الأحد 2018/06/10

واشنطن بوست: تزايد التوتر بين داعمي الأسد مع نهاية الحرب

بقلم: باسم مروة

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


أدى انتشار القوات الروسية على الحدود السورية اللبنانية هذا الأسبوع وتحديداً في المناطق التابعة لحزب الله، أدى ذلك إلى احتجاجات في صفوفه، ما دفع قواته إلى الانسحاب من مواقعها بعد يوم فقط. الشيء الذي يعتبر إشارة نادرة على التوتر الحاصل بين حلفاء الأسد.

لقد كانت الخطوة الروسية غير متوقعة في الوقت الذي كانت تنتشر فيه الشرطة العسكرية الروسية بالمناطق التي يسيطر عليها النظام وتتواجد قواتها على مقربة من مناطق خاضعة لسيطرة الثوار.

ظلت مدينة "القْصير" وضواحيها تحت سيطرة حزب الله منذ 2013، بعد أن قامت قواته بإخراج الثوار من هناك، إلى أن قامت القوات الروسية يوم الاثنين بإنشاء ثلاثة مواقع للمراقبة.

يُظهر الانتشار الروسي والانسحاب الذي تلاه أنه من المحتمل احتدام التوتر بين القوات الأجنبية الداعمة للأسد والمتمثلة في كل من روسيا وإيران والمليشيات التي تدعمها طهران في جميع أنحاء سوريا.

وقال مسؤول عسكري ضمن ما تطلق عليه إيران "محور المقاومة"، الذي يضم كلاً من إيران وسوريا وحزب الله وجماعات أخرى تقاتل إلى جانب قوات الأسد: "لقد جاؤوا ونشروا قواتهم دون التنسيق مع الآخرين".

مضيفاً أنه "من الأفضل ألا تعود القوات الروسية إلى هنا، فلا يوجد ما تقوم به.. لا وجود لمقاتلي تنظيم الدولة أو أي منظمة إرهابية أخرى في تلك المناطق، فما الذي يريدون مراقبته؟".

وردا على سؤال حول ما إذا كان هناك توتر بين حزب الله والقوات الروسية، رفض المسؤول التعليق، حيث تحدث إلى وكالة أسوشيتد برس عبر الهاتف من سوريا شريطة عدم الكشف عن هويته لعدم السماح له بإجراء مقابلات مع الصحافة. وقال إنه قبيل رحيل القوات الروسية، قام النظام بإرسال الفرقة الحادية عشرة.

في عام 2013، تدخل حزب الله بشكل علني في الحرب السورية إلى جانب قوات الأسد التي استولت على المناطق التي كانت تحت سيطرة المعارضة بمدينة القصير في حزيران/ يونيو من ذلك العام، بعد قتل العشرات من الثوار.

قامت روسيا بنشر قواتها خارج مدينة القصير بعد أن قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية القاعدة "الضبعة" الجوية القريبة من المدينة في 24 أيار/مايو الماضي، حيث قال ناشطون سوريون إن مستودعات سلاح تابعة لحزب الله قد تضررت من الهجوم، في حين لم يتم الحديث عن وجود إصابات بشرية.

ويُعتقد أن الجيش الإسرائيلي يقف وراء عشرات الغارات الجوية التي تم شنُّها في السنوات الأخيرة ضد حزب الله وإيران والمواقع العسكرية التابعة للنظام.  إذ تَعتبر كل من الحكومة الأمريكية والإسرائيلية وجود إيران في سوريا تهديداً مباشراً لإسرائيل وقد توعَّدتا بالرد.

على الرغم من عدم وجود تقارير عن حدوث اشتباكات بين المقاتلين الروس والإيرانيين أو القوات التابعة لإيران في سوريا، فقد تزايدت الدعوات الموجهة لطهران من أجل وضح حد لوجودها العسكري هناك خلال الأسابيع الأخيرة الماضية.

خلال اجتماع له مع الأسد، في الزيارة التي قام بها هذا الأخير لمدينة سوتشي الشهر الماضي، أشار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى أن التوصل إلى تسوية سياسية في سوريا يجب أن يشجّع الدول الأجنبية على سحب قواتها من هناك.

وعلّق مبعوث بوتين إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، قائلاً في وقت لاحق بأن كلام الرئيس الروسي كان موجها لكل من الولايات المتحدة وتركيا، إلى جانب إيران وحزب الله. إذ تعد هذه من الحالات النادرة التي طلبت فيها موسكو من إيران عدم البقاء عسكرياً في سوريا بشكل دائم.

أصدر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قائمة مطالب الشهر الماضي لإبرام صفقة نووية جديدة مع إيران، تضمَّنت هذه المطالب سحب إيران قواتها من سوريا كشرط أولي، كما حذرت إسرائيل بأنها لن تقبل بوجود عسكري إيراني دائم في سوريا.

غير أن نائب وزير خارجية النظام، فيصل مقداد، قال في حديثه لوكالة سبوتنيك الروسية أن "موضوع خروج القوات الإيرانية من سوريا ليس حتى على أجندة النقاش، لأنه يتعلق بسيادة سوريا".

