الخميس 2017/08/10

وثائق لوزان التقنية.. دراسة نقديّة في الجولة السابعة من محادثات جنيف

أنشأ المبعوث الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا ما أسماه "الآلية التشاورية"، وأبلغ بها مجلس الأمن في إحاطته يوم 22 أيار/ مايو 2017.

لماذا أنشأ دي ميستورا التشاورية؟

يجيب هو في إحاطته: " أبلغت الأطراف أنني أنوي تشكيل عملية استشارية تقنية للغوص أعمق، واكتشاف قضايا دستورية وقانونية أعمق، تُثار ضمن الجلسات الرسمية. وبعبارة أخرى، جلسات أقل رسمية يمكننا فيها الغوص أعمق بقليل، ولا سيما عندما يمكن الوصول إلى أرضية مشتركة في أحد المواضيع للإعداد بشكل أفضل للوقت الذي يمكن أن ينعقد فيه مؤتمر سلام، ومعظم هذه القضايا، بدرجة أو أخرى، يمكن على الأقل الإعداد لها، إن لم نقل حلّها بالكامل........ وركزنا على المخرج الحقيقي وهو: تشكيل عملية استشارية، على المستوى التقني، باعتبارها أداةً جديدة إضافية وفعّالة وجزءاً من الهيكلية في عملية المحادثات السورية السورية".

بدأ العمل على التشاورية على هامش جنيف 6، واشتملت كما قال دي ميستورا: "على اجتماعين تقنيين منفصلين مع خبراء من فريقي في يوم 18 أيار – واحد مع الخبراء من طرف الحكومة الذي كان حتى ذلك الوقت متردداً من الدخول في أي نوع من أنواع مجموعات الخبراء، وواحد مع الخبراء من طرف وفد المعارضة السورية كما هو معلن عنها بتاريخ 11 شباط. وعقد كذلك اجتماعان تقنيان آخران في ظل العملية الاستشارية في 19 أيار مع منصتي القاهرة وموسكو، بشكل منفصل".

أعلن دي ميستورا هنا أيضاً نيته جمع وفود منصات الرياض، وموسكو، والقاهرة، في اجتماع تقني موحد في لوزان، مطالباً (الفاعلين والإقليميين لدعم هذا التوجه) حيث قال: "عقدنا أيضاً نقاشات بنّاءة حول الوصول إلى صيغة يمكن فيها لخبراء من منصتي القاهرة وموسكو الانضمام على الأقل إلى اجتماعات الخبراء في وفد المعارضة السورية، المعلن عنها بتاريخ 11 شباط. بعد نقاشات مطولة مع الوفود، نتمنى أن يتحقق ذلك في الجولة القادمة، إذ من شأن ذلك ان يرسل إشارة مهمة عن وحدة المعارضة. كما تعلمون فإن المعارضة التي يذكرها مجلس الأمن تشير إلى أنني ينبغي أن أدعو الهيئة العليا للمفاوضات، ومنصتي القاهرة وموسكو، وكان يحدونا الأمل جميعاً حول ذلك، معتقدين أننا يوماً ما على الأقل في بعض المجالات التقنية، يمكن أن يكون ذلك بداية وجود مظلة مشتركة من الأفكار. قد يكون ذلك خطوة باتجاه فهم مشترك أوّلي حيال بعض القضايا، وأعتقد أن الفاعلين الدوليين والإقليميين، مثلكم أنتم، ينبغي أن يقوموا بكل ما بوسعهم لدعم هذا التوجه ليكون لدينا معارضة موحدة في أسرع وقت ممكن. ورغم أننا نعلم أننا لن نرى هذا يحدث مباشرة أو في وقت قريب، إلا أننا نتمنى أن يقرّبنا ذلك أكثر من إمكانية عقد مفاوضات مباشرة بين الحكومة والمعارضة".

حقّق دي ميستورا هذا الهدف في الجولة الأولى من لوزان 15-16حزيران/يونيو 2017 التي وصفها دي ميستورا بقوله: " وقبل بضعة أيام، وتحديدا يومي 15و16 حزيران/يونيو، عقد خبراء المعارضة من الهيئة العليا للمفاوضات ومنبري القاهرة وموسكو، اجتماعا مشتركا، وجلسوا معا في نفس القاعة في جنيف بناء على طلب من الأمم المتحدة، في إطار من العملية التشاورية، وكانت تلك المرة الأولى التي يجري بها عقد مجموعة مشتركة من اجتماعات الأمم المتحدة مع المدعوين من المعارضة في غرفة واحدة"

ثم انعقدت بنفس الطريقة جولة لوزان الثانية 6-7تموز/يوليو 2017، قبيل جولة جنيف 7.

