الأحد 2017/11/26

لوموند الفرنسية :  “الرياض2” تنازل عن “رحيل الأسد”

العنوان الأصلي: سوريا: وضعت المعارضة السورية مسألة رحيل الأسد جانباً

المصدر: لوموند

بقلم: بنجامين بارت

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

قام المعارضون السوريون، تحت رعاية كل من موسكو والرياض، بتوحيد صفوفهم قبل بدء مفاوضات السلام في جنيف.

إن الرسالة الضمنية التي بعثتها الرياض وموسكو إلى قوى المعارضة لدى اجتماعها في الرياض في الفترة الممتدة بين 22 و24 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي هي: أن عليها تشكيل وفد موحد وخفض سقف مطالبها بشأن رحيل بشار الأسد الذي خرج منتصرا من حرب أهلية دامت ست سنوات.

ويرى الدبلوماسيون المشاركون في العملية أنهما شرطان ضروريان لضمان عدم تحول محادثات السلام المقرر بدؤها يوم الثلاثاء 28 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة، إلى حوار عقيم، كسابقاتها.

على إثر ثلاثة أيام من المباحثات المكثفة، نفذ 150 معارضا من الذين شاركوا في تلك المفاوضات ما طلب منهم، وشكلوا "لجنة تفاوض" تحل محل "الهيئة العليا للمفاوضات"، التي شُكلت منذ سنتين، واستقال رئيسها، رياض حجاب، قبل اجتماع الرياض مباشرة. تضم الهيئة الجديدة 36 عضوا من بينهم أعضاء في منصتي القاهرة وموسكو، اللتين تحظيان بتأييد روسيا، وهما أقرب إلى توجه دمشق من الائتلاف الوطني السوري المدعوم غربيا.

ومن حيث الأسس الموضوعية، فقد غيب الإعلان الختامي أحد أهم أسس المعارضة، الذي يتمثل في عدم إمكانية الانتقال السياسي إلا بعد إزالة بشار الأسد من السلطة. إذ يدعو البيان الختامي في نصه إلى إجراء مفاوضات مباشرة، دون شروط مسبقة، ويكون كل شيء قابلا للتفاوض، بما في ذلك موضوع الرئاسة. فرحيل الديكتاتور السوري، أصبح الآن فرضية بعيدة عن الواقعية، تثار ولكن بطريقة ملتوية، كما لو أنه أصبح طموحا عاما وليس شرطا مسبقا ملحا.

المشي على حبل مشدود:

إن ما حدث طريقة للإقرار ضمنيا بفشل الثورة السورية دون رفع الرايات البيض، وهو ما وصفته المعارِضة "بسمة قضماني" قائلة " إننا نمشي على حبل مشدود". ونقل في هذا الصدد عن دبلوماسي غربي حضر المفاوضات قوله " لقد سعينا إلى جمع كل الأطراف وفتح الطريق أمام المفاوضات"، معلقا على اللجنة الجديدة "إنها تشكيلة ذكية جدا، إذ سمحت بجمع كل حساسيات المعارضة".

وقد ترأس نصر الحريري لجنة المفاوضات الجديدة، وهو عضو بالائتلاف  السوري، كما كان قد شارك في مفاوضات جنيف في جولتها الرابعة، في آذار/ مارس من هذا العام.

إن تشكيل هذه الهيئة هو نتاج توليفة واعية: فقد تم تخصيص 8 مقاعد للائتلاف الوطني السوري، الذي يضم أعضاء ليبراليين وآخرين إسلاميين، في حين خصصت 8 مقاعد أخرى لشخصيات مستقلة، و7 مقاعد للجماعات المسلحة، و 5 للجنة التنسيق الوطنية للتغيير الديموقراطي، وهو تشكيل يساري ينتقد عسكرة الثورة، في حين خصصت 4 مقاعد لمنصة القاهرة و4 آخرين لمنصة موسكو.

ستقوم أغلبية الأصوات في هذا المحفل السياسي أي ما يقارب ثلاثة أرباعها  (ما يعادل 72٪ على وجه التحديد) بالتصويت لكل القرارات المهمة. ما يُلغي أصوات الأقلية المعارضة والتي تمثل 10 أو 11 صوتاً فقط. وهذا يعني أن على ممثلي منصتي القاهرة وموسكو أن ينضمّوا إلى عضوين أو ثلاثة أعضاء آخرين في اللجنة لتشكيل أقلية معارضة.

تطور أفكار موسكو:

توعدت هذه الهيئة بالتكشير عن أنيابها في الدوائر المناهضة للأسد. وتتألف مجموعة موسكو من شخصيات لم تنتقد النظام بشكل كبير، وتعادي بشكل كبير جعل بشار الأسد موضع تساؤل، كقدري جميل، نائب رئيس الوزراء السابق الذي أقيل نهاية 2013، والذي وصف الثوريين السوريين بأنهم "عملاء للخارج ".

وقد تم تعيين ثلاثة نواب لنصر الحريري وهم: جمال سليمان، الممثل السابق للمسلسلات التلفزيونية، وعضو في منصة القاهرة؛ هنادي أبو عرب، وهي قاضية من المستقلين؛ وخالد المحاميد، وهو رجل أعمال شارك في التفاوض بشأن اتفاقات وقف إطلاق النار المحلية مع بالجيش الروسي.

وكان المحاميد قد ارتكب فضيحة هذا الصيف عندما قال إن المعارضة فقدت الحرب وإن الوقت قد حان لتغيير نهجها. وهو تصريح ردت عليه المعارضة بطرده من هيئة المفاوضات، ولا شك أن عودته مبجلا دليل واضح على تقدم أفكار موسكو داخل المعارضة السورية.