قال مسؤول أمني إيراني رفيع المستوى إن طهران ستحافظ على دورها الاستشاري في سوريا وتواصل دعم "جماعات المقاومة". وفي الوقت نفسه، قال أمين مجلس الأمن القومي الأعلى الإيراني، علي شمخاني، لقناة "الجزيرة" إنه طالما أن هناك "إرهابيين" في سوريا والتهديد قائم "سنبقى في سوريا" طالما طلبت منا دمشق ذلك.

ومن جانبه، قال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله في خطاب له يوم الجمعة: "إذا حاول العالم أجمع أن يفرض علينا أن نخرج من سوريا فإنه لن يستطيع"، مضيفاً أن حزبه سيغادر في حال طلب النظام منه ذلك.

وتأتي هذه الخلافات وسط تصاعد التوتر في جنوب غرب البلاد بالقرب من الحدود مع إسرائيل، حيث ضربت إيران في أوائل أيار/ مايو الماضي مواقع إسرائيلية في مرتفعات الجولان، رداً على الغارات الجوية المتكررة على سوريا.

وفي 10 أيار/ مايو الماضي، قامت إسرائيل بشن هجوم عنيف على مواقع قالت إنها تضمّ منشآت عسكرية إيرانية في سوريا. وقالت إن الهجوم جاء رداً على القصف الصاروخي الإيراني على مواقعها في الجولان، حيث اعتبرت هذه المواجهات الأعنف من نوعها حتى الآن.

تستخدم إسرائيل في الغالب المجال الجوي اللبناني لضرب أهداف داخل سوريا في تحرك واضح لتجنب أي صراع مع الطائرات الحربية الروسية التي تحلق فوق سوريا. تمتلك روسيا قاعدة جوية رئيسية بالقرب من الساحل السوري، حيث كانت تقلع الطائرات الحربية لتوجيه ضربات للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة في جميع أنحاء سوريا.

يقول فواز جرجس، "أستاذ جامعي لبناني-أمريكي في سياسة الشرق الأوسط والعلاقات الدولية بكلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية": "هناك أدلة واضحة على أن روسيا قد غضّت الطرف عن غارة إسرائيل الجوية في سوريا ضد الوجود العسكري الإيراني" مضيفاً أن "هذه رسالة مباشرة بأن روسيا لا تريد أن يكون لإيران موقف هيمنة في سوريا".

تعتبر روسيا وإيران من الداعمين الرئيسيين للأسد لكن تربط موسكو علاقات وثيقة مع إسرائيل حيث زار رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو روسيا عدة مرات خلال العامين الماضيين. في إحدى الرحلات الشهر الماضي، وقف بالقرب من بوتين أثناء حضوره مسيرة ضخمة للقوات الروسية بمناسبة النصر الذي حققته روسيا خلال الحرب العالمية الثانية.

وتفيد تقارير أن روسيا تلعب دور الوسيط في انسحاب القوات الإيرانية ومقاتلي حزب الله من مناطق قريبة من الحدود الإسرائيلية، إذ من المتوقع أن تشن قوات النظام هجوماً على الثوار الموجودين هناك.

كما قال ماكسيم سشيكوف، محرر بموقع (المونيتور): "ما يحدث بعد ذلك ليس مشكلة روسيا: إيران ستقاتل إسرائيل لقرون، ولن يقبل نتنياهو بخروج إيران من جنوب غرب سوريا فقط، فهو يسعى إلى أن تكون سوريا خالية من أي نفوذ إيراني، وهو أمر مستحيل الآن وفيما بعد"، مضيفاً أنه "لا تستطيع روسيا ولا أي دولة أخرى ضمان ذلك".

منذ سبتمبر / أيلول 2015، حققت قوات الأسد مكاسب قوية على الأرض ضد الثوار بفضل الغطاء الجوي الروسي والقوات البرية التي تتألف في معظمها من مقاتلين من إيران ولبنان والعراق وأفغانستان، حيث أصبح الأسد يسيطر الآن على أكثر من نصف الأراضي السورية بما في ذلك أكبر أربع مدن.

لا يبدو أن القوات الروسية ستغادر موطن قاعدتها البحرية الوحيدة خارج الاتحاد السوفييتي السابق في أي وقت قريب. فقد قام البرلمان الروسي في كانون الأول/ ديسمبر الماضي على تمديد استخدام للقاعدة البحرية في مدينة طرطوس لمدة 49 عاماً، وتوسيعها في أعقاب إعلان فلاديمير بوتين عن انسحاب جزئي للقوات الروسية من البلاد.

يقول جرجس: "في السنوات الثلاث الماضية، تقارب النفوذ الروسي والإيراني في سوريا. لقد أرادوا إنقاذ نظام الأسد.. وبما أننا نشهد بداية نهاية المرحلة العسكرية، فإننا نشهد تبايناً للمصالح بينهما".