وثائق لوزان التقنية الخمس:

اكتمل خلال هذه الفترة إنتاج خمس وثائق، الثلاث الأُول منها مشتركة بين الوفود الثلاثة، والأخيرتان أنتجها وفد الهيئة العليا للمفاوضات منفرداً، لازالت قيد المناقشة، ريثما يتم الاتفاق على رأي مشترك حولها في الجولة الثالثة فيما يبدو، وهذه عناوين الوثائق:

الوثيقة الأولى: رأي مشترك حول خلاصات الوسيط/ وفد الهيئة العليا للمفاوضات-منصة موسكو-منصة القاهرة/ اللقاء التقني الثاني في لوزان 6-7تموز 2017.

الوثيقة الثانية: رد مشترك على لا ورقة المبادئ الخاصة بالمبعوث الأممي/ وفد الهيئة العليا للمفاوضات-منصة موسكو-منصة القاهرة/ اللقاء التقني الثاني في لوزان 6-7تموز 2017.

الوثيقة الثالثة: النقاط المشتركة بين المعارضة حول السلّة الثانية/ الجدول الزمني وعملية صياغة واعتماد الدستور الجديد.

الوثيقة الرابعة: مشروع إعلان دستوري مؤقت لجمهورية سورية العربية.

الوثيقة الخامسة: مبادئ حول العملية الانتخابية في المرحلة الانتقالية.

القيمة القانونية لوثائق لوزان التقنية:

في إحاطتين منفصلتين في مجلس الأمن تحدث دي ميستورا عن القيمة القانونية للآلية التشاورية:

قال عنها في إحاطة 22 أيار/ مايو 2017:

أولاً: أنها "أداةٌ جديدة إضافية وفعّالة وجزأً من الهيكلية في عملية المحادثات السورية السورية".

ثانياً: قال: "نتفق جميعاً أنه لا يوجد أي واحد من أصحاب المصلحة، سواء السوريون أو الإقليميون أو الدوليون، سيقبل أن يكون هناك فراغ دستوري أو قانوني أو مؤسساتي في سوريا قبل أو أثناء أو بعد أي عملية انتقال سياسي تفاوضي، والأهم أن هذه العملية يجب أن تكون ملكاً للسوريين، إذ ينبغي أن يقوموا هم بصياغة مسوّدة دستورهم، ويمكننا المساعدة في تحضير الأرضية لذلك".

وقال عنها في إحاطة 27 حزيران/يونيو 2017:

أولاً: "أوضحنا أن العملية التشاورية المنشأة عملية فنية. ومن المعروف والصحيح أيضاً أن كل ما نفعله سياسي، ولكن كان التركيز في هذه الحالة على عبارات “فني” و“خبراء” و“غير ملزمة بطبيعتها”. وهي ليست محفلاً للتفاوض وليست مصممة لتكون محفلا لتولي المسؤولية السياسية للدورات الرسمية أو تمارس حق الشعب السوري في تحديد المستقبل الدستوري لدولة سورية، ولكنها عملية جادة لأنها تعدّ لكل ذلك".

ثانياً: "مررنا بلحظة الحقيقة في أفغانستان...... لقد ساد شعور بأن لا شيء يمضي قدماً إلى أن بلغنا مرحلة معينة، عندما حدث إسراع لعقد مؤتمر في بون. وقد تم وضع كثير من الأعمال التحضيرية التي تبدو أحياناً مرهِقة أو غير حاسمة، كما قال لي أولئك الذين كانوا جزءاً من المؤتمر، موضع التنفيذ فوراً واستخدامها كأساس معد لمؤتمر بون. نحن نفعل شيئاً مماثلاً بصورة ما،نعد أنفسنا بالتحضير انتظارا لمؤتمر جنيف الرئيسي الحقيقي، إن شاء الله".

الخلاصة:

أوراق لوزان التقنية تعني بنظر دي ميستورا أنها: جزء من هيكلية العملية التفاوضية، وأنها عملية سياسية جادّة، وأنها ستمنع حدوث فراغ دستوري أو قانوني أو مؤسساتي في سوريا، قبل أو أثناء أو بعد أي عملية انتقال سياسي تفاوضي، وأنها ستوضع موضع التنفيذ فوراً، وتستخدم كأساس في مؤتمر جنيف الرئيس الحقيقي القادم حال انعقاده.

