الأثنين 2018/10/15

فايننشال تايمز: اتفاق إدلب لا يحقق السلام الدائم

بقلم: كلوي كورنيش وعصر خطاب

المصدر: فايننشال تايمز

ترجمة: مركز الجسر للدراسات 


يبدو أن الاتفاق الذي أبرمته كل من تركيا وروسيا، لتجنب مواجهات بين القوات الموالية للنظام ومقاتلي الثوار الموجودين في آخر معقل للمعارضة، لا يزال قائما.

تقول مجموعات الثوار إنها قامت بسحب الأسلحة الثقيلة من الخطوط الأمامية، وسيتم اليوم تحديد الموعد النهائي لمغادرة الثوار منطقة خفض التصعيد التي يصل عمقها إلى نحو 20 كيلومترا عن خطوط التماس؛ حيث ستخضع هذه المنطقة لسيطرة الدوريات الروسية والتركية بشكل مشترك.

اتفق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان الشهر الماضي في سوتشي على إبرام صفقة شديدة الخطورة حول منطقة إدلب. وقد مكّن هذا الاتفاق من تجنب معركة كان من الممكن أن تزهق أرواح المدنيين المحاصرين هناك، وتتسبب في كارثة إنسانية جديدة وتدفع بموجة جديدة من النازحين نحو الحدود التركية.

تضم محافظة إدلب الشمالية ما يقدر بنحو 60 ألف عنصر من مقاتلي المعارضة من مختلف الفصائل، فضلا عن حوالي 3 ملايين مدني سوري. وقد فر العديد من هؤلاء من المناطق التي استعادها النظام خوفاً على أرواحهم.

منذ بداية الحرب السورية دعمت تركيا قوى المعارضة، بينما قدمت كل من روسيا وإيران الدعم للنظام.

وتقول فصائل الثوار التي تترأسها "الجبهة الوطنية للتحرير" إنها امتثلت للاتفاق من خلال سحب الأسلحة الثقيلة من المنطقة العازلة وذلك في 10 من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي باعتباره الموعد النهائي للقيام بهذه الخطوة.

لكن اللواء ناجي مصطفى، المتحدث باسم الجبهة، قال إن قواته لا تثق في التزام روسيا بهذه الصفقة، مؤكدا بالقول: "نحن مستعدون تماما لأي معركة قادمة". ويقول بعض الثوار إنهم يشككون في نوايا الروس الذين يحاولون إضعافهم قبل الدخول في معركة نهائية.  وليس من الواضح ما إذا كان "المقاتلون المتطرفون" قد غادروا المنطقة العازلة أم لا، مصطلح أكد عليه بوتين كجزء من الاتفاق الذي سيتم تنفيذه بحلول 15 من تشرين الأول/ أكتوبر الحالي.

وكان قد أفاد اثنان من قادة "الجبهة الوطنية للتحرير" أنهما شاهدا عناصر "هيئة التحرير الشام" تسحب أسلحتها الثقيلة، وتعتبر "هيئة تحرير الشام" جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة ويعتقد أنها أقوى فصيل في إدلب وذلك على نطاق واسع.

تعذّر على فريق "فايننشال تايمز" التواصل مع قادة "هيئة تحرير الشام" من أجل التعليق على الأمر، كما لم يدلوا ببيان رسمي حتى الساعة، لكن أحد مقاتليهم نفى أن تكون المجموعة قد قامت بنزع أسلحتها الثقيلة أو مقاتليها.

في الوقت الذي يتم فيه تقويض صفقة سوتشي، قال الأسد يوم الأحد الماضي، -وهو الذي اعتمد على القوة الجوية الروسية لاستعادة مناطق المعارضة الأخرى لكن لم تتم دعوته إلى مفاوضات إدلب بين روسيا وتركيا - قال واصفا صفقة سوتشي بأنها "مؤقتة"،  فلطالما أكد نظام الأسد على نيته بالسيطرة على "كل شبر" من سوريا.

وقال عامر أبو أنس، وهو أحد مقاتلي الثوار في ريف إدلب الجنوبي، إن تصريح الأسد الأخير "أوضح أن إنشاء منطقة منزوعة السلاح كان مجرد محاولة من جانب النظام وروسيا لحشد قواتهم والاستعداد للهجوم".

تسيطر تركيا على مساحة شاسعة من الأراضي السورية القريبة من حدودها. تسعى تركيا للحفاظ على نفوذها في شمال سوريا حتى تتمكن من مراقبة الأكراد، الذين قاموا بإنشاء منطقة تتمتع بحكم شبه ذاتي، وتفاديا لهجماتهم ومطالبة الأقليات الكردية التي تعيش داخل الحدود التركية بالاستقلال.

عرفت إدلب حالة من الهدوء منذ صفقة سوتشي، وقال أدهم العيسى، وهو أحد نازحي الجنوب الذين يعيشون في مدينة إدلب، " إن الوضع شبه مستقر" مشيرا إلى الانتعاش الاقتصادي الذي تشهده المطاعم والمحلات التجارية.

لكن هناك مخاوف من انهيار الاتفاق، وتعرض المدنيين المحاصرين إلى هجوم من قوات النظام. وقال فوتر شاب، مدير هيئة الرعاية الدولية "كير إنترناشيونال" في سوريا: "لطالما انتهت صفقات مماثلة بحمام دم ببساطة". قالت لورين برامويل، مديرة لجنة الإنقاذ الدولية في سوريا، إن المدنيين في إدلب "بحاجة إلى صفقة توفر لهم الحماية على المدى الطويل".

قال أحد المدنيين الذين يعيشون في ريف إدلب الجنوبي، كان فقد أحد أبنائه الثلاثة في غارة جوية، إن المدنيين والمقاتلين في إدلب لا يخافون من الخسارة. وقال إن عائلته "نزحت مرتين منذ بداية الحرب، وقد فقدنا ابننا"، مضيفا أنه يعتقد أن المعارضة المسلحة  "ستقاتل حتى آخر رجل هذه المرة".