الأثنين 2018/06/18

معاداة السامية، وإنكار المحرقة!! التّهم الجاهزة لمن يشكّك بـ”القضية الكردية” في سوريا

"لم يكن لنا مكان آخر نذهب إليه".. كان هذا عنوان تقرير "منظمة العفو الدولية" (أمنستي) الصادر في تشرين الأول/أكتوبر/2015، التقرير كما جاء في ملخصه يتحدث عن "توثيق طائفة من الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الأمن التابعة للإدارة الذاتية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها شمال سوريا، وتتضمّن هذه الانتهاكات ارتكاب عمليات من قبيل التهجير أو التشريد (النزوح القسري) وهدم المنازل، ومصادرة الممتلكات وتدميرها، حيث جرى في بعض الحالات تدمير قرى بأكملها انتقاماً على الأرجح من سكانها العرب أو التركمان".

التقرير يوثّق جغرافياً ما حصل في شمال سوريا بالمنطقة التي "يشار إليها محلياً باسم "روج آفا" وتقع تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) وهو أحد الأحزاب السياسية الكردية.

"لم يسمحوا لنا حتى بحمل ملابسنا إلى خارج المنازل، وقاموا بسحبنا من بيوتنا عنوة وشرعوا بإضرام النيران فيها، ثم جاؤوا بالجرافات وبدأوا عملية الهدم" كانت هذه شهادة امرأة من قرية الحسينية، في محافظة الحسكة، أخبر القرويون باحثي المنظمة أن نحو 90 منزلاً قد جرى هدمها، أي جميع منازل القرية خلا أحدها كان لا يزال قائماً، كما جاء في التقرير.

قرية "رنين" شمال مدينة الرقة، يقول أحد الشهود للجنة التحقيق: "قالوا لنا أمامكم ساعتان كي تغادروا وإلا سوف يحصل ما لا تحمد عقباه" "وقالوا إذا عدنا ووجدنا أنكم لا زلتم هنا فسوف نطلق النار عليكم" يقول شاهد آخر: "أخبرونا بأنه يتعين علينا أن نغادر أو سوف يقومون بإخبار قوات التحالف الأمريكية بأننا إرهابيون، وأن طائراتهم سوف تقصفنا مع عائلاتنا حينها".

معلّمة تقطن مع ثلاثة من أطفالها في قرية "تل دياب" قرب رأس العين، بمحافظة الحسكة، عادت إلى منزلها لتفقُّده، تقول إن عناصر الميلشيات الكردية أبلغوها: "أن المنزل أصبح من ممتلكات وحدات الحماية الشعبية الآن، وتم تخصيصه لشهداء الوحدات". وبسبب إصرارها على التمسك بمنزلها تقول: "شرعوا يأخذون بعض الأشياء من المنزل من قبيل إطارات النوافذ، وأبوابه ومضخة الماء، وباقي الأغراض الموجودة فيه، يمضي المرء 13 سنة في بناء حياته ثم يتركونه مجردا من كل شيء".

في النتائج والتوصيات التي خلص إليها التقرير طالبت منظمة العفو الدولية جميع الدول التي تدعم الإدارة الذاتية، أو تنسق العمليات العسكرية معها بـ "الإدانة العلنية لممارسات الهدم والتهجير غير المشروعة التي تنتهك القانون الإنساني الدولي".

في هذا الجزء من المشهد السياسي، كيف كانت الأحزاب الكردية تتعامل مع تقارير الناشطين، ولجان التوثيق المحلية التي كانت تتوصل إلى نفس نتائج التقارير الدولية؟

كانت ردود الفعل تأتي بطريقة متشابهة في إنكار جرائم PYD رغم خلافاتهم السياسية ظاهرياً معها، وعوضاً عن مطالبة PYD بوقف هذه الانتهاكات نجدهم يتحوّلون للهجوم على المعارضة التي تطالب بوقف حد لهذه الجرائم، ويعتبرون ذلك إثارة للنعرات الطائفية، وأنها تُطلق من خلفية فكرية بعثية و "شوفينية" كما يقولون عادة، بل المفارقة الأغرب أن تكون هذه الانتهاكات سبباً لدعوة وحدة المواقف مع PYD، والعودة لتطبيق اتفاقيات دهوك وهولير. ولاستئناف عمل المرجعية السياسية الكردية، المنبثقة عنها.

