السبت 2018/02/24

الحرب السورية، والخطوط الحمراء لإسرائيل (ترجمة)

أثناء زيارة له إلى الحدود الإسرائيلية السورية على مرتفعات الجولان في 6 فبراير / شباط، وبعد لقاء له مع ضباط الجيش الإسرائيلي الموجودين على هذه الحدود، وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحذيراً إلى الإيرانيين، وحزب الله، وتنظيم الدولة، وأي جهة فاعلة أخرى في المعركة التي تدور في سوريا، والتي من شأنها أن تشكّل خطراً على إسرائيل. أكد من خلال تصريحاته أن إسرائيل تسعى إلى السلام مع الجميع في المنطقة، غير أنها على استعداد لأي سيناريو في حالة الهجوم بأي شكل من الأشكال، قائلا: "نحن على استعداد للتصدي لأي سيناريو، ولا داعي لاختبارنا".

والواضح أن الإيرانيين لم يفهموا هذه الرسالة، أو أنهم لم يُلقوا لها بالاً، معتقدين أن نتنياهو لن يجازف بالدخول في حرب إقليمية أوسع نطاقا من خلال الرد بطريقة عنيفة. وقد ثبت العكس للحرس الثوري الإيراني بعد فترة وجيزة.

فبعد أن اخترقت طائرة استطلاع إيرانية المجال الجوي الإسرائيلي حوالي الساعة 4:30 صباحا من 10 شباط/ فبراير، أطلقت مروحية هجومية إسرائيلية النار عليها. لكن لم يتوقف الأمر هنا، فقدة سارعت 8 طائرات مقاتلة باختراق المجال الجوي السوري، وشنت هذه الأخيرة هجوماً على قاعدة عسكرية سورية يعتقد أنها المكان الذي انطلقت منه الطائرة بدون طيار. تمكن النظام من إسقاط إحدى هذه المقاتلات الإسرائيلية، وهي المرة الأولى التي تقوم فيها قوة مضادة بإسقاط مقاتلة إسرائيلية منذ 1980. ولحسن الحظ، فقد نجا الطيارون الإسرائيليون، ما جنب حكومة نتنياهو الإحراج. غير أن انعدام الخسائر لم يُثنِ الإسرائيليين عن اتخاذ المزيد من الإجراءات. فقد استهدفت الهجمات الإسرائيلية أكثر من 12 موقعاً تابعاً للنظام منها أربعة أهداف إيرانية.

إذ ليس من المستغرب أن تقوم كل من إيران وإسرائيل باختبار الخطوط الحمراء لكل منهما. بالنظر إلى ما يجري في سوريا، إنها مسألة وقت فقط قبل أن يدخل البلَدان في اشتباكات مباشرة.

وطوال السنوات السبع للحرب في سوريا، أكد نتنياهو في لقاء تلفزيوني بأن إسرائيل لن تضعف أمام خطر الحرب السورية. إذ يتم التعامل مع ما يجري بقوة وبسرعة. وإذا ما أُلقيَت قذائف الهاون على مرتفعات الجولان، فإن إسرائيل ترسل نيران المدفعية في المقابل. فإذا ما اكتشفت المخابرات الاسرائيلية شحنة من الأسلحة المضادة للطائرات من طراز سا -17 محملة على قافلة متجهة إلى حزب الله فإن القوات الجوية الاسرائيلية سوف تجد هذه القافلة وتدمرها. إذا ما تم اكتشاف منشأة لإنتاج الذخائر الكيماوية تابعة لنظام الأسد، سيتم قصف هذه المنشأة على الفور. وإذا ما قام الإيرانيون بإنشاء قاعدة عسكرية جنوب غرب دمشق، ستعطى الأوامر للمقاتلات الإسرائيلية من أجل تدميرها أو إلحاق أضرار جسيمة بها على الأقل.

