الأحد 2018/03/11

واشنطن بوست : ترامب يعطي الضوء الأخضر لقتل وقصف المزيد من الأطفال

المصدر: واشنطن بوست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


 بعد مرور أسبوعين على قرار مجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار في سوريا لمدة 30 يوما، لاتزال القوات الروسية وقوات نظام الأسد يواصلان قصفهما بلا هوادة، فيما يمكن اعتباره أكثر الهجمات دموية وأشدها وحشية. تسعى هذه القوات إلى السيطرة على الغوطة الشرقية بطرد مقاتلي المعارضة السورية، حيث يوجد أكثر من 400 ألف مدني تحت الحصار منذ 2013.

عشرات الأشخاص يُقتلون يومياً، حيث قتل 93 مدنياً الأربعاء الماضي. كما إن هناك عدة تقارير تؤكد استهداف المستشفيات والمدارس واستخدام غاز الكلور، والتي يمكن إدراجها جميعاً تحت مُسمى "جرائم الحرب".

وللأسف، لا يُعدُّ ما يحدث اليوم في الغوطة الشرقية أمراً جديداً. فقد وافقت روسيا والأسد على "اتفاقات وقف إطلاق النار" و "مناطق خفض التصعيد" وكذا "هدنة" تسمح بدخول المساعدات الإنسانية للغوطة الشرقية، فقط ليستمرا بشن اعتداءاتهم العسكرية.

إن تعنتهما هذا نابع من عدم قدرة أي قوة أخرى على تنفيذ أية من قرارات الأمم المتحدة أو اتفاقيات الأسلحة الكيماوية أو معاقبتهما على الجرائم التي يرتكبانها.

 

ورغم استمرار القصف، فإن هناك أملا بألَّا يستمر النظام بإفلاته من العقاب، فمنذ 2011 قامت لجنة تابعة للأمم المتحدة بجمع الأدلة على جرائم الحرب في سوريا لعرضها على مجلس حقوق الإنسان، لتقوم المحاكم الدولية والمحلية بالنظر فيها.

تضمّن تقرير أخير لهذه اللجنة، الذي يغطي الفترة ما بين تموز/ يوليو وحتى كانون الثاني/ يناير الماضيين، تفاصيل مروعة حول القصف الذي تتعرض له الغوطة الشرقية من قبل قوات النظام وروسيا. ويقول التقرير إن الحصار الذي تعيشه الغوطة، "تتخلله العديد من جرائم الحرب الأخرى، بما في ذلك استخدام الأسلحة المحظورة، والهجمات ضد الأهداف المدنية، والتجويع الذي يؤدي إلى سوء التغذية الحاد، والحرمان الروتيني من عمليات إجلاء المرضى". كما يتم قصف المستشفيات والمدارس بشكل ممنهج؛ حيث تم قصف ثلاث مدارس جواً في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.  كما قُتِل وجُرِح المئات من العاملين في المجال الطبي خلال غارات جوية، وأصبحت النساء الحوامل يلدن في منازلهن عوض تعريض أنفسهن للخطر بالذهاب إلى المستشفى.

ووثّق تقرير اللجنة التابعة للأمم المتحدة استخدام غار الكلور ثلاث مرات ضد مقاتلي المعارضة في حزيران/ يونيو من العام الماضي، بالإضافة إلى هجمات أخرى في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حيث استُخدم مُبيدٌ يحتوي على الفوسفور. وقد ارتُكبت هذه الأعمال الوحشية بدِقة متناهية.

أمر الرئيس ترامب بشن هجوم للرد على نظام الأسد على أعقاب استخدامه غاز الكلور العام الماضي، لكنه لم يُبدِ رأيه بشأن الهجمات التي تتعرض لها الغوطة الشرقية اليوم، لذا فمن المرجح أن تستمر.

كما استهدفت القوات الروسية أيضا المدنيين، وقامت الأمم المتحدة بتوثيق إحدى الهجمات التي قامت بها روسيا ووصفتها بأنها "جريمة حرب". في 13 نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، تم رصد طائرة روسية تقوم بسلسلة من الضربات الجوية على السوق الرئيسية بالإضافة إلى منازل محيطة بها في بلدة "الأتارب" بمحافظة حلب. يقول التقرير إن 84 شخصًا على الأقل قد لقوا حتفهم، من بينهم ست نساء وخمسة أطفال. يضيف التقرير أن الطائرة أسقطت "أسلحة متفجرة" بشكل عشوائي، على الرغم من أن "استخدام مثل هذه الأسلحة في منطقة مكتظة بالسكان سيؤدي إلى قتل مدنيين وهو ما كان مقصودا دون شك.

وفي الوقت الذي تستمر فيه الهجمات على الغوطة الشرقية، أعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، هيذر ناويرت، عن اعتراضها عما يجري هناك في تغريدة لها على تويتر. إن المعضلة تكمن في أن روسيا على علم بأن ترامب لا يهتم لما يجري في الغوطة.

فعندما سئل عن موقفه مما يجري في الغوطة في 23 شباط/ فبراير الماضي، رد قائلا: إن "المصلحة الوحيدة للولايات المتحدة في سوريا، من وجهة نظري، هي التخلص من تنظيم الدولة وعودة القوات الأمريكية إلى الديار". أما بالنسبة لكل من نظام الأسد وروسيا فهذا يعد ضوءاً أخضر أو "دعوة مفتوحة" للاستمرار في قتل الأطفال وتدمير المستشفيات وارتكاب جرائم حرب أخرى.