الخميس 2018/05/31

نيويورك تايمز: حملة جديدة للقضاء على تنظيم الدولة لكن خطره لا يزال قائما

بقلم: إيريك سميث

المصدر: نيويورك تايمز

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


هجوم بري جديد بدعم من الولايات المتحدة على آخر جيوب مقاتلي تنظيم الدولة في شرق سوريا خلال الشهر الماضي، في محاولة للقضاء على قدرة مقاتليه على شن هجمات جديدة.

 

تم تفعيل مهمة القضاء على تنظيم الدولة من جديد قبيل عودة كبار القادة الأكراد إلى ساحة القتال، وزيادة أعداد القوات الخاصة الفرنسية وكذا وصول المقاتلات البحرية بالإضافة إلى المعلومات السرية التي حصل عليها جواسيس عراقيون.

 

لكن قد لا تستمر هذه الحملة أكثر من ستة أشهر لملاحقة بضعة مئات من المقاتلين، وهو وقت لا يكفي للقضاء على التهديد الذي يشكله هذا التنظيم.

 

قد لا يكون الدعم الذي تحظى به هذه الحملة كافيا بسبب الموقف المتذبذب للرئيس دونالد ترامب وتهديده بإخراج نحو 2000 جندي أمريكي، بما في ذلك المئات من مستشاري العمليات الخاصة وقوات الكوماندوز من سوريا.

 

لقد لعبت الوحدات الكردية في شرق سوريا دورا مهما في معركة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة كحليف لها على الأرض، لكن موجة الهجمات التركية التي تعرّض لها المقاتلون الأكراد في الشتاء الماضي شمال غرب سوريا، دفعت بهم نحو الحدود العراقية؛ الشيء الذي أدى إلى عدم مشاركتهم في الهجوم الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة.

 

وقد سمح غيابهم هذا للعديد من مقاتلي الدولة الذين بقوا على قيد الحياة بالفرار، واستعادة بقايا الأراضي وشن هجمات جديدة في مختلف أنحاء البلاد من مخابئهم. وقال مسؤولون في إدارة ترامب إنه قد تم منح ستة أشهر على الأقل لكل من وزير الدفاع جيم ماتيس وكبار القادة الأمريكيين للقضاء على تنظيم الدولة في شرق سوريا.

 

كما قال سميث جي جونز، مدير مشروع التهديدات عبر الحدود الوطنية، في مركز الاستراتيجية الدولية إن "تنظيم الدولة قد حول نشاطاته الآن إلى ما يعرف بحرب العصابات، ما يعني احتمالية بقائه كقوة بشرق سوريا وغرب العراق خلال السنوات القادمة".

 

فمنذ سقوط الرقة عاصمة تنظيم الدولة، أواخر العام الماضي، بدأت الطائرات الحربية الأمريكية والمتحالفة معها بالاعتماد بشكل رئيسي على المقاتلين الأكراد لملاحقة مقاتلي تنظيم الدولة وطردهم من مواقعهم القتالية المحصنة، لكن الأكراد كانوا قد بدؤوا بالفعل بمغادرة مواقعهم في أعقاب الهجوم التركي أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي.

 

لقد شكلت القوات الكردية الدعامة الأساسية في طرد تنظيم الدولة من الرقة ومطاردة الفارين منهم نحو الجنوب على طول وادي نهر الفرات وصولا إلى الحدود العراقية. جاهدة للقضاء على بضع مئات من المقاتلين الذين تُركوا في جيبين رئيسيي آخرين.

 

يقول النائب دون بيكون، العميد السابق الذي خدم في الجيش الأمريكي بالعراق، خلال جلسة استماع للجنة الأمن القومي بمجلس النواب: "إنه حتى لو تمت الاستعانة بمزيد من القوات فإن تنظيم الدولة سيبقى تهديداً، حيث إن هذا التنظيم قادر على إعادة تنظيم نفسه مرة أخرى".

وقد بدأت هذه المواجهة فعلا في التحول بعد أن أطلقت قوات "قسد" هجوما بريا جديدا في 1 أيار/ مايو الماضي والتي أطلق عليها عملية "المرحلة النهائية من عاصفة الجزيرة".

 

في غضون ذلك، أعلنت القوات الكردية في شمال سوريا يوم الخميس الماضي اعتقال الجهادي الفرنسي أدريان غيهال، الذي أعلن في تسجيل صوتي مسؤولية تنظيم الدولة عن هجمات تعرضت لها فرنسا عام 2016.

يصف شيركو هاسكي، القيادي الكردي البارز في قوات سوريا الديمقراطية القتال بالشرس، مضيفا- في مقابلة معه- "أن التنظيم استخدم المدنيين دروعا بشرية ومنع مغادرتهم؛ الشيء الذي لم يسمح للتحالف بشن هجمات جوية، وأن المواجهة امتدت لمسافة 15 ميلاً قرب وادي الفرات".

