الجمعة 2018/06/22

المونيتور: الصفقة الإسرائيلية الثلاثية حول إيران في سوريا

بقلم: بن كاسبيت

المصدر: المونيتور

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

أقيم حفل استقبال في 14 حزيران/ يونيو الماضي، في باحة مجمع سيرجي الذي بناه الحجاج الروس في القرن التاسع عشر بالقدس احتفالا بعيد الاستقلال في روسيا. من المعتاد ألا يجذب احتفال كهذا اهتمام وسائل الإعلام أو الحكومات، إلا أن الوضع كان مختلفا هذا العام، حيث بدا هذا اليوم وكأنه احتفال إسرائيلي، حيث حضر الحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعدد كبير من الوزراء والموظفين رفيعي المستوى، بما في ذلك وزير شؤون القدس وحماية البيئة زئيف الكين، ووزيرة الهجرة والاستيعاب صوفا لاندفر ، ووزير التعاون الإقليمي تساحي هنغبي. بالإضافة إلى أن احتفال هذه السنة قد استقطب عددًا كبيرًا من الأشخاص الذين يرتدون الزي العسكري، من الجانب الروسي على وجه التحديد.

وقال أحد المدعوين لـ "المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن اسمه، "لقد كان هناك عدد كبير من الجنرالات والروس العسكريين رفيعي المستوى" وأضاف أن الحدث "يشبه تقريبا حدث الجيش الأحمر، مع تواجد كثيف لرجال بالزي الرسمي. بما في ذلك بعض الذي يخدمون في الجبهة السورية اللبنانية، لقد بدا الأمر وكأنهم أتوا إلى هنا من أجل لقاء نظرائهم الإسرائيليين ووجدوا في عيد الاستقلال الروسي فرصة للقيام بذلك".

كما حضر أيضا الفريق فلاديمير إيفانوفسكي، رئيس مديرية الشرطة العسكرية الروسية والتي تعنى بتطبيق ترتيبات اتفاق المنطقة الجنوبية الذي وافقت عليه كل من الولايات المتحدة وروسيا والأردن. وتواصل إسرائيل تأكيدها أنها ليست طرفا في هذا الاتفاق، وأنها لم تتدخل بأي شكل من الأشكال فيه، وتصر على أن إيفانوفسكي قام بزيارة لإسرائيل ببساطة بعد أن ذهب نظيره الإسرائيلي إلى موسكو. وقال مصدر عسكري لموقع "المونيتور"، إنه خلال الزيارة، ناقش إيفانوفسكي الوضع على الجبهة السورية الجنوبية، وخاصة منطقة الجولان مع قوات عليا في الجيش الإسرائيلي وفي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، حيث تتصدر القضية السورية قائمة أولويات إسرائيل.

التقى نتنياهو بالسفير الروسي أناتولي فيكتوروف في تل أبيب قبل أن يقوم هذا الأخير بإلقاء كلمته في هذا الحدث الدبلوماسي الروسي، حيث تحدث الاثنان على انفراد لبعض الوقت. ولم يتمكن وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان من حضور الحدث الدبلوماسي لأنه اضطر للمشاركة في احتفال عسكري للواء كفير، ولكنه تمنى للفريق الروسي النجاح.

على الرغم من "الرومانسية السرية" التي جمعت بين الرياض وإسرائيل في السنوات الأخيرة، يبدو أن العلاقات التي تربط إسرائيل بموسكو أكثر أهمية من أي علاقة دبلوماسية أخرى إذا ما استثنينا واشنطن. ففي الوقت الذي يمكن فيه اعتبار الالتزام الأميركي تجاه إسرائيل في عهد دونالد ترامب أمرا مسلما به، تقوم إسرائيل باستثمار المزيد من الجهود لبناء علاقات جيدة مع روسيا. لدى وزير الدفاع الإسرائيلي افيغدور ليبرمان علاقة وثيقة مع نظيره الروسي سيرغي شويغو، حيث يتحدث الطرفان عبر الهاتف، مرة واحدة كل أسبوع على الأقل، وبالطبع يكون الحديث باللغة الروسية التي يجيدها ليبرمان.

لاحظ المراقبون للعلاقات الروسية الإسرائيلية، تغير الخطاب الإسرائيلي خلال الأشهر الأخيرة الماضية فيما يتعلق بوجود إيران وحزب الله في سوريا. إلى وقت قريب كانت إسرائيل تطالب إيران ووكلاءها بالابتعاد عن الحدود، مطالبة بمسافات مختلفة تفصل الإيرانيين عن الحدود الإسرائيلية، منها مسافة 60 كيلومتراً على الأقل أي ما يعادل 37 ميلا، عن الحدود الإسرائيلية.

