الجمعة 2018/10/12

فورين بوليسي: ترامب تحت الضغط في ملف خاشقجي

بقلم: مايكل هيرش

المصدر: فورين بوليسي

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

مع تعرضه للمزيد من الضغوط للتحرك في قضية خاشجقي، يبدو أن ترامب يمضي قدما بخصوص قضية خاشقجي بعيدا عن فريقه.

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه يتابع قضية اختفاء الصحفي السعودي خاشقجي في إسطنبول باهتمام، قائلا: "لدينا محققون هناك ونحن نعمل مع تركيا بشأن اختفاء خاشقجي، ومع السعودية أيضا".

وقد جاء هذا التصريح ردا على انتقادات الجمهوريين والديمقراطيين له بعدم التحرك في قضية خاشقجي.

غير أن التصريح الذي أدلى به ترامب خلال مقابلة له مع "فوكس" جعل المسؤولين الأمريكيين في واشنطن في حيرة من أمرهم حيث أكدوا أنهم لم يتلقوا أي طلب رسمي للمشاركة في التحقيقات التي تقوم بها تركيا.

يمكن لمكتب التحقيقات الفيدرالي أن يساعد في إجراء تحقيقات خارج الحدود الأمريكية في حال تلقى طلبا بالحصول على المساعدة من البلد الذي ارتكبت فيه الجريمة، أما في حال ارتكاب أعمال إرهابية أو جرائم ضد مواطنين أمريكيين، فتقع المسؤولية على عاتق مكتب التحقيقات الفيدرالي بكل الأحوال، وذلك بموجب المبادئ التوجيهية.

لكن تركيا – التي تعرف علاقاتها مع إدارة ترامب توترا في الآونة الأخيرة- لم تطلب المساعدة في التحقيقات التي تقوم بها، مفضلة العمل بمفردها. كما إن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي لا يملك سوى ملحق قانوني واحد تابع له في تركيا، يقع في أنقرة. وكان وكالة ( إف بي آي) رفضت التعليق على هذا الموضوع، كما لم يتمكن مجلس الأمن القومي من توضيح تصريح ترامب.

قال نائب الرئيس الأمريكي، مايك بينس، إن الحكومة الأمريكية "مستعدة للمساعدة" في التحقيق بخصوص قضية خاشقجي، دون إعطاء المزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع.

لقد وضع اختفاء خاشقجي، الذي كان ينتقد ولي العهد محمد بن سلمان من خلال صحيفة واشنطن بوست، وتزايد الأدلة على أنه ربما قد قتل على يد عناصر سعودية بناء على أوامر من ولي العهد، حليف ترامب، وضع الرئيس الأمريكي تحت ضغط متزايد لاتخاذ إجراءات في حق الرياض.

طالبت الأسبوع الماضي مجموعة تضم أكثر من 20 عضوا في مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، من بينهم مؤيدون لترامب، مثل ليندسي غراهام، طالبوا إدارة ترامب بالتحقيق في مقتل خاشقجي المفترض، وفرض عقوبات على كبار المسؤولين السعوديين بموجب قانون ماغنيتسكي للمساءلة العالمية بشأن حقوق الإنسان العالمية في حال ثبوت تواطؤ السعودية.

وقال غراهام، عضو في لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، إنه ستكون هناك "عواقب وخيمة " إذا كانت الادعاءات بشأن قضية خاشقجي صحيحة. وأضاف قائلا: "إذا قُتل هذا الرجل في القنصلية السعودية بإسطنبول، فإن ذلك سيعد تجاوزا لكل الخطوط الاعتيادية في المجتمع الدولي..

إذا كانوا بهذا الطيش، فإن ذلك دليل على ازدرائهم للمجتمع الدولي وقوانينه ولكل شيء ندافع عنه، بل إنه ازدراء للعلاقات التي تجمعنا بهم ".

ومع ذلك، استمر ترامب في الدفاع عن علاقته بمحمد بن سلمان وبالتحديد صفقة الأسلحة الضخمة التي أبرمت العام الماضي من قبل صهره جاريد كوشنر، الذي أصبح مقربا من ولي العهد. وقال ترامب: "لن يكون من مصلحتنا تعليق صفقة تقدر بحوالي 110 مليار دولار - وهو رقم قياسي – وفتح المجال أمام روسيا أو الصين للحصول على تلك المبالغ". ووصف الرئيس الأمريكي العلاقات مع السعودية بأنها "ممتازة" كما وصف محمد بن سلمان بأنه "رجل جيد".

يمكن لرد فعل واشنطن أن يقوض فرص محمد بن سلمان بالوصول إلى العرش.

برر بن سلمان بطشه والحملة القمعية التي يقودها ضد المنشقين السياسيين أمثال خاشقجي من خلال القول بأنه سيقوم بإصلاحات اقتصادية واجتماعية ودينية جذرية والتي حددها في رؤية 2030.

لكن بعضا من خططه الكبيرة، بما في ذلك الطرح الأولي العام لبيع أسهم شركة النفط أرامكو، قد تعثرت وأدى ذلك إلى خلق المزيد من العداءات بين أفراد العائلة الحاكمة.

يعتقد بعض المحللين في الولايات المتحدة أن قطع العلاقات الأمريكية مع السعودية- التي من غير المرجح أن تحدث الآن - من شأنه أن يدمر ولي العهد وسيتعين على والده، الملك، إزالته من خط الخلافة.

كان من المزمع الاستفادة من جهود محمد بن سلمان الرامية لربط تحالفات قوية في الغرب هذا الأسبوع من خلال استضافة مؤتمر دولي على غرار منتدى دافوس في فندق ريتز كارلتون وهو الفندق نفسه الذي استعمله بن سلمان لاحتجاز عدد من كبار الشخصيات السعودية بتهم الفساد الخريف الماضي.

إلا أن صحيفة نيويورك تايمز قد انسحبت بالفعل كراعٍ لهذا المؤتمر في وقت سابق، ومن المحتمل أن ينسحب مشاركون آخرون قريبا، بما في ذلك دينا باول، المسؤولة التنفيذية في شركة جولدمان ساكس، التي رشحها ترامب لتشغل منصب المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة الجديدة بعد استقالة نيكي هالي.

يقول محللون إنه إذا فاز الديمقراطيون في انتخابات التجديد النصفي الشهر المقبل، ستتزايد الضغوط على محمد بن سلمان بسبب القمع الذي يمارسه على المعارضة والحرب الدموية التي يقودها في اليمن.