الأربعاء 2018/12/05

أعضاء في “الشيوخ الأميركي”: ابن سلمان هو من أمر بقتل خاشقجي

بقلم: كريستينا بيترسون ونانسي يوسف

المصدر: وول ستريت جورنال

ترجمة: مركز الجسر للدراسات


قال عدد من الأعضاء البارزين في مجلس الشيوخ الأمريكي، ممن اطلعوا على إحاطة مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إي) يوم الثلاثاء الماضي، إنهم أصبحوا مقتنعين بأن مقتل الصحفي السعودي جاء بأمر من محمد بن سلمان وتعهدوا بمعاقبة الرياض.

أكد كل من الرئيس ترامب وأعضاء إدارته أنه لا توجد صلة مباشرة بين محمد بن سلمان والقتل الوحشي الذي تعرّض له جمال خاشقجي في 2 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول. لكن مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ كان لديهم رأي مخالف قبيل الإحاطة التي قدّمتها مديرة وكالة الاستخبارات المركزية "جينا هاسبل".

وقال بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ للصحفيين بعد جلسة عمل مغلقة: "ليس لدي أدنى شك في أن ولي العهد هو من أعطى أوامر القتل وأنه كان على اطلاع بما حدث بعدها"، مضيفاً قوله "إذا وقف محمد بن سلمان أمام هيئة المحلّفين، فسيُجمع الكل خلال 30 دقيقة فقط، بأنه مذنب".

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأسبوع الماضي أن وكالة الاستخبارات المركزية قد توصلت في تقييم لها صُنّف بـ"السري للغاية" أن محمد بن سلمان قد أرسل 11 رسالة على الأقل إلى أقرب مستشاريه، سعود القحطاني، الذي أشرف بدوره على الفريق الذي قتل خاشقجي، في الساعات التي سبقت وتلت وفاة الصحفي.

كما أبلغ محمد بن سلمان معاونيه في أغسطس / آب 2017 أنه إذا لم تكلل الجهود الرامية إلى إقناع خاشقجي بالعودة إلى السعودية بالنجاح، فيمكن استدراجه إلى مكان ما خارج البلاد، والقيام "بالترتيبات" اللازمة لضمان عودته، ووفقا لما جاء في تقييم وكالة الاستخبارات، يبدو أن هذه الرسائل "شكلت بداية العملية السعودية ضد خاشقجي".

قالت فاطمة باعشن، المتحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن، عبر عدة تغريدات لها على "تويتر" يوم الثلاثاء الماضي إن محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، على اتصال دائم بعدد من المسؤولين البارزين. مضيفة: "لم يقم ولي العهد في أي وقت من الأوقات بالتواصل مع أي من المسؤولين السعوديين في الحكومة السعودية من أجل إلحاق الأذى بجمال خاشقجي، الذي يعتبر مواطنا سعوديا" مؤكدة في تغريدة أخرى قولها "نحن نرفض رفضا قاطعا أي اتهامات يمكن أن تربط ولي العهد بهذا الحادث المروّع".

وفي وقت سابق من يوم الثلاثاء، قال جون بولتون، كبير مستشاري الأمن القومي في إدارة ترامب، إن مقتل خاشقجي من بين "الجرائم البشعة" التي حدثت في الشرق الأوسط، وإن الإدارة الأمريكية تضغط على السعودية لمحاسبة المسؤولين.

ويبدو أن الإحاطة التي قدّمتها وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) قد زادت من عزم أعضاء مجلس الشيوخ على معاقبة السعودية بخصوص هذه القضية، لكنهم ما زالوا يتباحثون حول كيفية القيام بذلك.

لدى المشرّعين خياران تشريعيان رئيسيان. في الأسبوع الماضي، صوّت مجلس الشيوخ لصالح تقديم مشروع قرار بسحب الدعم الأمريكي للقوات التي تقودها السعودية التي تحارب في اليمن بعد ساعات قليلة فقط من دعوة كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية لعدم القيام بذلك.

وقد قامت الولايات المتحدة بالفعل بالتقليص من حجم دعمها للسعودية في حربها ضد اليمن، عبر إلغاء خدمة تزويد الطائرات الحربية السعودية بالوقود الشهر الماضي. كما يقدم المسؤولون العسكريون الأمريكيون الدعم اللوجستي والاستخباراتي للجيش السعودي، وهي خدمات من المحتمل أن يتم إلغاؤها خلال أيام.

قال وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، الأسبوع الماضي خلال إحاطة إعلامية له في الكونغرس، بأن إنهاء التدخل الأمريكي من شأنه أن يفسح المجال أمام السعودية وحليفتها الإمارات لشن المزيد من الهجمات الجوية على اليمن، الأمر الذي سيؤدي إلى المزيد من الخسائر في الأرواح.

