السبت 2018/07/28

لماذا يجري الأسد مباحثات جديدة مع “قوات سوريا الديموقراطية”؟

المصدر: ستراتفور

ترجمة: مركز الجسر للدراسات  


ما الذي حدث؟

سافر وفد من "مجلس سوريا الديموقراطية" -الجناح السياسي لـ"قوات سوريا الديمقراطية" المتحالفة مع الولايات المتحدة (قسد)، التي تسيطر على معظم شمال سوريا- إلى دمشق في 27 تموز/ يوليو الجاري لمناقشة البنية التحتية للكهرباء. وألمح الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية "رياض درار"، إلى إمكانية توسيع المحادثات لتشمل المسائل السياسية والأمنية كذلك.

جاءت زيارة الوفد هذه بناء على دعوة من نظام بشار الأسد، إذ لم تكن هناك شروط مسبقة للاجتماع حسب ما قاله "مجلس سوريا الديموقراطية". وفي الوقت الذي لم يصرح فيه المجلس بأن المحادثات التي يجريها هي بداية متعمدة للمفاوضات حول مستقبل شمال سوريا، فقد قال "درار" إن الوقت قد حان "لحل مشاكلنا بأنفسنا"، وهو تلميح عن الكيفية التي ترى جماعته فيها مستقبلها مع الولايات المتحدة.

لماذا تعتبر هذه المباحثات حدثاً مهماً؟

تُعتبر الولايات المتحدة شريكاً رئيسياً للأكراد في المناطق التي يسيطرون عليها في سوريا، لكن إدارة ترامب كشفت مؤخراً عن رغبتها في الانسحاب من سوريا عندما يحين الوقت المناسب. تخشى "قوات سوريا الديموقراطية" أنه بدون دعم من القوات الأمريكية، فإنها لن تتمكن من وقف أي هجوم محتمل من قبل دمشق أو الجيش التركي. (تعتبر أنقرة "قوات سوريا الديمقراطية" جزءاً من مليشيات "ب ي د" المحظورة في تركيا).

ولا يخفى على أحد اليوم سعي بشار الأسد إلى استعادة سوريا بأكملها، الشيء الذي من شأنه أن يدفع به للدخول في مواجهة مع تركيا والولايات المتحدة، غير أن قواته لا تستطيع مضاهاة قوة هذه القوى. وهكذا تستغلّ دمشق شكّ "مجلس سوريا الديموقراطية" بمدى التزام الولايات المتحدة لإجراء مباحثات مع النظام وربما استدراج مليشياته للانضمام إلى قوات الأسد. إن إبرام صفقة مع "مجلس سوريا الديموقراطية" من شأنه أن يجنب النظام شن حملة عسكرية مكلفة ضد هذه الجماعة ويساعده على تقليل النفوذ الأمريكي في سوريا بعد انتهاء الحرب، ما يمنح الأسد المزيد من السيطرة ويجعل مؤيديه الروس يبدون أكثر نجاحاً كحلفاء له. (سيكون من دواعي سرور روسيا وإيران رؤية المناطق التي تسيطر عليها "قوات سوريا الديموقراطية" تحت سيطرة الأسد).

على الرغم من أن التوصل إلى صفقة بين "مجلس سوريا الديموقراطية" ونظام الأسد أمر غير مؤكد، إلا أن الوضع في سوريا ما زال غير مستقر، في ظل وجود مجموعة كبيرة من ذوي النفوذ الذين يتنافسون من أجل السيطرة على جزء من البلاد أو كلها.

وعلاوة على ذلك، فإن الصفقة المحتملة قد تحرم تركيا من التدخل العسكري على غرار حملة عفرين في وقت سابق من هذا العام. يعتبر هذا الأمر مهما في الوقت الذي تُعتبر فيه الولايات المتحدة قوة غير إقليمية ولديها محفز سياسي قوي للانسحاب من الصراع، عكس تركيا التي تعد من القوى الإقليمية. تسعى تركيا للبقاء في سوريا لمدة أطول والاستثمار في البنية التحتية وإنشاء المؤسسات السياسية في الأراضي التي تُديرها شمال سوريا. ويسعى نظام الأسد إلى منع وجود تركي طويل الأمد في سوريا بشتى الوسائل.

ما الخطوة التالية؟

يبدو إبرام صفقة بين "مجلس سوريا الديموقراطية" والنظام بعيد المنال. لطالما سعى المجلس السياسي لقوات قسد إلى وجود حكم أكثر فدرالية واستقلالية في سوريا، لكن الصفقات السابقة التي أبرمها النظام مع جماعات الثوار الأخرى لم تسمح بتغيير سياسي في نظامه المركزي، الشيء الذي يُبعد احتمالية حصول "مجلس سوريا الديموقراطية" على ما يريد. هذا بالإضافة إلى أن انسحاباً محتملاً للولايات المتحدة من سوريا، من شأنه أن يقوّي شوكة النظام ويسمح له بفرض شروط على "قوات سوريا الديموقراطية" والمجلس التابع لها دون أي تفاوض. كما إن هناك احتمالاً آخر بعيد المنال هو إمكانية جلب الولايات المتحدة قوةً دولية، تتكون بالأساس من القوى العربية الإقليمية، لتحل محلها في سوريا، ما يسمح لـ"قوات سوريا الديموقراطية" بمواصلة بناء حاجز سياسي في المنطقة الشمالية من البلاد في الوقت الحاضر.