دراسة وثائق لوزان ستنصبّ على أداء الوفد المفاوض الذي يمثّل هيئة المفاوضات العليا، فهي التي ترى في نفسها حصريّة تمثيل المعارضة السورية من جانب، ومن جانب آخر هي التي ورثت الحفاظ على ثوابت ومبادئ المعارضة بدءاً من المجلس الوطني السوري، وانتهاء بالائتلاف الوطني، هذه الثوابت والمبادئ التي لا تتوفر في المنصات التي شاركت في جولات جنيف من الثالثة إلى السابعة، وستناقش الدراسة هل التزم الوفد المفاوض الممثل للهيئة بوثيقتها التأسيسية، وبرؤيتها السياسية التي أعلنت عنها في لندن، وبالوثائق الرسمية اللاحقة المودعة في الأمم المتحدة خلال الجولات التفاوضية الماضية؟

لماذا هذه الدراسة؟

لثلاثة أسباب:

أولاً: علينا أن نفترض أن اجتماعات ووثائق لوزان التقنية، التي رعاها دي ميستورا، وحضرها خبراء الأمم المتحدة، قد وصلت أخبارها إلى الخارجيات، والأروقة السياسية والأمنية والعسكرية، محدثّةً إيّاها عن تغيّر في مواقف وسياسات الهيئة العليا من بعض القضايا الحسّاسة.

ثانياً: أن هذه الوثائق من أسباب الرسائل التي تبلّغتها الهيئة قبل أيام حول ضرورة تماهي مواقفها وسياساتها كهيئة مع وثائق وفدها في لوزان.

ثالثاً: أنها من أسباب الدعوات لتوسعة الهيئة، أو اندماجها مع باقي المنصات في تشكيل جديد موحّد.

الدراسة:

أولاً: تقول وثيقة "رأي مشترك حول خلاصات الوسيط" في مقدمتها: "درست الأطراف الثلاثة الخلاصات التي توصل إليها الوسيط الدولي في جولة نيسان 2016 ووجدت أن القواسم المشتركة المتمثلة بخمسة عشر بنداً تتعلق بالانتقال السياسي تصلُح كأساس للبناء عليه بين الطرفين للانتقال السياسي".

خلاصة الوسيط في بنودها الخمسة عشر لا تشير مطلقاً، لا تصريحاً، ولا تلميحاً إلى مصير الأسد، فكيف يمكن أن يقال عنها إنها تصلح كأساس للبناء عليه في عملية الانتقال السياسي؟ ثم هي مخالَفة صريحة ومصادمة لوثائق الهيئة، وكمثال عن ذلك:

1- الوثيقة التأسيسية تقول: وشدد المجتمعون على أن يغادر بشار الأسد، وأركان ورموز حكمه، سدة الحكم مع بداية المرحلة الانتقالية.

2- وثيقة "الإطار التنفيذي للحل السياسي وفق بيان جنيف (2012) المعلنة في لندن أيلول/سبتمبر 2016، التي تنص في مقدمتها على " تضع الهيئة العليا للمفاوضات بين يدي الشعب السوري رؤيتها لمستقبل البلاد من خلال عملية تفاوضية تفضي إلى إقرار مبادئ أساسية لمرحلة انتقالية تبدأ مع رحيل بشار الأسد وزمرته الذي تورطوا بإصدار أوامر بارتكاب الجرائم والمجازر بحق الشعب السوري عن السلطة وتولي هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية".

3- الوثيقة رقم 13 تاريخ 23 آذار 2016 الفقرة 6من وثائق الهيئة العليا للمفاوضات، والمسلّمة للمبعوث الخاص، والتي تعبر عن السياسة العامة للهيئة تقول ما يلي: "طبقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2254(2015) فإن الانتقال السياسي يبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالي تمارس كامل السلطات التنفيذية على ألا يكون لبشار الأسد وأركان نظامه وجميع من تلطخت أيديهم بدماء السوريين دور فيها من بدء المرحلة الانتقالية"

4- الوثيقة رقم 7 تاريخ 17 أذار 2016

فقرة "المنطلقات والأهداف والمبادئ الأساسية في التفاوض" تقول: "التأكيد على مغادرة بشار الأسد وزمرته للحكم مع بداية المرحلة الانتقالية، وألا يكون لهم وجود في الترتيبات السياسية القادمة، سواء في المرحلة الانتقالية أو ما بعدها".

