الخميس 2018/09/06

واشنطن بوست: كتاب “ودورد” يضع البيت الأبيض في موقف حرج

بقلم: زيكي ميلر

المصدر: واشنطن بوست عن أسوشيتد برس

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

أثار كتاب لأحد المراسلين الذين ساعدوا في الإطاحة بالرئيس ريتشارد نيكسون عاصفة في البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي على إثر وصف المساعدين الحاليين والسابقين للرئيس دونالد ترامب "بالأحمق و" الكاذب"، والتشكيك في أحكام هذا الأخير، وقوله إنهم اضطروا لإبعاد الأوراق عنه لمنعه من الانسحاب من عدة اتفاقات تجارية.

لقد وضع كتاب الصحفي "بوب ودورد"، الذي عمل سابقا مع صحيفة "واشنطن بوست"، إدارة ترامب في موقف حرج؛ بسبب الأحداث التي تم الكشف عنها والمخاوف التي تثيرها تصرفات ترامب.

حصلت وكالة أسوشيتد برس على نسخة من كتاب "الخوف: ترامب في البيت الأبيض" يوم الثلاثاء الماضي، قبل أسبوع من الموعد الرسمي لنشره.

واستنكر ترامب الاقتباسات والقصص التي جاءت في هذا الكتاب على حسابه تويتر ووصفها بأنها "احتيال وخداع للجمهور"، مضيفا أن وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس ورئيس هيئة الأركان جون كيلي قد نفوا الأقوال المنسوبة إليهم في الكتاب حول انتقادهم للرئيس.

كما نفى الرواية القائلة بأن كبار مساعديه اضطروا لأخذ وثائق مهمة من مكتبه لمنعه من اتخاذ قرارات متهورة. وقال في مقابلة مع صحيفة "ديلي كولر"، "لم يمنعني أحد من القيام بأي شيء".

كان من المتوقع أن يتم نشر كتاب "بوب ودورد" منذ أسابيع، ويرى مسؤولو البيت الأبيض الحاليون والسابقون أن جميع زملائهم قد تعاونوا مع صحافي ووترغيت الشهير.

رفض البيت الأبيض التعليق على ما جاء في الكتاب، واصفا إياه بأنه "ليس أكثر من قصص مصطنعة، رويت على لسان موظفين ساخطين سابقين، لتشويه سمعة الرئيس" بحسب ما جاء في بيان صادر عن المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة هوكابي ساندرز.

طلبنا من ودورد التعليق على ما جاء في بيان البيت الأبيض؛ لكننا لم نتلق أي رد لحد الآن.

ورد في الكتاب تشكيك رئيس هيئة الأركان، جون كيلي، بشأن قدرات ترامب العقلية معلنا خلال إحدى لقاءاته قوله: "نحن في مدينة الجنون". كما ورد في الكتاب وصفه لترامب بـ "الأحمق"، وهو ما نفاه كيلي الثلاثاء الماضي.

ويشير الكتاب إلى أن المحامي السابق لترامب، جون دود، الذي كان ينوب عنه خلال التحقيق بشأن التواطؤ الروسي، قد شكك في قدرة الرئيس على تجنب التعرض للمساءلة القانونية، في حال استجوابه خلال التحقيق الذي يقوم به المحقق الخاص "روبرت مولر" حول التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الأمريكية والتنسيق مع حملة ترامب. وقال الكتاب إن المحامي "دود" استقال من منصبه في كانون الثاني/ يناير بعد الاستجواب الصوري. يقول المحامي جون دود لقد قلت لترامب "لا تدلِ بشهادتك، فإما هذا أو السجن".

وقال دود في بيان أصدره يوم الثلاثاء الماضي: "لم تكن هناك أي جلسة تجريبية"، ونفى أن يكون قد قال لترامب إنه نهايته ستكون في السجن.

نقلا عن وزير الدفاع جيمس ماتيس شرحه لترامب لمَ تحتفظ الولايات المتحدة بقواتها في شبه الجزيرة الكورية، وذلك لمراقبة أنشطة صواريخ كوريا الشمالية. مضيفاً "نحن نفعل هذا من أجل منع الحرب العالمية الثالثة"، بحسب ما جاء في للكتاب نقلا عن ماتيس.

جاء في الكتاب أن ماتيس أخبر "شركاء مقربين له أن الرئيس تصرف كطفل في الصف الخامس أو السادس".

وقال ماتيس في بيان له: "إن كلمات الازدراء التي وردت في كتاب ودورد حول الرئيس، والتي نسبت إليّ لم أتلفظ بها مطلقا ولم يتلفظ بها أحد في حضوري".

ذكر ودورد أنه بعد قيام بشار الأسد بشن هجوم بالأسلحة الكيمياوية على المدنيين في نيسان/ أبريل من عام ٢٠١٧، هاتف ترامب ماتيس وقال له إنه يريد التخلص من بشار الأسد قائلا: "اقتلوه!". جاء في الكتاب أن ماتيس "طمأن ترامب قائلا بأنه سيعمل على تحقيق ذلك، ولكن بعد ذلك أخبر أحد كبار مساعديه أنه لن يفعل شيئا من هذا القبيل". وبدلا من ذلك قدم مستشارو الأمن القومي مقترحا يفضي للقيام بالغارة جوية التي وافق ترامب على القيام بها في نهاية المطاف.