يؤكد أحد قيادات المجلس الوطني الكردي "أنهم وجّهوا تلك النداءات بدافع قومي بحت، يقيناً منهم بأن الشعب الكردي يتعرض لهجمة "بربرية قاسية" من القوى الظلامية " ويصل الأمر إلى اتهام المحتجّين على ممارسات المليشيات الكردية الإرهابية بأنهم "أزلام النظام تحت مسمّيات المعارضة".

مقابل هذا لم يتوقف أحد من السوريين في إدانة الانتهاكات التي وقعت في عفرين، أو ينكرها، أو يسكت عنها بحجة عدم إثارة النعرات الطائفية، ولم يتحدث أحد عن عقلية شوفينية كردية تدافع عن حقوق الأكراد في موضع سكتت عن مثله عند انتهاك حقوق غيرهم من العرب والتركمان على يد مليشيات كردية إرهابية، وسكتت فقط لأن المجرمين من القومية الكردية، والضحايا من قوميات غيرها.

في الجزء الثاني من المشهد السياسي، حول العروبة والإسلام والفدرالية، والاعتراف بالشعب الكردي، وبالحقوق القومية والتاريخية له على الأراضي الكردية، وظهور مصطلح "القضية الكردية"، كيف كانت ردود فعل السياسيين الأكراد المحسوبين على المعارضة؟

مؤتمر الإنقاذ الوطني الأول للمعارضة السورية المنعقد في اسطنبول 17تموز/يوليو 2011 "شهد حدوث انشقاقات بداخله تمثلت بانسحاب الأكراد المشاركين فيه" أبلغ الناشط السياسي مسعود عكو "العربية نت" من اسطنبول أن "مطالب الكورد تتركز على جعل سوريا دولة تتسع لكل مكوناتها من عرب وكرد وكلدو آشوريين في حين أن البيان المعدل قام بتسمية سوريا بالجمهورية العربية السورية ما يعني أن لا مكان لها للقوميات والأقليات العرقية والاثنيّة الأخرى".

تتابَعَ انسحابُ الأكراد واعتراضُهم في جميع مؤتمرات المعارضة اللاحقة، فمؤتمر اسطنبول آذار/مارس 2012 انتهى باستقالة جميع الأعضاء الأكراد في المجلس الوطني السوري ما عدا "عبد الباسط سيدا"، ومؤتمر القاهرة تموز/يوليو 2012 " تحوّل إلى مشاجرات وعراك بالأيدي وانسحبت جماعة كردية سورية من الاجتماع مثيرةً فوضى". قال عبد العزيز عثمان من المجلس الوطني الكردي في سوريا "إن الأكراد انسحبوا لأن المؤتمر رفض بنداً يدعو للاعتراف بالشعب الكردي". كما جاء في تقرير لـ"بي بي سي" عن المؤتمر. أحد المنسحبين الأكراد نقلاً عن تقرير للأناضول قال: "إذا كان ذلك هو فكر المعارضة، فأهلا ببشار الأسد"، وأخذ يصرخ: "أنا لست سورياً، أنا كردي".

تأخر دخول المجلس الوطني الكردي إلى صفوف الائتلاف الوطني السوري لمدة عام تقريباً، بتوقيع اتفاقية فرضوا فيها شروطهم التالية على الائتلاف:

1- التزامه بالاعتراف الدستوري بهوية الشعب الكردي القومية، واعتبار القضية الكردية جزءاً أساسياً من القضية الوطنية العامة في البلاد، والاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي ضمن إطار وحدة سوريا أرضاً وشعباً.