 

جاء توقيت الحملة الجديدة بناء على عدة عوامل، بما في ذلك الشعور المتزايد بأن المعركة قد توقفت في وقت محوري بالإضافة إلى امتعاض ترامب من الاشتباكات المتزايدة للجيش الأمريكي في سوريا.

 

عاد العديد من القادة الأكراد إلى ساحة القتال من معركة فاشلة ضد الأتراك في الشمال الغربي. كما شن قادة عسكريون أمريكيون، بفضل وصول مقاتلات على متن الحاملة هاري ترومان في شرق البحر الأبيض المتوسط، هجمات ضد أهداف تنظيم الدولة، حيث تم شن 44 هجمة خلال الأسبوع الواحد في 24 أيار/ مايو الماضي، لتصبح ثلاثة هجمات فقط في الأسبوع في 5 نيسان/ أبريل الماضي.

 

كما نفذت الطائرات الحربية العراقية عدة ضربات عبر الحدود ضد أهداف تنظيم الدولة في سوريا في الأسابيع القليلة الماضية. في الوقت نفسه، تسلل جواسيس عراقيون إلى خلايا تنظيم الدولة في سوريا الذين قاموا بنقل معلومات استخباراتية إلى القوات العراقية التي عززت من دفاعاتها وقامت بتنسيق الجهود مع القوات الكردية في سوريا على امتداد 30 ميلاً من الحدود العراقية السورية بحسب ما صرح به مسؤول عراقي رفيع المستوى.

 

وقال الجنرال روبرتو فاناتشي من إيطاليا وهو نائب قائد التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق وسوريا للصحفيين في البنتاغون الأسبوع الماضي "لقد قاموا بإغلاق الحدود مع سوريا بواسطة حرس مدربين تدريبا عاليا جدا وقاموا بمنع إرهابيي تنظيم الدولة من الفرار من ساحات المعارك".

 

وكان ماتيس قد قال في إفادة له أمام مجلس الشيوخ الشهر الماضي بخصوص الهجوم الوشيك الذي يضم كلا من الأكراد والعراقيين وحلفاء غربيين آخرين: "سترون مزيدا من العمليات على الحدود العراقية ومزيدا من الحزم، فقد عززت القوات الفرنسية من قواتنا في سوريا خلال الأسبوعين الأخيرين".

 

يقول مسؤولو الاستخبارات الأمريكية والغربية ومكافحة الإرهاب، إن الهزيمة التي تعرض لها تنظيم الدولة على الأرض في كل من سوريا والعراق، والحروب التي يتم شنها ضد فروع هذا التنظيم في غرب إفريقيا وصولا إلى أفغانستان، قد أخفقت في خنق قدرتها على حشد قوة عالمية فعالة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

 

ويرى مسؤولون أمريكيون وغربيون أن الحرب على تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا قد أدت إلى قلة الاهتمام والتركيز على فروع التنظيم الأخرى بكل من أفغانستان وغرب أفريقيا.

 

قال جوشوا غيلتزر، وهو مدير سابق في قسم مكافحة الإرهاب وفي مجلس الأمن القومي في إدارة أوباما في شهادته أمام الكونغرس الأسبوع الماضي، "إن لرسائل تنظيم الدولة عبر الشبكة العنكبوتية مواضيع متعددة، فإذا كانت الخسائر التي يتكبدها هذا التنظيم في ساحة المعركة تجبره على الابتعاد عن الرسائل التي تؤكد سيطرته على الأرض، فيمكن له أن يغير تكتيكه ويلعب دور الضحية “.

 

وتأتي هذه التكتيكات المتغيرة في وقت تمكن فيه تنظيم الدولة من استعادة بعض الأراضي، خاصة غرب نهر الفرات، في المنطقة التي تسيطر عليها قوات النظام ورعاته العسكريون الروس. وقال محللون غربيون وأمريكيون إن مقاتلي تنظيم الدولة قاموا بشن هجمات على الجانب الغربي من نهر الفرات ضد القوات التي تدعم النظام.

 

في نهاية الأسبوع الماضي، قتل أربعة جنود روس على الأقل يعملون مع قوات النظام وأصيب خمسة آخرون في هجوم ليلي من قبل مقاتلي تنظيم الدولة شرق محافظة دير الزور.

 

ويقول اللواء فيليكس غيدني، نائب قائد العمليات في العراق وسوريا في حديث له مع البي بي سي الأسبوع الماضي، إنه حتى لو تم القبض على آخر المقاتلين المسلحين أو قتلهم، فإن خطة تحقيق الاستقرار بالمنطقة ما زالت بعيدة المنال".