم من أن القوات التي تدعمها الولايات المتحدة تسيطر على عدة أراض شرق نهر الفرات جنوب شرق سوريا- وكذا على طول الحدود مع إسرائيل والأردن جنوب غرب البلاد، إلا أن إيران قد أعلنت عزمها على مساعدة بشار لاسترجاع سوريا بأكملها.

شوهد الجنرال قاسم سليماني "قائد في الحرس الثوري الإيراني" شرق سوريا في محافظة دير الزور، وهو مؤشر على الأهمية التي توليها إيران للسيطرة على الأراضي النفطية القريبة من هناك. كما رُصِد وجود سليماني أيضا على مقربة من مدينة البوكمال التي تقع على مقربة من مدينة القائم العراقية القائم؛ وهي آخر نقطة في الجسر البري الذي تسعى إيران لاستكماله لربط طهران ببيروت.

إن الاتفاق الذي وقعه الرئيس ترامب مع فلاديمير بوتين في آسيا تم الترويج له على أنه السبيل لضمان بقاء المناطق المحررة في سوريا خارج سيطرة الأسد وكذا السماح للمقاتلين الأجانب بالخروج من هناك. إلا أن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قال إن موسكو ليست لديها أي نية للضغط على إيران من أجل إخراج قواتها من سوريا.

ما الذي يمكن فعله إزاء هذا الموقف؟ توصلت مجموعة مكونة من كبار الدبلوماسيين والمسؤولين العسكريين السابقين في أمريكا إلى عدد من الاقتراحات تخوِّل ترامب عدم السماح لإيران بالسيطرة على ما تبقى من المناطق المحررة في سوريا والوفاء بوعده بحد النفوذ الإيراني في المنطقة.

وفي تقرير للمعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي جاء فيه "على الولايات المتحدة أن تعيق سعي إيران إلى تحقيق النصر الكامل من خلال نظام بشار الأسد في سوريا على وجه السرعة"، مشيرا إلى أن "الوقت هو جوهر هذه المسألة".

أولا، يجب على الولايات المتحدة أن تتخذ سياسة واضحة بشأن سوريا؛ ما يزيل عنها الشكوك عن إمكانية انسحابها من سوريا الآن بعد سقوط تنظيم الدولة، وضرورة وجود سياسة واضحة تعتمد على بقاء قواتها البرية والجوية هناك، لضمان عدم قيام تنظيم الدولة من جديد، وأن الأسد لن يسترجع البلاد بأكملها، وضمان سيرورة عملية إعادة الإعمار.

ثانيا، يجب على إدارة ترامب أن تزيد من دعمها للمجتمعات السنّية بما يجعلها قادرة على العيش خارج حكم الأسد، وكذا مساعدة الجماعات المحلية التي تدعمها الولايات المتحدة على حيازة أراضٍ كافية جنوب شرق سوريا، إذ ستوفر هذه الأراضي للمجتمعات المحلية عوائد اقتصادية في الوقت الحالي ونفوذاً سياسياً لاحقاً.

ثالثا، على الولايات المتحدة العمل مع حلفاء إقليميين لردع إيران عن نقل الأسلحة والمقاتلين إلى سوريا. الشيء الذي يتطلب حظر الشحن عن طريق البحر وضمان سيطرة القوات التي تدعمها الولايات المتحدة على القرى الحدودية الرئيسية في كل من سوريا والعراق. يمكن لهذه الخطوات أن تكبح العدوان الإيراني دون إثارة نزاع مسلح مع طهران.

وكان قد قال رئيس فرقة العمل، شارلز والد، وهو جنرال عام للقوات الجوية سابقا، " علينا منع إيران من استكمال الهلال الشيعي" مضيفا، "علينا الاستمرار في العمل مع الدول التي تتمتع بنفس الرؤية".

كان ترامب على حق عندما قال إنه وجد نفسه في موقف حرج بسوريا،  وأن سياسة إدارة أوباما ودعمها المترنح للثوار السوريين، وسياستها الحالمة دون وجود دعم مالي تسببت في الوضع الراهن اليوم؛ لذا على ترامب ألا يكرر أخطاء باراك أوباما.

وقال السفير الأمريكي السابق في تركيا " نملك جميع الأوراق للفوز هنا إذا ما امتلكنا الدهاء والحكمة لخداعهم".

مضيفا "لا رغبة للولايات المتحدة لتمديد مهمتها العسكرية في سوريا؛ لكن دروس الانسحاب الأمريكي من العراق عام 2011 عالقة في أذهان القادة العسكريين"، وكان وزير الدفاع جيم ماتيس، قد تعهد الأسبوع الماضي بأن القوات الأمريكية ستبقى لمنع ظهور "تنظيم دولة ثان" وحتى بداية عملية سياسية هناك، غير أنه لم يأت على ذكر شيء بخصوص وضع حد للتهديد الإيراني من قبل أمريكا.

 

فمصلحة الأمن القومي الأمريكي واضحة، ومن شأن السيطرة الإيرانية على المناطق السورية المحررة من النظام وتنظيم الدولة أن يتسبب في المزيد من عدم الاستقرار، وزيادة مستوى التطرف وإطالة أمد الأزمة.

ويرى معاذ مصطفى، المدير التنفيذي لمهمة الطوارئ السورية، أن تحالف الولايات المتحدة مع القوات المحلية كان مفتاح هزيمة تنظيم الدولة، ولكن تحرير السوريين من سيطرة التنظيم يجب ألا يجعلهم تحت سيطرة إيران؛ لأن ذلك سيؤدي إلى إطالة أمد الأزمة.

لطالما قيل باستمرار أنه لا وجود لحل عسكري للأزمة السورية، وهو أمر صحيح. لكن لا وجود لحل دبلوماسي مع إيران والأسد في ظل سعيهما إلى الانتصار عسكريا والنجاة بفعلتهما.