نفت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، يوم الثلاثاء أن يكون ترامب قد خطط لاغتيال الأسد. وأبلغت الصحفيين في مقر الأمم المتحدة أنها كانت مطلعة على المحادثات التي جرت حول الهجمات بالأسلحة الكيماوية، مضيفة: "ولم أسمع الرئيس يتحدث لو لمرة واحدة عن اغتيال الأسد، مضيفة أنه على الناس أن تنظر لما يكتب عن الرئيس "بتحفظ".

ادعى ودورد أيضا أن غاري كوهن، المدير السابق للمجلس الاقتصادي الوطني، تفاخر بإزالة أوراق من مكتب ترامب لمنعه من سن قوانين، بما في ذلك الجهود الرامية إلى الانسحاب من اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ومن الخروج من إحدى الصفقات مع كوريا الجنوبية.

جاء في الكتاب استهزاء ترامب من محاميه العام، جيف سيشنز، الذي كان هدفا لحالة غضب الرئيس منذ انسحابه من التحقيق الروسي.

ورد في الكتاب عن ترامب وصفه لسيشنز، "إن هذا الرجل متخلف عقليا"، مضيفا أنه "لم يستطع حتى أن يؤدي دور المحامي الموكل إليه في ألاباما".

لم يتحدث ترامب مع ودورد حتى إتمام كتابه. نشرت صحيفة "البوست" تسجيلا صوتيا لترامب يوضح دهشته عن محتوى الكتاب في محادثة هاتفية له مع ودورد في آب / أغسطس، معربا عن أسفه من أنه لم تتح له الفرصة للمساهمة في محتوى الكتاب. أخبر ودورد ترامب بأنه اتصل بمسؤولين متعددين في محاولة لإجراء مقابلة مع ترامب لكن طلبه قوبل بالرفض.

وقال ترامب لصحيفة "ديلي كولر" "لم أتحدث معه أبداً". "ربما لم تردني اتصالاته. لربما كنت سأتحدث معه إذا اتصل بي".

يأتي هذا الكتاب في أعقاب صدور كتاب مايكل وولف بعنوان "النار والغضب" في كانون الثاني/ يناير الماضي، والذي أدى إلى انشقاق بين ترامب وستيف بانون، كبير مستشاريه الاستراتيجيين سابقا، الذي تحدث إلى وولف عن الرئيس وعائلته مستعملا عبارات انتقاد شديدة اللهجة. جذب كتاب وولف اهتمام الكثيرين لاستعماله أحداثا واقعية، لكنه افتقر في كثير من الأحيان إلى الدقة.

يأتي عمل ودورد هذا بعد أسابيع من كشف مساعدة البيت الأبيض السابقة والمتسابقة في برنامج "المتدرب" أوماروسا مانيغولت نيومان، عن حقائق بخصوص عملها في البيت الأبيض، بما في ذلك تسجيلات صوتية لطردها من قبل كيلي والمحادثة التي تلت قرار طردها مع الرئيس والذي ادعى فيها أنه لم يكن على علم بقرار كيلي.

في الوقت الذي أصبح فيه مساعدو البيت الأبيض مادة دسمة للفضائح الجديدة، فقد زاد الكتاب من حدة التوتر في الجناح الغربي، خاصة بالنظر إلى التفاصيل الحميمة التي تضمنها الكتاب وعدد الأشخاص الذين تحدث إليهم ودورد.

أعرب بعض المسؤولين في البيت الأبيض عن دهشتهم من عدد الموالين السابقين لترامب الراغبين في تقديم قصص محرجة عن الرئيس ودائرته الداخلية.

قام مساعدو البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي بالتنسيق مع مسؤولين آخرين للاعتراض على بعض الفقرات المزعجة في الكتاب. لكن المطلعين على بواطن الأمور تكهنوا بأن التداعيات يمكن أن تكون أسوأ من تلك التي تلت كتاب "النار والغضب"، نظراً لسمعة ودورد.

تصدر كتاب ودورد بالفعل أعلى المبيعات على موقع أمازون يوم الثلاثاء الماضي.

انتقد ترامب بشكل متزايد المصادر المجهولة التي يستخدمها المراسلون لتغطية أخبار إدارته. يعتمد سرد ودورد على المحادثات مجهولة المصادر، ما يعني أن هوياتهم لم يتم الكشف عنها.

دافع السكرتير الصحفي السابق لجورج دبليو بوش، آري فلايشر، عن منهجية ودورد. "لقد اطلعت على كتاب بوب ودورد"، في إحدى تغريداته الثلاثاء الماضي. مضيفا "لقد كانت هناك بعض الاقتباسات التي لم تعجبني. لكن لم أظن لمرة واحدة أنه اختلقها".

ويضيف قائلا: " لدى المصادر المجهولة حرية أكبر. لكن ودورد لطالما كان واضحا، وعلى الأغلب أن أحدهم أخبره بهذه المعلومات".