يتكرر هذا الأمر في كل وثائق الهيئة بشكل مطّرد، لا يتخلّف أبداً، فاعتبار ورقة خلاصة الوسيط التي تسقط ذكر مصير بشار، يضعنا أمام أمرين:

1- أنه يجب على الهيئة تغيير وثائقها السابقة، والقبول بإسقاط الإشارة إلى مصير بشار فيها.

2- أن الوفد المفاوض التقني ارتكب مخالفة صريحة لوثائق الهيئة التي يمثلها.

ثانياً: تقول ورقة "رد مشترك على لا ورقة المبادئ الخاصة بالمبعوث الأممي" في مقدمتها: توافق الوفد التقني لكل من الهيئة العليا للمفاوضات ومنصة القاهرة ومنصة موسكو على رؤيتهم للا ورقة المبادئ الخاصة بالمبعوث الدولي للملف السوري والتي تشكل رؤية للشكل النهائي للدولة السورية.

هذه الوثيقة المكونة من اثني عشر بنداً، كسابقتها تجنّبت ولو الإشارة إلى قضيّة مصير بشار، بطريقة توحي أن تشاورية لوزان ما عقدت إلا لأجل إزالة هذه المسألة من وثائق هيئة المفاوضات، وبطريقة توحي أيضاً أنه دار نقاش عميق حولها مع وفدي منصتي موسكو والقاهرة، وأن وفد هيئة المفاوضات رضخ لهما، وأعلن توافقه معهما على لا ورقة دي مستورا، مع أنه توجد لدى الهيئة وثيقتان رسميتان مودعتان لدى الأمم المتحدة تتضمن هذا الأمر، وصدرتا كردٍّ على لا ورقة مبادئ ديمستورا :

:

الوثيقة الأولى: رقم 12 تاريخ 22أذار /مارس 2016 بعنوان "المبادئ الأساسية للعملية السياسية في سورية", يقول البند رقم 10 "إن هدف العملية السياسية هو تحقيق الانتقال السياسي الجذري والشامل عبر تشكيل هيئة حكم انتقالي تمارس كامل السلطات التنفيذية على ألا يكون لبشار الأسد وأركان نظامه وجميع من تلطّخت أيديهم بدماء السوريين دور من بدء المرحلة الانتقالية".

الوثيقة الثانية: رقم 13تاريخ 23آذار/مارس 2016 المكونة من 13 بندا تحدد المبادئ الأساسية التي ستقوم عليها دولة سوريا المستقبلية، يقول البند رقم 6 "طبقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2254(2015)، فإن الانتقال السياسي يبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالي كامل السلطات التنفيذية على ألا يكون لبشار الأسد وأركان نظامه وجميع من تلطّخت أيديهم بدماء السوريين دور فيها من بدء المرحلة الانتقالية".

واضح هنا أن هيئة المفاوضات غير موافقة، بل ترفض لا ورقة مبادئ دي ميستورا، فكيف يتوافق الوفد التقني للهيئة مع منصتي موسكو والقاهرة عليها؟

إن عدم صدور رد سريع من هيئة المفاوضات على هاتين الوثيقتين بالذات بعد تسليمها للهيئة من طرف الوفد في جولة جنيف 7، يجعلها موضع الاتهام هي أيضاً في تغيّر مواقفها من قبول دور للأسد في المرحلة الانتقالية، ومن قبولها بحل سياسي لا يمر عبر هيئة الحكم الانتقالي، وهو الذي فتح الباب عليها من الدول الفاعلة في الملف السوري، أن تعلن عن هذه المواقف الجديدة المستندة إلى وثائق وفدها في لوزان.