لقد توقعت القوى المتدخلة في سوريا حدوث هذا، وبالتأكيد فقد كان حجم التدابير الإسرائيلية المضادة في سوريا أشمل من العمليات السابقة. وليس المقصود بذلك إسقاط قنبلة على هدف صغير انتقائي مثل قافلة أسلحة متوجهة نحو حزب الله بل الأهداف التي تشمل ضرب العديد من المواقع مثل T- 4 "القاعدة العسكرية الواقعة بالقرب من مدينة تدمر السورية التي تملك دفاعات جوية". لم تكن هذه العملية سهلة التنفيذ وخير دليل على ذلك سقوط إحدى مقاتلاتها طراز إف-16.

ومع ذلك، وعلى الرغم من المخاطر والخسائر المحتملة، إلا أن إسرائيل نفّذت العملية. لا مصلحة لإسرائيل في انتقاء المنتصِرين والخاسرين من الحرب التي تدور في سوريا، وذلك خلافاً لإيران وروسيا وتركيا. لكن لها مصلحة أمنية وطنية طاغية تتمثل في ضمان عدم تمكن طهران من استغلال سُلطتها على نظام الأسد، من أجل توطيد وتوسيع وجود عسكري الإيراني دائم على الحدود السورية. في الواقع، باستثناء وقف نقل الأسلحة المتقدّمة إلى ترسانة حزب الله، كل ما تسعى إليه إسرائيل هو إحباط الخطط الإيرانية في الأرض السورية، والتي تعتبر المصلحة الأمنية الوحيدة لها هناك.

وقد أكد نتنياهو ذلك مرارا وتكرارا خلال المحادثات التي أجراها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في المؤتمرات الصحفية، ومن خلال الوسطاء الذين هم على اتصال مباشر مع بشار الأسد، مؤكدا أنه إذا ما حاولت طهران تحويل سوريا إلى لبنان آخر، سوف تُضطَر إسرائيل إلى استخدام القوة العسكرية لمنع وقوع هذه الكارثة.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قامت الحكومة الإسرائيلية بالعمل على هذا الأساس. إذ أظهرت الهجمات التي شنتها إسرائيل في سوريا لكل من إيران والأسد وحزب الله بأن إسرائيل ستدافع عن خطوطها الحمراء بالقوة.

وباعتبار الولايات المتحدة أقرب حليف عسكري واستخباراتي وسياسي في المنطقة لإسرائيل، سيكون لها دور فيما يجري دون شك. غير أنه لا ينبغي لها أن تشارك في الهجمات التي تقوم بها إسرائيل، بل مساعدة الإسرائيليين على تخفيف حدة العنف والضغط على جميع الأطراف - إسرائيل وإيران والأسد وروسيا – من أجل ضبط النفس.

وفي الوقت الذي لا تملك فيه واشنطن نفوذا على نظام الأسد وإيران، يجب أن تكون الولايات المتحدة قادرة على إرسال رسائل مشفرة إلى موسكو من أجل منع قيام إيران ونظام الأسد بشن هجوم على إسرائيل. إن وجود الروس وتمركزهم ببعض القواعد العسكرية التي يمكن استهدافها خلال التصعيد يجعل من مصلحة بوتين الضغط على مختلف اللاعبين بسوريا من أجل الدفع بهم إلى خفض التصعيد. فآخر ما يسعى إليه الروس هو تكبد خسارة بعد ثلاث سنوات من الدعم العسكري لدمشق بفعل الغارات الجوية الإسرائيلية.

وبالنظر إلى العلاقة الثنائية السيئة التي تجمع الولايات المتحدة مع روسيا، أصبح من الصعب إيجاد أي قواسم مشتركة بين واشنطن وموسكو بشكل متزايد في الفترة الأخيرة. ومع ذلك، ينبغي على البلدين العمل معا للحؤول دون حدوث مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران في سوريا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: ناشيونال انترست

بقلم: دانييل ديبيتريس

ترجمة: مركز الجسر للدراسات