الثلاثاء 2017/11/28

عناق بوتين مع الأسد ..احتفال على أنقاض الغياب الأميركي (ترجمة)

العنوان الأصلي : عناق يكشف الكثير حول الوضع في سوريا 

واشنطن بوست

ترجمة : مركز الجسر للدراسات

مع اقتراب القضاء على تنظيم الدولة في سوريا، كانت هناك دفعة دبلوماسية جديدة تهدف إلى إنهاء الحرب الأهلية الدائرة في البلاد. من المزمع عقد جلسة جديدة اليوم من مباحثات في جنيف بشأن سوريا برعاية الأمم المتحدة، وذلك عقب مؤتمرات استضافتها روسيا والمملكة العربية السعودية الأسبوع الماضي، وكذا محادثة هاتفية مطولة استمرت ساعة كاملة بين الرئيسين ترامب و بوتين.

التصريحات العلنية والإحاطات الأساسية التي قُدّمت حول ما جرى خلال تلك المحادثات ظلت متناقضة ومربِكة. لكن صورة واحدة قدمت ملخصا بسيطا وبليغا والتي تضمنت عناقا حارا بين الرئيس بوتين وسفاح وديكتاتور سوريا بشار الأسد على إثر لقائهم في سوتشي الروسية الأسبوع الماضي.

فقد كان هذا العناق طريقة بوتين للتعبير عن احتفاله بالنجاح الذي حققه في إنقاذ نظام الأسد من هزيمة عسكرية، ومساعدة هذا الأخير على تحقيق سلسلة من الانتصارات على المعارضة المدعومة من الغرب خلال العامين الماضيين. كما عبرت هذه الصورة بشكل بليغ عن أهداف البوتين الدبلوماسية القادمة والتي تتجلى في: الإبقاء على نظام الأسد في السلطة إلى أجل غير مسمى وتوفير منصة جديدة لروسيا في الشرق الأوسط وتهميش الولايات المتحدة.

لسوء الحظ أن ترامب سعيد للغاية لإذكاء ذاك المشروع الذي من شأنه أيضا أن يعزز النفوذ الإيراني في سوريا. وعقب اتصاله مع الرئيس الروسي بوتين، أبدى حماسة لدعم خططه في سوريا، التي تفضي إلى مفاوضات جديدة بين نظام الأسد ومجموعات المعارضة من أجل وضع دستور جديد. وهو مخطط ساندته أيضاً تركيا وإيران، اللتان استُقبِل رئيس كل منهما في سوتشي مباشرة بعد زيارة الأسد، في حين انضمت السعودية إلى اللعبة: فقد نظمت الأسبوع الماضي مؤتمرا موسعا للمعارضة لتشكيل لجنة مفاوضات- بعد استبعاد ما يقارب 12 عنصرا من القادة المعارضين بعد رفضهم قبول استمرار الأسد في السلطة.

نوّه مسؤولون في إدارة ترامب إلى تعهّد بوتين بإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة في نهاية المطاف، بمشاركة جميع السوريين بما في ذلك نصف السكان النازحين الذين شردتهم الحرب. لكنه رهان آمن،  فلا أمل للأسد بالفوز بانتخابات حرة ونزيهة، كما لن يقبل به كل من النظام وداعميه في طهران وموسكو.

يسعى البنتاغون إلى الحفاظ على النفوذ من خلال هذه العملية السياسية التي يرى أنها ستوفر له بقاءً أطول لدعم القوات الكردية العربية المشتركة الموجودة في شمال سوريا، والتي تسيطر على حقول نفطية رئيسية، لكن ترامب قد وعد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بأنه سيوقف شحنات الأسلحة التي تتوجه إلى القوات الكردية- وهو قرار- حسب البوست- شكل مفاجأة لفريق الأمن القومي الأمريكي الذي يعمل معه.

والمرجح أن يكون بوتين قد فشل في التخطيط لإقامة مستوطنة في سوريا على الرغم من ضعف المعارضة وانعدام التعاون بينها وبين الولايات المتحدة.  إذ عمد إلى تأجيل مؤتمر كان يأمل تنظيمه في سوتشي لاحقا هذا الأسبوع لمناقشة المقترحات الدستورية، حيث رفضت المعارضة ذلك وفضّلت التفاوض في جنيف، في حين اعترض الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على مشاركة الأكراد. كما لم يقم النظام الإثنين الماضي بإرسال وفد إلى جنيف، على الرغم من تأكيدات بوتين مشاركة النظام في المؤتمر.

على الرغم من ذلك، فقد حلّت روسيا محلّ الولايات المتحدة في الوقت الحالي كقوة لتسوية أهم نزاع في الشرق الأوسط.  كما إن ترحيب ترامب بهذه التطورات هو دليل موقفه الغريب تجاه الكرملين. وهو أيضاً سجل كارثي إضافي لسلفه باراك أوباما في سوريا، الذي من شأنه أن يؤدي إلى تسارع انهيار القيادة العالمية الأمريكية.