الثلاثاء 2017/10/10

كي تنتصر الولايات المتحدة في سوريا فعليها محاربة الأسد وتنظيم الدولة ( مترجم )

المصدر: فوكس نيوز

بقلم: فريدريك كاغن

ترجمة : مركز الجسر للدراسات

فلنأمل أن "وينستون تشرشل" لم يخطئ حينما قال إن الأميركيين يقومون بالصواب دوماً عندما يستنزفون كل المحاولات الأخرى، لأننا بالفعل استنزفنا كل الخيارات السيئة في سوريا، ولعله آن الأوان لدعم العرب السنة ضد كلٍّ من تنظيم الدولة ونظام الأسد، وهي مقاربة من شأنها أن تضمن مصالح أمريكا الحيوية هناك.

أمِلت الولايات المتحدة أن تكون الخيارات الأخرى أنجع، فظنت أن الحرب ستنتهي وأن نظام الأسد سيسقط أو أنه سينتصر، وأن الروس سيكونون طرفاً في الحرب التي تشنها على تنظيم الدولة، وسيقفون في وجه إيران حالهم حال الأتراك.

وقد تبنّت الولايات المتحدة العديد من السياسات في سوريا أملاً منها بأن تكون كافية لضم الأقلية الكردية إلى صفوف جيوشها، كما طمحت إلى أن تكون الهجمات الجوية كافية للقضاء على تنظيم الدولة وكذا توحيد صفوف المعارضة السنية لمحاربة هذا التنظيم دون حاجتها إلى العون في قتالها ضد الأسد.

قامت إدارة ترامب بتبنّي نفس المقاربة مع وجود تغييرات دقيقة، فشنّت هجوماً على نظام الأسد عندما استعمل الأسلحة الكيماوية، وأسقطت الطائرات الإيرانية بدون طيار والطائرات السورية عندما بدت وكأنها تهدد قواتها. لكن تبقى هذه التغييرات دون جدوى، فلا تزال سياسة ترامب تسير على خطا إدارة الرئيس السابق أوباما، وتضع نصب عينيها محاربة تنظيم الدولة بشكل رئيسي ولا تستهدف القاعدة وإيران إلا في مراحل لاحقة.

إن الحرب الدائرة الآن تؤدي إلى تطرُّف السنة في المنطقة والعالم بأسره، وقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين. فلا تزال سوريا بؤرة لتجمع أكثر وأخطر المقاتلين والقادة السنّة في العالم أجمع إذا ما استثنينا باكستان. وقد حان الوقت للاعتراف بفشل هذه التغييرات السطحية في تبديل هذا الواقع المرير.

دعونا نستحضر بدايات الصراع في 2011، قبل دخول تنظيم الدولة كطرف في المعركة، في وقت كان فيه وجود القاعدة شبه منعدم في المنطقة.

ثار العرب السنة (إلى جانب فئات أخرى من السوريين) ضد دكتاتور ينتسب إلى إحدى الأقليات الطائفية، وانتفضوا ضد قمعه، وشكَّل ما حدث ثورةً كالتي حدثت في كل من مصر وتونس وليبيا واليمن والأماكن الأخرى فيما يعرف بالربيع العربي.

لكن الأسد لم يستقِل من السلطة ولم يجزع كما جزعت الدكتاتوريات السابقة، وطلب دعم المستشارين العسكريين الإيرانيين، وسعى على الدوام إلى زيادة أعداد الجيوش الإيرانية، وبدأ الموالون لها بالتقاطُر إلى سوريا من كل حدَب وصوب في الفترة ما بين 2011 و2012 ، ما سمح له بمواجهة أصوات المعارضة بالمزيد من البطش والوحشية.

بدأت المعارضة السورية ثورتها كقوة شعبية يقودها عدد كبير من المنشقّين عن الجيش السوري، ولم يكن أغلبهم سنة؛ أرادوا إسقاط الأسد واستبداله بحكومة شعبية لتسيير أمور البلاد.

ظلت القاعدة مهمّشة من طرف هذه الحركة، ولم تظهر في الواجهة إلا بعد استعمال الأسد التجويع والبراميل المتفجرة والقصف المدفعي على المناطق التي يتواجد بها المدنيون وأخيرا الأسلحة الكيماوية التي لم تؤدِّ إلى تدخل عسكري من الولايات المتحدة على الرغم من اعتبار استعمالها خطاً أحمر من طرف الرئيس أوباما.

