الأثنين 2017/11/13

الولايات المتحدة تتخلى عن سوريا للمخططات الروسية (ترجمة)

في أول رد فعل تحذيري لمعهد الحرب الأمريكي (ISW) عن اجتماع ترامب بوتين في فيتنام كتب " كريستوفر كوزاك" تحليلاً بعنوان " الولايات المتحدة تتخلى عن سوريا للمخططات الروسية"، وقال إن البيان الصادر عن الاجتماع يتضمن ثلاث مغالطات كبيرة:

الأولى: أن روسيا تقاتل تنظيم الدولة فقط في سوريا، والثانية: أن روسيا تعتزم مواجهة إيران في سوريا، والثالثة: أن روسيا تعتزم تقديم تسوية سياسية "ذات معنى" في سوريا.

الولايات المتحدة تتخلى عن دورها كلاعب دبلوماسي رئيسي في سوريا لصالح روسيا، في نهاية المطاف تعزز الولايات المتحدة العملية السياسية التي تقودها روسيا رغم أن هذه العملية لن تضمن أهداف أمريكا الاستراتيجية في سوريا، هذه الأهداف التي تشمل تركيز إدارة ترامب على "تحييد نفوذ إيران و تقييد عدوانها" فضلاً عن هزيمة دائمة للتنظيمات السلفية الجهادية مثل تنظيم الدولة والقاعدة.

عقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين اجتماعاً غير رسمي على هامش قمة التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ بفيتنام في 11 تشرين الثاني، وأصدر الزعيمان فيما بعدُ بياناً مشتركاً أكّدا فيه التزامهما بالاتفاقات السابقة بشأن الحرب في سوريا، بما في ذلك تخفيف حدة الصراع العسكري، ومناطق خفض التصعيد، وتسوية تفاوضية من خلال عملية جنيف. غير أن هذا البيان يعزز عدداً من المغالطات فيما يتعلق بمصالح روسيا في سوريا.

*المغالطة الأولى: "تعتزم روسيا شن حملة جدية ضد تنظيم الدولة":*

لقد أشادت الولايات المتحدة وروسيا "بنجاح الجهود الحثيثة لتخفيف حدة الصراع" التي "سرّعت كثيراً" هزيمة تنظيم الدولة في شرق سوريا. وأشار الرئيس ترامب أيضاً إلى أن "التنفيذ الناجح" للاتفاق سوف يساهم في "إنقاذ آلاف الأرواح" في الحرب السورية. يعكس هذا التصريح سوء فهم كبيراً للتكتيكات التي تستخدمها روسيا في سوريا، فقد شنت روسيا حملة جوية عنيفة وعشوائية ضد البنية التحتية المدنية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في غرب البلاد، وكذلك المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة في الشرق. ويعتزم التحالف الروسي الإيراني إعادة توجيه هذه الحملة الوحشية ضد محافظة إدلب في شمال سوريا، وبالتالي فإن الولايات المتحدة تخاطر بإضفاء الشرعية على الجرائم الحالية والمستقبلية ضد الإنسانية التي ترتكبها روسيا وإيران نيابة عن بشار الأسد، وهي بذلك تعزز من رواية القمع العالمي (ضد المسلمين) التي يروج لها تنظيم الدولة والقاعدة في العراق وسوريا.

*المغالطة الثانية: "تعتزم روسيا مواجهة إيران في سوريا":*

لقد أكدت الولايات المتحدة وروسيا من جديد دعمهما لاتفاقية "خفض التصعيد" السارية في محافظتي درعا والقنيطرة في جنوب سوريا والتي تم التوصل إليها في السابع من شهر تموز الماضي. كما إن التصريح المشترك أشار إلى إحراز مزيد من التقدم في إطار مذكرة مبادئ تم التوقيع عليها مؤخراً بين الولايات المتحدة وروسيا والأردن في الثامن من تشرين الثاني، والتي دعت الى "الحد والقضاء النهائي على القوات الأجنبية" وخصوصاً إيران و"حزب الله" اللبناني في جنوب سوريا، لكن من غير المرجح أن تنفذ روسيا أي اتفاق من هذا القبيل ضد إيران ونظام الأسد، فهي تشاطر إيران مصالح استراتيجية أساسية ودائمة، أولها الرغبة المتبادلة في إزاحة الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، وقد حافظت اتفاقية "منطقة خفض التصعيد" الحالية على حرية حركة إيران و"حزب الله" على طول هضبة الجولان والحدود السورية الأردنية ولم تحدَّ منها.

*المغالطة الثالثة: "تعتزم روسيا تقديم تسوية سياسية ذات معنى في سوريا":*

أكدت الولايات المتحدة وروسيا دعمهما لإصلاحات دستورية وانتخابات مراقبة دولياً في إطار تسوية سياسية عبر عملية جنيف، غير أن روسيا اتخذت خطوات حثيثة لتخريب عملية جنيف من خلال محادثات أستانا المنافسة لها برعاية روسيا وإيران وتركيا، فضلاً عن خططها لعقد "المؤتمر السوري للحوار الوطني." ولا يزال من غير المرجح أن توافق روسيا والأسد على إجراء انتخابات حرة ونزيهة أو إصلاحات من شأنها تقييد سلطة النظام، فقد استغل الأسد كل الوسائل القانونية والاستبدادية للهيمنة على "انتخابات ديمقراطية" مماثلة جرت في سوريا سنة 2014. وبالتالي فإن أي تسوية سياسية زائفة لا تعالج المظالم المشروعة التي أشعلت شرارة الثورة السورية لن تؤدي إلا إلى الإبقاء على الظروف التي تغذي تنظيم الدولة والقاعدة في سوريا.