2- العمل على إلغاء جميع السياسات والمراسيم والإجراءات التمييزية المطبَّقة بحق المواطنين الكرد ومعالجة آثارها وتداعياتها وتعويض المتضررين، وإعادة الحقوق لأصحابها.

3- اعتماد نظام اللامركزية الإدارية بما يعزز صلاحيات السلطات المحلية، ورغم قبول الائتلاف بهذا الشرط فقد تحفَّظ عليه المجلس الوطني الكردي في ذيل الاتفاقية بقوله: "يتحفّظ المجلس الوطني الكردي على البند الثالث، ويَقترح بأن أفضل صيغة للدولة السورية هي صيغة دولة اتحادية".

4- تبنّي اسم الدولة في عهد الاستقلال (أي "دولة سوريا" بدل "الجمهورية العربية السورية").

في التحفّظ على "اللامركزية الإدارية"، واشتراط "اللامركزية السياسية" أو "الدولة الاتحادية"، يلتقي المجلس الوطني الكردي مع PYD، في تقسيم البلاد إلى أقاليم، وأن: لكل إقليم دستوره الخاص، وسلطاته الخاصة به، كما ورد في أوراق المجلس الوطني الكردي، وأما دستور "روج آفا" الذي تسيطر عليه ميليشيات PYD الكردية فقد نصّ على أنه:

• لكل إقليم الحق في بناء وتطوير نظام العدالة لديه، بشرط عدم تعارضه مع العقد الاجتماعي لفيدرالية روج افا – شمال سوريا، ومع معاهدات ومواثيق حقوق الإنسان الدولية.

• كل إقليم مسؤول عن تنظيم وتمكين قوات الأمن الداخلي لديه.

• كل إقليم له الحق في الدفاع المشروع تجاه الهجمات الخارجية. ويرى نفسه مسؤولاً بالدفاع عن فيدرالية روج افا – شمال سوريا وفيدرالية سوريا الديمقراطية.

• بإمكان كل إقليم تطوير وتكريس العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع الشعوب والبلدان المجاورة.

نحن أمام دولة منفصلة عن الدولة السورية، وإن كان يجري نفي هذا المعنى من قبل الأحزاب السياسية الكردية إلى الآن.

في جانب آخر سياسي حول مستقبل سوريا رفض المجلس الوطني الكردي الاعتراف بوثيقة "الإطار التنفيذي للحل السياسي" الذي سلّمته الهيئة العليا للمفاوضات للأمم المتحدة، في ثنايا مفاوضات جنيف، وتَرَكّز اعتراضهم على:

1- أن هذه الوثيقة لا يمكن أن تكون جزءاً من الحل، وإنما تُشكل خطراً على الديمقراطية والتعددية ووحدة سوريا والتي يجب أن تضمن الحقوق الثقافية والمجتمعية والسياسية لجميع المكونات الإثنية والدينية واللغوية.

من يقرأ الوثيقة سيُلاحظ فوراً أن النقطة رقم (1) من “المبادئ العامة” تجعل فقط من الثقافة العربية والإسلام مَعيناً خصباً "للإنتاج الفكري والعلاقات الاجتماعية".

2- رفض “وثيقة الإطار التنفيذي” التي تُسمي اللغة العربية، اللغة الرسمية الوحيدة في البلاد بدون الإشارة إلى إمكانية جعل لغات أخرى كلغة ثانية في البلاد، كاللغة الكُردية أو الآشورية السريانية في مناطق معينة، حيث يتكلمها جزءٌ كبيرٌ من السكان فيها.

3- بالرغم من أن غالبية السوريين هم مسلمون كما تصفهم الوثيقة، فإنه يوجد معتنقون لدياناتٍ أخرى. على سبيل المثال المسيحيون والإيزيديون، كما الملحدون وغير المتدينين. وهذا هو أحد الأسباب التي تدفع المجلس الوطني الكُردي إلى ضرورة الأخذ بالنصيحة لاعتماد العلمانية.

