الخميس 2017/11/30

لهذه الأسباب ..لن تنجح “خطة كوشنر” في جلب السلام للشرق الأوسط

العنوان الأصلي : لا يمكن لكوشنر أن يجلب السلام للشرق الأوسط

بقلم: دوف زاخيم

المصدر: ناشيونال إنترست

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

لاتزال الزيارة السرّية التي قام بها كوشنر إلى السعودية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي تثير جدلا واسعا. ويبدو أن صهر الرئيس ترامب قد عقد العزم على العثور على الكأس المقدسة والتوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط مهما كان الثمن.

وكان الملياردير توم براك حليف ترامب قد صرح لمجلة "البوليتوكو" أنه "لطالما طُلب من كوشنر إيجاد حل للنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، وأن مفتاح ذلك النزاع هي مصر، وأن مفتاح مصر موجود في أبو ظبي والسعودية". فالرئيس الأمريكي ترامب نفسه امتدح قدرته على إبرام صفقة بخصوص السلام في الشرق الأوسط، وأنها ستكون جائزة نهائية لتأكيد تفوقه على أسلافه الذين تعذَّر عليهم تحقيق ذلك.

لكن السؤال المطروح يبقى: هل يملك كوشنر المهارة الكافية لتحقيق هذه المهمة؟ ولا سيما أنها مهمة فشِل في آدائها دبلوماسيون محنَّكون ممن لديهم خبرة تفوق خبرة كوشنر بكثير. ويبقى ما حدث بالضبط خلال اجتماعات كوشنر في الشرق الأوسط مطروحا للنقاش، لكن منتقديه يرجّحون أنه أعطى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، الضوء الأخضر لإطلاق عملية التطهير داخل أسرة آل سعود، ما أعطى انطباعا أن الإدارة الأمريكية لا تعترض على قرار الأمير محمد  الدخول في الساحة اللبنانية السياسية من خلال التحريض على استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري (التي يبدو أنه قد تراجع عنها الآن).

قد يحاول كوشنر عقد صفقة السلام في الشرق الأوسط، لكنه من غير الواضح إذا ما كان يدرك أن كلا من السعودية، الذي يأمل أن تقود العالم العربي للضغط على الفلسطينيين، وحكومة نتنياهو، التي تربطه صلة بها، لديهما أجندات خاصة لا تتفق بالضرورة مع مصالح أمريكا.

إن الإشارات القادمة من الرياض تؤكد أن ولي العهد السعودي يأمل أن يهاجم الإسرائيليون حزب الله من أجل توجيه ضربة قاسية لسياسات إيران التوسعية في المنطقة، ومن المفهوم لماذا يأمل السعوديون حدوث ذلك، إذ تستشعر التهديد إيراني، وخاصة مع النشاطات العسكرية المتزايدة لحزب الله الذي يعتبر ذراع طهران في المنطقة. وقد لعب أتباع حزب الله دورا مهما في إبقاء نظام بشار الأسد بسوريا، ومن المعروف أنهم يعملون جنبا إلى جنب مع مليشيات الحوثيين في اليمن، وفي كلتا الحالتين فإن حزب الله ينفّذ تعليمات إيران.

شن السعوديون حربا على الحوثيين في اليمن سنة 2015، كما إنهم يواصلون الضغط على قطر من خلال حصارها بدعوى دعمها لحماس وجماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى مراقبتهم ما يحدث في البحرين، عندما قاموا بإرسال قواتهم إليها سنة 2011 على الطريق في المحافظة الشرقية لمجابهة عدم الاستقرار الذي يهدد حكم آل خليفة.

أدت كل هذه الالتزامات إلى استنزاف الموارد العسكرية السعودية؛ وعليه فإنه لا يمكن للرياض أن تحارب حزب الله وحدها. فإسرائيل قوتها الخارقة.