لقد غيّرت إسرائيل من لهجة خطابها ونبرتها، حيث يطالب نتنياهو وليبرمان الآن، بعدم السماح لإيران وحزب الله بالبقاء في سوريا على الإطلاق. الطلب الذي لم يتم تناوله بالتفصيل من قبل الروس أو الأمريكيين، إلا أن الإسرائيليين يكررونه في كل فرصة.

*فما الذي أدى إلى هذا التحول في لغة الخطاب؟*

يعتبر ليبرمان هذا الطلب منطقيا، بناء على الوضع الحالي على الأرض، قائلا: "بعد أن أصبح واضحا أن إيران وحزب الله يحاولان نقل صواريخ بعيدة المدى إلى سوريا - يصل مداها إلى 400 كيلومتر - أي ما يعادل 250 ميلا - أصبح الطلب بإبعاد الإيرانيين عن الحدود بلا جدوى، لأنه يمكنهم أيضا إطلاق صواريخ بعيدة المدى من شرق وشمال سوريا" وأضاف ليبرمان في حديثه لـ "المونيتور" " أن إسرائيل "مصممة على منع هذا من الحدوث وسنقوم بما يلزم لتحقيق هذا الهدف. ما لم توضح جميع الأطراف المعنية الأخرى للإيرانيين ما يجب عليهم فعله".

وعلى هذا الأساس، تواصل إسرائيل سياسة شدّ الحبل في سوريا، ويبدو أن إسرائيل لن تتراجع، في هذه المرحلة عن سياستها. فهي تحاول الاستفادة من انشغال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتنظيم كأس العالم، بالتنسيق مع إدارة ترامب. تحدّث كل من نتنياهو وبوتين

عبر الهاتف في 15 حزيران/ يونيو الماضي، ما يشير إلى تكثيف التنسيق بين الجانبين أكثر من أي وقت مضى.

هناك تقارير مستمرة حول وجود مخطط يضم كلا من واشنطن وموسكو وإسرائيل. وفقا لذلك، فقد طالب ترامب الأوروبيين بإعادة عضوية روسيا إلى مجموعة الدول الصناعية السبع "جي -7" لأن الروس قد وافقوا بشكل ضمني على الطلب الإسرائيلي والذي يقتضي إبعاد إيران عن حدودها. وعلى الرغم من النفي الإسرائيلي بوجود صفقة ثلاثية من هذه النوع، إلا أنها في الوقت نفسه تؤكد تطابق موقفها مع الموقف الأمريكي بخصوص الوجود الإيراني على حدودها.

تناول تقرير نشره موقع " المونيتور" ما أسماه "صفقة ثلاثية" تشمل كل من روسيا والولايات المتحدة وإسرائيل لإخراج إيران من سوريا، مشيراً إلى أن المخطط الذي يتم تداوله حالياً في الأوساط السياسية، تسعى فيه الولايات المتحدة إلى إعادة موسكو إلى مجموعة الدول الصناعية السبع "جي -7" لقاء موافقة الروس على طلب إسرائيل بإبعاد إيران عن حدودها.

إن التدريب العسكري الذي قام به الجيش الإسرائيلي في 10 حزيران/ يونيو الماضي، في مرتفعات الجولان، لم يكن بمحض الصدفة، حيث استخدم سلاح الجو الإسرائيلي العشرات من الطائرات المقاتلة، بهدف استعراض القوة والعزم المناسبين لإفهام إيران (مرة أخرى) بأن إسرائيل لا تنوي التخلي عن سياسية " لا وجود إيرانياً في سوريا".

وقال مسؤول رفيع المستوى في الحكومة الإسرائيلية "لن يتكرر الفشل الإسرائيلي في السماح لحزب الله بأن يكون له قوة صاروخية مجددا " وأضاف المسؤول الذي تحدث لـ "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن اسمه: "يريدون إقامة نسخة جديدة من حزب الله في سوريا، وهذا لن يحدث، ولو أدى الأمر إلى حرب شاملة".

في الوقت نفسه، تستمد إسرائيل قوتها في السياسة الحالية التي تمارسها على إيران، من التقارير الاستخباراتية التي تقول إن العقوبات الأمريكية على إيران ألحقت أضرارا بالغة بالاقتصاد الإيراني. في الواقع، الضرر أكبر بكثير مما توقعه خبراء الاستخبارات الإسرائيلية. وبالتالي، تعتقد إسرائيل أن الضغط على الملالي آخذ في التزايد، حيث ستجد إيران نفسها أمام خيارين اثنين في نهاية المطاف: إما تغيير حقيقي في السياسة الإيرانية فيما يتعلق بانتشار الإرهاب وإنشاء جبهة ثانية ضد إسرائيل، أو سقوط النظام.

كل هذا دفع بإسرائيل إلى الاعتقاد بأنها تحقق نجاحات سياسية على جميع الجبهات وأن قوتها الإقليمية قد بدأت تتزايد في الآونة الأخيرة.