بعد إعلان فيدرالية "روج آفا" اعتبر السياسي الكردي جواد الملّا ذلك "خطوة من أجل إعلان الدولة الكردية"، ووصف السياسي الكردي أحمد سليمان "موقف المعارضة بأنه أشبه بمواقف الأنظمة المتعاقبة في سوريا وموقفها الشوفيني من القضية الكردية".

يصل الأمر في هذا الجانب بالسياسيين الأكراد إلى القول إنه "من حق الكرد تقرير مصيرهم بأنفسهم، بما في ذلك الانفصال عن سوريا وإنشاء دولتهم المستقلة".

قليل من المعارضين السوريين من تجرّأ على انتقاد المطالب التعجيزية للأحزاب الكردية، واعتراضهم ورفضهم للبيانات الختامية للمؤتمرات، أو للوثائق التي تتفق عليها المعارضة، خوفاً من ردود الفعل العنيفة والاتهامات التي كانت توجَّه إليهم من هذه الأحزاب، مثال على هذا ما حدث مع العميد أسعد الزعبي رئيس الوفد المفاوض في جنيف بعد تسريب تسجيل لتصريح صادر عنه اعتبره الأكراد مسيئاً لهم، فقد أصدر المجلس الوطني الكردي بياناً ضده قال فيه:

"أدانت الأمانة العامة أيضا الموقف الشوفيني والعنصري الذي صدر من سليل الذهنية البعثية والعروبية أسعد الزعبي في إثارة الأحقاد الدفينة بين المكونات السورية الأصيلة، وفي مقدمتهم الشعب الكردي والبيشمركة الأبطال، دليل آخر على إفلاس ايديولوجيته العنصرية، ودعت الأمانة العامة الهيئة العليا للتفاوض باتخاذ الموقف المناسب منه".

وبعد مقابلة للعميد الزعبي على فضائية "سكاي نيوز العربية" حول جرائم مليشيات PYD الإرهابية صدر بيان آخر ضده من المجلس الوطني الكردي يطالب بإقصائه عن رئاسة الوفد المفاوض، ومما جاء فيه:

"استمراراً في منهجه المستمد من ثقافته العنصرية التي حصل عليها في مدارس حزب البعث عندما كان ضابطاً في الكلية الجوية فإن المدعو أسعد الزعبي لا يتورّع عن إثارة الأحقاد والفتنة الطائفية والعرقية سبيلا له كعلامة مميزة لخطابه وفي المقدمة منها توجيه الإساءات للشعب الكردي الذي طالما عرفت حركته السياسية بالاعتدال والدفاع عن الديمقراطية وبناء سوريا دولة علمانية اتحادية لكل أبنائها وتحريرها من الإرهاب والإرهابيين. إن المقاومة الكردية وفي المقدمة منها البيشمركة الأبطال ليست بحاجة لتفنيد نعوت الزعبي لها بالإرهاب فهي تثبت للعالم أجمع أنها القوة الأساسية التي تقف اليوم في مواجهة داعش ومثيلاتها وتدحرها معركة تلو الأخرى وترفع رايات الانتصار وهذا ما يغيظ أيتام الإيديولوجيات التكفيرية والشوفينية. إننا وفي الوقت الذي نستهجن وندين بأشد العبارات تصريحات الزعبي الحاقدة التي وصفت المقاومة الكردية بالإرهاب عبر فضائية سكاي نيوز العربية ندعو الهيئة العليا للتفاوض باتخاذ الموقف المناسب منه ومدى صلاحيته للعمل في مكاتبها نظراً لأنه بات يرمز للتفرقة والتعصب والعداء للكرد".

للعلم فقط المقاومة الكردية التي يدافع عنها هذا البيان هي ميليشيات PYD، وأما "البيشمركة الأبطال" فلا وجود لهم على الأراضي السورية إلى يومنا هذا.