ثالثاً: حول طبيعة المشاركة بوجود المنصات:

نصت وثيقة الهيئة رقم 20 تاريخ 1 آذار 2017 -أي قبل مئة يوم فقط من بدء لوزان-، والمودعة لدى الأمم المتحدة على (حصرية تمثيل الهيئة للمعارضة السورية استناداً للقرار 2254 وأن الدعوة لحضور مفاوضات جنيف 3 عام 2016 تمت على هذا الأساس القانوني السليم)، وأن "الإصرار على وجود أطراف أخرى من اجتماعات أخرى، سيشكّـل سابقة لا يمكن معها إنجاح أي مفاوضات بسبب وجود اجتماعات مختلفة للقوى السياسية والثورية والمعارضة السورية"، وتحدثت عن أن وجود اجتماعَي القاهرة وموسكو ينبغي أن يقتصر على الشكل الاستشاري كباقي المجموعات مثل المجتمع المدني والمجالس المحلية وغيرها، كما تحدثت عن "قوة التمثيل التي تتمتع بها الهيئة العليا للمفاوضات في صفوف الشعب السوري، خاصة بعد أن ضمّت في عداد وفدها ممثلي الفصائل العسكرية الثورية التي شاركت في اتفاق وقف إطلاق النار، وهي تتمتع بالقدرة على تنفيذ الالتزامات والتعهدات التي تستدعيها العملية السياسية"، وأنها تتوقع "من المبعوث الخاص حسم هذا الموضوع لتسهيل العملية التفاوضية الفعلية والمنتجة".

هذه الوثيقة صدرت نهاية جنيف 4، التي وقعت فيه الهيئة بمطبّ الطاولات الثلاث في الافتتاح، وظهورها جنباً إلى جنب مع منصتي موسكو والقاهرة، والتي أقيل أو استقال بسببها نائب المنسق العام للهيئة، وتعتبر الوثيقة بمثابة تصحيح لهذا الخطأ، وتراجع عنه، وتثبيت لحقها في حصرية التمثيل كما كان الائتلاف في جنيف 2، وكما كانت الهيئة في جنيف3.

ورشات لوزان جعلت الهيئة كواحدة من منصات ثلاث، وهو ما تدفع ثمنه الآن في تعاطي المجتمع الدولي معها، وهو ما يؤكده رفض منصتي موسكو والقاهرة من تلبية دعوة (منصة الرياض) للاجتماع معها في الرياض، وطلب تغيير مكان الاجتماع، فهي منصات على قدم المساواة معها اليوم،

وينبغي التعامل معها بالندّية التي تستحقها، كما كان يحدث في لوزان.

رابعًا: حول الترتيبات الإجرائية:

عملت ورشات لوزان على صياغة ثلاث وثائق تتعلق بسلّتي الدستور والانتخابات، متجاوزة السلّة الأهم والأساس سلة الحكم المتمثلة وبشكل قطعي بهيئة الحكم الانتقالي، مع أن سياسة هيئة المفاوضات، ومن قبلها الائتلاف الوطني تقوم على أولوية هذا البند قبل أي شيء آخر، وأنه مدخل للسلّات الثلاث الأخرى.

نصت وثيقة الهيئة رقم 19 تاريخ 27 شباط 2017 على "ضرورة التركيز حالياً على المحور المتعلق بالانتقال السياسي للأهمية الموضوعية والأولوية الخاصة التي تتيح الانتقال السلس والموضوعي لمناقشة باقي المحاور الأخرى".

وأنه يجب "تناول محور الانتقال السياسي وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي"، "كموضوع أساسي خلال الفترة القادمة بحيث الوصول لتوافقات متقدمة وصريحة ومُرضية، هو التمهيد المطلوب لبحث الموضوعات الأخرى وفق الإطار الزمني الذي حددته الفقرة 4 من القرار 2254.

وأنه "لن يكون من الصعب-في حالة تحقيق ما أشرنا إليه سابقًا-مناقشة تراتبية أو توازي تناول الموضوعات الأخرى بصورة أكثر ثقة.

فالتركيز على قضايا الدستور والانتخابات على حساب محور الانتقال السياسي يعتبر مخالفة لوثيقة الهيئة المذكورة.

النتائج والتوصيات:

ارتكب الوفد التقني لهيئة المفاوضات المشارك في الآلية التشاورية في لوزان الأخطاء التالية:

1- إسقاط بند مصير بشار في العملية السياسية الانتقالية أو النهائية.

2- التفريط في مكانة هيئة المفاوضات، وجعلها كمنصة تساوي منصتي موسكو والقاهرة، وبالطبع يوجد أربع منصات أخرى تنتظر مثل هذا الدور.

3- التنازل عن البدء بسلّة هيئة الحكم الانتقالي، والبدء بسلّتي الدستور والانتخابات.

يجب على الهيئة أن تتخذ قرار عاجلاً لمعالجة هذه الأخطاء، تعلن فيه رفضها لهذه الوثائق جملةً وتفصيلاً، وتعمل على ضبط عمل وفدها في الآلية التشاورية.