لكن لبنيامين نتانياهو حساباته الخاصة، فالمدعي العالم الإسرائيلي ينظر في قضايا ارتباطه بقضيتي فساد موجهة له، وقضية ثالثة تتعلق بشراء غواصات ألمانية. فحلفاء نتانياهو يسعون باستماتة إلى الحؤول دون اتهام قائدهم. فحاولوا أيضا تمرير تشريع يمنع الشرطة من تلخيص وتقديم توصيات في تحقيقات رفيعة المستوى يجريها المدعي العام، ما من شأنه أن يمنع قانونيا توجيه اتهامات إلى نتانياهو.

ويبدو أن طموحات ولي العهد السعودي ابن سلمان بخصوص إسرائيل ومشاكل نتانياهو، هي المَنفذ الذي يحاول من خلاله كوشنر التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط. قد يكون السعوديون مستعدين للقبول بمبادرة السلام هذه إذا ما شنت إسرائيل حربا على حزب الله. كما إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي رفض أي اشتراك فعلي في أي عملية سلام خلال السنوات القليلة الماضية، قد يكون مستعدا للمشاركة هذه المرة، إذ إن "ذلك سيساعده على إقناع الإسرائيليين، أو حتى استبداله" بحسب أحد خصومه السياسيين.

وبالفعل، فقد صرحت صحيفة "المونيتور" بأن نتنياهو قد ينظر إلى خطة سلام أمريكية بإيجابية، أملا في أن يعزز رصيده السياسي المحلي، خاصة وأن فكرة التعاون الإقليمي مع السعودية يفترض بها أن تفضي إلى تعاون إسرائيلي-فلسطيني.

لا شك أن آخر ما تأمل الولايات المتحدة حدوثه في الوقت الحالي هو وجود صراع آخر في الشرق الأوسط. فوجود حرب إسرائيلية على لبنان في ظل الحروب الأهلية المستعرة في كل من سوريا واليمن وليبيا وعدم الاستقرار الذي يشهده العراق مع امتداد نفوذ كل من روسيا وإيران- على حساب واشنطن- سيكلف أمريكا دون شك مواردها الدبلوماسية المتضعضعة. بالإضافة إلى أن حربا لبنانية جديدة، من شأنها أن تتسبب في حرب أهلية أخرى بين كل من حزب الله والطوائف الدينية التي تمقته، قد تدفع الجيش الأمريكي إلى التدخل كما حدث سنتي 1958 و1982.

ولحسن الحظ، أنه ليس لدى إسرائيل أي مصلحة حاليا لمهاجمة حزب الله، في الوقت الذي تنتظر فيه هذه المنظمة الإرهابية الفرصة المناسبة لإشعال حرب أخرى معها، وهو ما سبب إحباطا سعوديا. وفي غياب هجوم إسرائيلي على حزب الله، لا يملك السعوديون حافزا كافيا للضغط على الرئيس الفلسطيني أبو مازن للمشاركة في محادثات السلام مع إسرائيل. ففي ظل غياب مبادرة عربية بقيادة السعودية، من غير المرجح أن يدفع نتانياهو بأنصاره في حركة المستوطنين إلى أخذ المبادرة لبدء جولة مفاوضات جديدة للسلام، إذ يمكن الاعتماد عليه من أجل التوصل إلى طريقة أخرى لتفادي الاتهامات.

لا يستوعب كوشنر ما يحدث بشكل كلي، فالتعقيدات الكبيرة التي تعيشها المنطقة، تقترح أن الرئيس ترامب بحاجة إلى شخص لا يمتلك تأثيرا كبيرا في البيت الأبيض وحسب، وإنما أيضا خبرة عميقة كمبعوث للسلام في الشرق الأوسط.

باتت التقارير الأخيرة التي ترِد من البيت الأبيض، تشير إلى أن ترامب بدأ بالفعل خفض تأثير كوشنر في ملفات السياسة الأمريكية. لكن هذا ليس كافيا،  فقد حان الوقت للانسحاب من التدخل فيما يحدث في الشرق الأوسط.