الثلاثاء 2018/07/03

الإندبندنت: الكفاح من أجل إنهاء العنف الجنسي ضد المرأة في سوريا

بقلم: بيثان ماكيرنان

المصدر: الإندبندنت

ترجمة: مركز الجسر للدراسات

يعمل أطباء ومحامون ونشطاء على تقديم مرتكبي العنف الجنسي للعدالة ومساعدة العديد من النساء على التخلص من وصمة العار التي عانين منها في الحرب الوحشية في سوريا.

تقول هند قبوات، نائبة رئيس هيئة التفاوض السورية في جنيف والناشطة في مجال حقوق المرأة: " إن الحديث عن المعاناة جزء لا يتجزأ من عملية الشفاء". مضيفة أن "لا أحد يرغب في الحديث عن موضوع العنف الجنسي لأنه ضخم جدًا وصعب للغاية".

لا يمكن مقارنة الحرب السورية، التي استمرت لثماني سنوات، بأي حرب أخرى في الوقت الحاضر، فقد أودت بحياة أكثر من 500 ألف شخص وخلفت أزمة لاجئين زعزعت من إيمان العالم بالقانون الإنساني الدولي والنظام العالمي القائم.

في وقت سابق من هذا العام، أظهر تقرير للأمم المتحدة أنه لم يَسلم أحد من العنف الجنسي والعنف القائم على أساس الجنس في الصراع السوري، ما زاد من احتمالية وجود جيل كامل من السوريين ممن يعانون من ندوب نفسية وجسدية نتيجة العنف الذي تعرضوا له.

إلا أن ناشطين مثل السيدة هند يحاولون التخلص من وصمة العار التي تحيط بالعنف الجنسي على أمل توثيقه لخوض معارك قانونية مستقبلية ضد شخصيات في نظام وقوات الأسد، وكذا مساعدة المجتمعات على التعامل مع هذه الصدمات.

في مكالمة هاتفية لها من مكتبها في جنيف، قالت هند قبوات إنها قد دربت نفسها على تمالك نفسها وعدم البكاء لسنوات، مضيفة "يجب أن أكون قوية من أجل النساء اللواتي ما زلن في سوريا، والنساء اللواتي يحتجن لإيصال أصواتهن".

"أعمل مع العديد من النساء اللاتي يرغبن في المضي قدمًا في حياتهن. إنه لواجب وشرف أن نعتني بهن".

يساعد مكتب هند قبوات في إدارة ثلاثة مراكز مجتمعية في سوريا تابعة للمعارضة، حيث تقوم هذه المراكز بإعادة تأهيل ضحايا العنف الجنسي والعنف القائم على أساس الجنس من خلال تقديم المشورة والموسيقا العلاجية ودروس في الفن.

تتاح لهؤلاء فرص لتعلم مهارات الكمبيوتر واللغة الإنجليزية والحصول على دبلومات ثانوية، ما يساعدهن على المضي قدما في حياتهن.

يتم تسجيل نحو 170 امرأة في فصول منتظمة، بينما تشارك العديد منهن في دورات علاجية وتدريبية.

إن العمل الذي تقوم به هذه المراكز صعب؛ لكن هند قبوات ليست وحدها. تعمل السيدة هند وهيئة التفاوض السورية جنبا إلى جنب مع شبكات من الأطباء والمحامين الذين يوثقون شهادات الناجين من الاغتصاب والتعذيب وغيره من العنف القائم على النوع الاجتماعي، على أمل أن يتم استخدام هذه الأدلة في محاكمات جرائم الحرب الدولية في المستقبل.

حتى الآن لم يتم اتخاذ الكثير من الإجراءات القانونية لتعويض الضحايا السوريين المتضررين، إذ تعرقل روسيا قدرة الأمم المتحدة على المقاضاة عن طريق استعمال حق النقض باعتبارها عضوا دائما في مجلس الأمن وحليف رئيسي لبشار الأسد ونظامه.

يحاول العاملون على هذه القضايا القانونية الآن إيجاد سبل جديدة في العدالة الانتقالية والعالمية، من أجل محاكمة المتهمين في بلدان أخرى غير دولهم نظرا لشدة الجرائم المرتكبة.

فقد تم رفع قضايا ضد مسؤولين رفيعي المستوى تابعين للنظام في كل من إسبانيا وألمانيا؛ الشيء الذي يعتبر تقدما كبيرا في هذا الملف.

ومع ذلك، فإن التحدي الأول في مثل هذا العمل هو الدفع بهؤلاء النساء إلى تقديم إفاداتهن في بيئة غالبا ما تقوم بتجريم الناجين من العنف الجنسي.

يقول أحد المحامين السوريين الذين يعملون عن كثب مع صندوق النزاع والأمن والاستقرار البريطاني "نحن نركز على تلقين النساء حقوقهن، فنحن بحاجة إلى تغيير الصورة النمطية في المجتمع، من أجل إسقاط جدار صمت النساء وتخليصهن من وصمة العار المرتبطة بالضحايا".

"عندما يُعتقل ابن أحدهم ويُطلق سراحه، يقول المجتمع للأب" كن فخورا به وأبقِ رأسك عالياً لأنه كان معتقلاً ".

لماذا لا يحدث الأمر نفسه عندما يكون المعتقل امرأة، ولم يكن بوسعها فعل أي شيء لمنع حدوث ذلك؟ لماذا لا يحدث الأمر نفسه عندما تتعرض للإساءة والعنف خارج السجن، فهي الضحية، وليست الجاني؟ نحن بحاجة إلى تغيير الطريقة التي ينظر بها المجتمع إلى هؤلاء النساء ".

إن التعامل مع ثقافة المحرمات والعار هو الجانب الأصعب للبث في المساءلة القانونية.

تقول هند قبوات إنها تعرف قصة امرأة تعرضت للاغتصاب في سجن النظام، ثم قتلها والدها، الذي أراد التخلص من العار.

تقول هند قبوات بهذا الصدد إن " البرامج التعليمية هي المفتاح لتغيير مثل هذه العقليات، ولو كان عدد هذه البرامج قليلا في الوقت الحالي".

وأضافت" إن النساء اللواتي نعمل معهن ملتزمات جداً بالتغيير..هذا ما سوف يعيد بناء سوريا ويقدم نماذج جيدة وسلوكيات مناسبة لأطفالنا".