الثلاثاء 2018/09/11

الغارديان: بريطانيا تقاعست عن التدخل في سوريا

بقلم: باتريك وينتور

المصدر: الغارديان

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


جاء تقرير لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم البريطاني، في الوقت الذي تقوم فيه روسيا بالاستعداد لشن هجوم على معقل الثوار في إدلب.

دعا نواب لجنة الشؤون الخارجية، في مجلس العموم البريطاني، المملكة المتحدة إلى تحمّل مسؤولية الأعمال الوحشية التي تجري في سوريا على نطاق واسع، وطالبوا الحكومة البريطانية بإجراء تحقيق مستقل في عواقب تقاعس بلدهم عن التحرك بخصوص الملف السوري.

وتقول اللجنة إن ثمن عدم تدخل بريطانيا في الحرب السورية التي استمرت سبع سنوات، كان غاليا جدا بالنظر إلى أعداد الأرواح التي أزهقت وزيادة النفوذ الروسي والإيراني في المنطقة، وما تلا ذلك من عواقب وخيمة على أوروبا. وتأتي هذه الدعوة لإجراء تحقيق خلال تقرير أصدرته هذه اللجنة اليوم.

وقد رفض وزير الخارجية البريطاني، جيريمي هنت، فكرة إجراء تحقيق على غرار التحقيق الذي أجرته "لجنة تشيلكوت" بشأن الحرب في العراق، في رسالة إلى اللجنة قال فيها إن أسباب عدم التدخل المملكة المتحدة في الحرب السورية معروفة.

لكن التقرير حث الحكومة على توضيح نهجها تجاه مسؤولية حماية مبادئ الأمم المتحدة. وجاء في التقرير ما يلي: "على الرغم من أن التكلفة والتعقيدات وكذا التحديات التي ستترتب على تدخل بريطانيا في الحرب السورية واضحة وموثقة من خلال التحقيقات السابقة، مثل تحقيقات العراق، إلا أن العواقب المترتبة على عدم التدخل ليست مفهومة بالقدر الكافي. نعتقد أن عواقب هذا التقاعس يمكن أن تكون خطيرة بقدر خطورة تدخل بلادنا في هذه الحرب. لقد كان لقرار عدم التدخل في سوريا عواقب وخيمة جداً على السوريين وجيرانهم والمملكة المتحدة وحلفائنا".

صوّت نواب مجلس العموم عام 2013 بعدم تأييد القيام بعمل عسكري ضد بشار الأسد، عقب استخدام قواته الأسلحة الكيماوية شرق دمشق. ساهم هذا التصويت في تراجع باراك أوباما عن تنفيذ وعيد خطه الأحمر بخصوص استخدام هذه الأسلحة.

قال أعضاء المجلس إن التحقيق يحتاج إلى دراسة أعمق، تتعدى الظروف التي تزامنت مع تصويت آب/ أغسطس 2013، والنظر بشكل أوسع في العواقب المدمّرة لفشل المجتمع الدولي في التعامل مع أزمة اللاجئين السوريين، واستخدام الأسلحة الكيمياوية، وسياسة الشرق الأوسط والعلاقات بين روسيا والغرب، بما في ذلك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وأضاف التقرير: "لقد كان هناك فشل واضح في حماية المدنيين ومنع وقوع الأعمال الوحشية والجرائم الجماعية في سوريا. وقد تجاوز هذا الفشل الخسائر الفادحة التي دفعها الشعب السوري إلى المنطقة المحيطة، وكان له تداعيات في أوروبا والمملكة المتحدة. وترى اللجنة أن هذا الفشل لا ينبع أساساً من الإجراءات التي قام بها المجتمع الدولي، ولكنها نتيجة تقاعسه.

"لقد خلق تقاعس المجتمع الدولي فرصة للآخرين، ولا سيّما روسيا وإيران، للتدخّل وتغيير سياسات الصراع في سوريا. نحن نعتقد أن الحكومة بحاجة إلى فهم الدور الذي لعبته المملكة المتحدة بسبب عدم تحركها والاعتبار منه في المستقبل ".

من خلال الرد فقط على الهجمات بالأسلحة الكيمياوية وتجاهل إلقاء نظام الأسد للبراميل المتفجرة على السكان المدنيين، كان الغرب على وشك إنشاء "تسلسل هرمي حول الأعمال الوحشية"، التي تتطلب رداً فقط.

وقال رئيس اللجنة توم توغندهات: " إن اختيار عدم التصرف، والحياد، يمكن أن يكون له عواقب وخيمة ومرعبة بقدر تلك التي ستترتب على اتخاذ القرار بالتحرك. يجب على الحكومة بذل المزيد من الجهود لحماية المدنيين التي تندرج ضمن مسؤولياتها. ومع تأزم الوضع بإدلب، أصبح لزاما العمل على منع حدوث المزيد من الأعمال الوحشية".

كما يحث النواب حكومة المملكة المتحدة على إعادة النظر في قرارها بعدم  أحقيتها للقيام بخطوة عسكرية من شأنها أن تمنع حدوث إبادة الجماعية أو أعمال وحشية.

يعترف التقرير بوجود انقسامات عميقة حول قانونية التدخل العسكري لأسباب إنسانية، وما إذا كان محظوراً بموجب ميثاق الأمم المتحدة أو طبقاً لمبادئ السيادة الوطنية. يوضح التقرير بأن ميثاق الأمم المتحدة لم يمنع التدخل من أجل حماية السكان من التعرض لأعمال وحشية.

كما يدعو التقرير المملكة المتحدة إلى حث أعضاء مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى الموافقة على قرار الامتناع عن استخدام حق النقض في حال اتهام النظام بارتكاب إبادات جماعية، وهو اقتراح تقدم به الرئيس الفرنسي آنذاك، فرانسوا هولاند، عام 2013، لكن من غير المحتمل أن يحصل هذا المقترح على دعم روسي.

وتلقي اللجنة باللوم على روسيا في استخدام حق النقض (الفيتو) حول سوريا مراراً وتكراراً، قائلة: "إنّ ما يحدث إساءة استخدام للمسؤولية الأخلاقية الموكلة إلى أعضاء مجلس الأمن الدائمين، وإعاقة للإجراءات المطلوب اتخاذها لمنع أو تخفيف معاناة المدنيين، والحد من ارتكاب جرائم وأعمال وحشيّة ضدهم".

أضاف نواب تابعون للّجنة قولهم: "في ظل ظروف محددة، يجب أن يكون استعمال القوة اللازمة الملاذ الأخير للتخفيف من حدة معاناة المدنيين على نطاق واسع، إذ إن غياب تحرك إنساني يمكن أن يؤدي إلى شلل في النظام الدولي، وبالتالي التقصير والتقاعس، الشيء الذي سيؤدي بدوره إلى عواقب وخيمة في صفوف هؤلاء".