الخميس 2018/02/08

حان الوقت لوضع حد للفوضى في سوريا ( ترجمة)

لم يكن الأربعاء الماضي كباقي الأيام في الشرق الأوسط، إذ اتسم بالغرابة والرعب.

ففي وقت مبكر من نهار ذلك اليوم، كان قادة في الجيش الأمريكي يقفون بالقرب من تلة مراقبة لمتابعة سير المعارك التي تخوضها حليفتهم في الناتو، تركيا ومجموعات الثوار ضد حلفائهم الأكراد شمالي سوريا.

وفي وقت لاحق من ذلك اليوم، وعلى بعد 100 ألف ميل نحو الجنوب الشرقي، شنت قوات النظام هجوما على مواقع تابعة للمقاتلين الأكراد وشركائهم على بُعد خمسة أميال من شرق نهر الفرات، تحديدا بالقرب من حقول النفط السورية، لترد بعدها القوات الأمريكية التابعة للتحالف الدولي بقوة عبر شن غارات على مواقع تابعة لقوات النظام.

لا تقدِّم القوات الأمريكية أية تفاصيل عن المهمة التي تقوم بها هناك، لكن من المعروف أن القوات الروسية تدعم نظام الأسد في منطقة دير الزور. استمرت هذه المعارك لساعات متأخرة من الليل، ما يمكن اعتباره مؤشرا على ظهور حرب جديدة هناك.

درسُ الأربعاء، يشير بوضوح إلى حجم الالتباس في سوريا على مختلف الجبهات، ما ينذر بنشوب صراع أكبر.

إذ تتجه كل من تركيا وأمريكا ببطء نحو المواجهة منذ أن قررت الولايات المتحدة خوض الحرب على تنظيم الدولة قبل ثلاث سنوات ونصف، حيث وجدوا في الأكراد السوريين أفضل شريك للقيام بهذه المهمة، فشكلت "قوات سوريا الديمقراطية"، وهو ما سبب غضبا في أنقرة؛ لكونها ترى في هذه الجماعات جماعات إرهابية، على الرغم من أن أنقرة لم تقدم بديلا عن الأكراد لمحاربة تنظيم الدولة.

عندما دخل الروس الحرب في 2015، حاولت الولايات المتحدة إنشاء خطوط واضحة لتجنب الاشتباك. لكن ظل هذا الوضع حساسا وغير واضح حتى الساعة. والواقع أن ربط علاقات مع روسيا الآن قد أصبح ضرورة أكثر من أي وقت مضى.

فكيف يمكن للولايات المتحدة الحد من هذه الفوضى لإنهاء مهمتها في سوريا ضد تنظيم الدولة؟

يقول قائد القوات الأمريكية في سوريا والعراق، الملازم بول فونك "تحتاج أمريكا إلى ربط الحوار مع تركيا وتخفيف التصعيد معها على وجه السرعة".

فحملة محاربة تنظيم الدولة أخذت بالتباطؤ، محذرا من أن "تسمح هذه الفوضى لمقاتلي التنظيم بالهرب إلى تركيا ومن ثم إلى أوروبا".

عملت قوات العمليات الخاصة الأمريكية مع القوات الكردية لمحاربة تنظيم الدولة شرق سوريا، والآن فإن الحملة العسكرية يبدو أنها قد شارفت على الانتهاء لتبدأ بعدها الصفحة الدبلوماسية، وهو ما يفسر الإعلان عن زيارة مرتقبة لمستشار الأمن القومي الأمريكي ماكماستر إلى أنقرة خلال عطلة نهاية الأسبوع، على أمل أن تؤدي هذه الزيارة إلى مباحثات تركية-أمريكية هادئة من شأنها أن تؤدي إلى تسوية لرعاية المصالح التركية والأمريكية.

يوضح ما حدث في منبج كيف انقلبت موازين المعركة بين كل من تنظيم الدولة والولايات المتحدة وقوات "قسد".

لا شيء في الشرق الأوسط يبدو كما تراه بالضبط، فكل انتصار يفتح الباب أمام مشكلة جديدة، مشكلة لا يمكن لها أن تحل عبر اللغة العدائية.

تعتبر الولايات المتحدة القوات الكردية السورية شريكا جيدا لها، كما تراها أيضا شريكا غير مريح، ورغم ذلك، فإن التخلي عنهم سيكون خطأ كبيرا، كما سيكون من الخطأ أن تترك الولايات المتحدة المعارك مشتعلة بين تركيا والأكراد، إذ يمكن القول إن الوقت الآن وقت الدبلوماسية الصلبة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: واشنطن بوست

بقلم: ديفيد إغناتيوس

ترجمة: مركز الجسر للدراسات