أما بخصوص الخيار التشريعي الثاني فيتمثل في مشروع قانون قدّمه كل من السيناتور بوب مينينديز والسيناتور ليندسي غراهام يقضي بإيقاف مبيعات الأسلحة للسعودية، ومعاقبة الأشخاص الذين يمنعون وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن أو يقومون بمساعدة المتمرّدين الحوثيين هناك. كما إن التشريع يقضي بفرض عقوبات على المسؤولين عن وفاة خاشقجي.

وقال السيناتور كوركر إن المشرعين حاولوا الحصول على موافقة عدد كبير من الأعضاء داخل مجلس الشيوخ من أجل القيام بتعديلات على قرار اليمن، والذي من شأنه أن يوجّه رسالة أقوى للرياض.

صوّت كلّ من السيناتور كوركر والسيناتور مينينديز، أبرز عضوين ديموقراطيين داخل لجنة العلاقات الخارجية، لصالح قرار اليمن الأسبوع الماضي بعد أن عارضاه في السابق.

قال مينينديز بعد الإحاطة التي قدمتها هاسبل، " أنا الآن مقتنع أكثر من أي وقت مضى، لقد كنت مقتنعا تماماً، بأنه يجب أن يكون رد الولايات المتحدة قويا على الحرب التي تدور في اليمن ومقتل خاشقجي".

في حين قال غراهام إنه في الوقت الذي يدرك فيه أهمية السعودية كحليف في منطقة متقلّبة كالشرق الأوسط، فإنه كان على الولايات المتحدة أن تفعل شيئاً بخصوص مقتل خاشقجي.

وأضاف السيناتور "لا شك في أن السعودية حليف استراتيجي وأنه يجب الحفاظ على علاقاتنا معها، ولكن ليس على حساب أي شيء" لأننا "سنلحق المزيد من الضرر بمكانتنا في العالم وأمننا القومي عبر تجاهل تصرفات ولي العهد عوض التعامل معها".

استنكر غراهام سلوك السعودية في مقالة افتتاحية له على "وول ستريت جورنال" يوم الثلاثاء، ودعا إلى إقرار إجراءات من شأنها أن تفرض تدابير عقابية على النظام السعودي.

كتب غراهام قائلا: "في ضوء الأدلة التي جمعتها الاستخبارات الأمريكية حول مقتل خاشقجي، فإن إنكار تورّط ولي العهد هو بمثابة عمى متعمَّد"، مضيفا أن "عدم التحرك يعطي الضوء الأخضر للأنظمة الاستبدادية لقتل منتقديها".

يرى أعضاء بارزون آخرون في مجلس الشيوخ أن الأدلة التي تم جمعها بخصوص مقتل خاشقجي معضلة بالنسبة لصُنّاع السياسة الأمريكية. وقال ريتشارد شيلبي رئيس لجنة الاعتمادات في مجلس الشيوخ "أعتقد، وكل الأدلة تشير إلى ذلك، أن ولي العهد هو من قاد هذه العملية". لكنه قال إن التحدي يكمن في إيجاد طريقة مناسبة للرد واستهداف ولي العهد دون المساس بالعلاقات الأمريكية السعودية. يكمن السؤال في.. كيف يمكن الفصل بين ولي العهد السعودي وجماعته والبلد؟ الذي يعتبر معضلة سياسية حقيقية".

قُتل خاشقجي، (كاتب سابق في صحيفة "واشنطن بوست" كان يقيم في الولايات المتحدة)، على يد مجموعة من العملاء السعوديين بعد دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول. أنكرت الحكومة السعودية مراراً وتكراراً معرفة ولي العهد بالعملية، على الرغم من تورط اثنين من مساعديه المقربين.

وتسببت هذه القضية في توتر العلاقات الأمريكية السعودية وحجبت جهود محمد بن سلمان لإصلاح اقتصاد بلاده وجذب الاستثمارات الأجنبية.

وقال بولتون، الذي تحدث في وقت سابق خلال الاجتماع السنوي لمجلس إدارة " وول ستريت جورنال"، إن إدارة ترامب "أوضحت الأمر..، نحن نتوقع أن يفعل السعوديون كل ما في وسعهم " لتحديد المسؤول عن إعطاء الأوامر بقتل خاشقجي ومنفذ عملية القتل هذه. وأضاف بولتون: "تُرتكب العديد من الجرائم البشعة في الشرق الأوسط من قبل إيران ونظام الأسد والإرهابيين الموجودين في كل مكان".