إن تخليَ الغرب عن المجتمع العربي السني وتركه في مواجهة مصيره على يد هذا الطاغية دفع الكثيرين إلى طلب العون من الجماعات السلفية الجهادية الراغبة في تقديم هذا العون للنجاة. ونتيجة لذلك قامت القاعدة بتثبيت أقدامها هناك، تلاها بعد ذلك تنظيم الدولة، فأحكموا قبضتهم على المعارضة السورية.

لا نستطيع تغيير ما حصل، لكنْ بإمكاننا رؤية الحقيقة التي كانت أمام أعيننا مدة ست سنوات، وهي أن الأسد يسعى إلى إعادة فرض سيطرته القمعية المستبدة من خلال استخدام طرق وحشية كانت السبب الرئيسي وراء ما يجري في سوريا.

فالسماح للنظام بفعل ذلك في وقت كانت فيه الولايات المتحدة تهيئ القوات الكردي لمحاربة تنظيم الدولة، أدى إلى ترسيخ فكرة لدى السنة العرب مفادها أن الولايات المتحدة تدعم كلاً من الأسد وإيران كما إن رفض الغرب دعم المعارضة العربية السنية بأي طريقة ممكنة سد جميع الطرق أمام طرح ذلك مجددا.

الولايات المتحدة تدعم العرب السنة في سوريا بالتأكيد وستستمر بدعمهم في إطار محدود، ألا وهو محاربة تنظيم الدولة. فالدعم الذي قدمته الولايات المتحدة ظل مرهوناً بعدم محاربة هذه المعارضة للأسد، ولهذا السبب أدت محاولاتها لتجنيد العرب السنة المحليين إلى الفشل.

على الأمريكيين أن يتقبلوا الحقيقة المُرة- بأن تنظيم الدولة والقاعدة ليسا أكبر تهديد يواجهه العرب السنة هناك. وأن الأسد وحلفاؤه الروس والإيرانيين يشكلون تهديدا وجوديا للسنة هناك، و يسعون إلى إعادة فرض القمع عليهم من جديد واستئصالهم بالكامل في أماكن أخرى.

وهو ما يعارضه كل من تنظيمي الدولة والقاعدة. فتنظيم الدولة يسعى إلى الوصول لقيادة المجتمع السني في سوريا، في حين تؤكد القاعدة أن قرار الحكم يعود إلى السنة السوريين ليقرروا ما يناسبهم. فكلتا الجماعتين تقتل السنّة وتهجّرهم وتقمعهم بوحشية، لكنهم يقدمون الخدمات الأساسية كذلك، وهو ما لا يقوم به النظام.

فالمعارضة السورية تسعى للحصول على دعم في حربها ضد بشار أولاً، ومن ثم التوجه لمحاربة الجهاديين السلفيين. فالمطلوب الآن هو موازاة خطتنا وضم الحلفاء الذين يمكنهم المساعدة في تحقيق متطلبات الأمن القومي، دون الذهاب بعيداً في هذا المسار لدرجة توحي بأن الولايات المتحدة تساعد العرب السنة في كل من سوريا والعراق لفرض حكومات طائفية خاصة بهم هناك.

من الصعب تحقيق التوازن، لكن يجب الوصول إليه:

لعله الوقت الأنسب لتجربة ما كنا نرفض القيام به منذ البداية، وهو العمل مع العرب السنة ضد الأسد وإيران والجهاديين السلفيين. يعطي هذا الاقتراح أفضلية العمل ضمن استراتيجية متسقة لمحاربة المد والانتشار العسكري الإيرانيين وهو ما وعدت إدارة ترامب بالعمل عليه في القريب العاجل.

تعد هذه الاستراتيجية إشكالية، وعلى وجه التحديد بعد سنوات من السياسات التي أدت إلى التشكيك في النوايا الأمريكية، وهو أمر يمكن تبريره، كما إنها تنطوي على عدة مخاطر ويمكن أن تفشل. لكنها تبقى المقاربة الوحيدة التي يمكن أن تنجح.