الخميس 2018/11/08

واشنطن بوست: لن ننسى خاشقجي

بقلم: كاثلين باركر

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


انتهت انتخابات التجديد النصفي أخيرا وظهرت النتائج ولا يزال دونالد ترامب رئيسا. لكن على أحدهم أن يتحدث عما حدث!

عادت الأمور إلى نصابها في البيت الأبيض، لكن يبقى السؤال الملح: من أمر بالقتل الوحشي لجمال خاشقجي؟  وما تداعيات ذلك؟

هل تتذكرون خاشقجي - الصحفي السعودي الذي كان يقيم في الولايات المتحدة. والكاتب والمساهم في قسم الآراء بصحيفة "واشنطن بوست"، والذي اختفى عقب دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول للحصول على أوراق لإتمام زواجه؟  قيل إن مصرعه المروع شمل تعذيبه وقتله وتقطيع أوصاله والتخلص من جثته المقطعة إلى أجزاء على يد فريق اغتيال كانوا بانتظاره بمنشار عظام.

كانت قصة خاشقجي الحدث الرئيسي للعديد من وسائل الإعلام لأيام على الأقل، ولكن بعد ذلك، اختفى اسمه من العناوين الرئيسية بشكل تدريجي، باستثناء صحيفة "الواشنطن بوست". فتسابقت جميع المنابر الإعلامية لتغطية أحداث أخرى كحملة ترامب المقبلة.

ويوما تلو الآخر، فعل ترامب ما يفعله عادة، تفوّه بأشياء غير معقولة حتى تهتاج وسائل الإعلام وتبتعد عن حالة السخط العام، حول تحميل الولايات المتحدة للسعودية المسؤولية عن مقتل خاشقجي. وكان كل من مجلسي النواب والشيوخ ناقشا إمكانية وقف عقود بيع الأسلحة الأميركية التي تباهى بها ترامب، عدا ذلك لم تتغير سياسة الولايات المتحدة تجاه السعودية.

من الواضح أن مثل هذه المؤامرات العالمية التي تشمل القتل والمال والنفط والأسلحة والتآمر معقدة، يمكن اعتبار هذه القضية متعددة الجوانب بما يكفي لإشعال الحروب وزعزعة استقرار الأسواق العالمية. لذا فقد قررت إدارة ترامب في بداية الأزمة على ما يبدو أن تكون لطيفة مع السعودية، وكما يقول الرئيس الأميركي باستمرار، إن عواقب توتر العلاقات بين بلدينا ستكون مكلفة، سواء على الصعيد المالي أو ربما على الصعيد الجيوسياسي، و"ستصب في مصلحة إيران".

لا يوجد شيء معيب على الإطلاق بشأن ما ذكر سابقا، إلا إذا كنت تدعم الحرب السعودية المستمرة على اليمن وضخّ الأموال السعودية في جيوب المتطرّفين. لكن السعودية هي مركز العالم الإسلامي، وهذه حقيقة لا يمكن تغييرها.

وكان يُنظر إلى محمد بن سلمان، الذي هو في نفس الوقت صديق جاريد كوشنر صهر ترامب، على أنه "الأمل التقدمي الجديد" للسعودية. فقد كان يسعى إلى السماح للمرأة بقيادة السيارات والابتعاد عن التنفيذ الصارم لبعض العقوبات، كعقوبة الرجم التي تعتبر حكماً على ارتكاب بعض الجرائم.

وفي الوقت الذي يتم فيه إلغاء عقوبة الرجم، يبدو أن قتل الصحفيين المعارضين وغيرهم ممن ينتقدون العائلة المالكة أمر مقبول.

فماذا كان الرد على جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي؟ في الواقع لا شيء يذكر.

فقد اعتقلت السعودية 18 شخصا متورطين في جريمة قتل خاشقجي وأرسلت فريقا من المحققين لمساعدة تركيا في كشف حقيقة ما حدث، مع أن اثنين من أعضاء فريق التحقيق السعودي (أحدهما متخصص في الكيمياء والآخر في علم السموم) ذهبا إلى هناك فقط لتنظيف مسرح الجريمة ومحو الأدلة، وفقاً لمسؤول تركي.

في الوقت الذي لم تتهم فيه تركيا ولي العهد السعودي بإصدار أمر قتل خاشقجي، قال أشخاص مطلعون إنه من شبه المستحيل أن يكون أي شخص آخر قادراً على فعل ذلك.

ومن ثم، تُرِكنا للتكهن بأحداث رواية بوليسية دموية. ووفقا لوزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، فإن الولايات المتحدة قد تفرض (أو لن تقوم بفرض) عقوبات على "الأفراد المتورطين في تلك الجريمة"، اعتمادا على ما ستُفضي إليه التحقيقات التي يقوم بها السعوديون.

في هذه الأثناء، قام ترامب بفرض عقوبات على إيران ومن المتوقع أن تقوم السعودية بملء الفراغ الذي سيتركه النفط الإيراني ببراميل نفطها وتمنع الأسواق من الانهيار. وسيستمر شراء الأسلحة وبيعها على أساسٍ ما، وتواصل السعودية قتل الشعب اليمني.

لن يتغير شيء، لكن ينبغي على الأمريكيين ألّا ينسوا خاشقجي أبدا، وألا يتجاهلوا استعداد ترامب الواضح لغض الطرف عن هذه الجريمة.