انتهى الأمر بالإطاحة بالزعبي من منصبه كرئيس للوفد المفاوض في جنيف، ليكون لاحقاً خارج هيئة المفاوضات كلها.

في واقعة أخرى أجبر الأكراد الائتلاف الوطني السوري على التنصّل من مذكرة قانونية أرسلها رئيس اللجنة القانونية هيثم المالح إلى الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي بشأن إدراج حزب الاتحاد الديمقراطي على قائمة الإرهاب الدولية إثر الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات التابعة له في مدينة الرقة.

مرة ثانية رغم الخلافات بين الطرفين الكرديين المجلس الوطني الكردي وPYD، إلا أن الأكراد يعتبرون ذلك شأناً داخلياً خاصاً بالقومية الكردية لا يحق لطرف سوري آخر أن يتدخل فيه، وإلا كان شوفينياً عنصرياً يناهض القومية الكردية.

مصطلح "القضية الكردية" ورد كثيراً في وثائق المعارضة السورية، وفي وثائق الأحزاب الكردية على حد سواء، ما هي القضية الكردية التي تطالب الأحزاب الكردية باقي الشعب السوري بالاعتراف بها، ويعتبرون مجرد السؤال عنها شيئاً شبيهاً بمعاداة السامية، وأما التشكيك ببعض جوانبها فهو بمثابة إنكار المحرقة النازية؟

إذا كان شخص مثل "عبد الله أوجلان" يعجز عن تعريف القضية الكردية في كتابه "مانيفستو الحضارة الديمقراطية" بقوله: "إن القدرة على تعريف القضية الكردية بحالتها الراهنة أمرٌ عويصٌ للغاية"، فمن البديهي أن تعجز الأحزاب السياسية الكردية عن تقديم تعريف واضح لها!!

لنركز على مصطلح القضية الكردية في سوريا الذي هو موضع النظر هنا!

هل يمكن ربطه بمشكلة كردية بدأت ما قبل الميلاد بسقوط الإمبراطورية الميدية على يد الفرس؟ أم إثر اقتسام الأكراد بين الدولتين الصفوية والعثمانية بعد معركة جالديران 1514م؟ أم بعد اتفاقية سايكس بيكو 1916م؟ أم إنها بدأت بسبب عدم تطبيق معاهدة سيفر 1920م؟

بعد معاهدة لوزان 1923 صار الأكراد قانونياً موزّعين بين أربع دول هي تركيا إيران والعراق وسوريا بعد ترسيم الحدود بين هذه الدول.

هذا الجزء كله ليس له علاقة بـ "اعتبار القضية الكردية جزءاً أساسياً من القضية الوطنية العامة في البلاد" كما جاء في الاتفاقية الموقّعة بين المجلس الوطني الكردي والائتلاف الوطني السوري.

إذن ما هي القضية الكردية الوطنية السورية؟

ما عدا الحرمان من الجنسية، وأراضي الغمر، لا يوجد ما يميّز أكراد سوريا عن غيرهم من السوريين في الانتهاكات والاضطهادات التي مارستها السلطات السورية بحقهم على مدار عقود من استلام حزب البعث للحكم.

هذا القدر من القضية الكردية لا يؤهل الأحزاب السياسية الكردية للمطالبة بالانفصال عن الدولة السورية، وتأسيس "دولة كردية" على "الأراضي التاريخية" للأكراد السوريين التي تعجز هذه الأحزاب عن حدود دقيقة المعالم لها!

الموضوع باختصار أنّ أحزاباً سياسية تريد امتلاك سلطة على الشعب الكردي الذي لم يخوِّلها يوماً للحديث باسمه، وهذه التجربة الأولى للحكام الأكراد التابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي وذراعهم ميليشيات PYD تقدم للشعب الكردي أسوأ مثال للسلطة، وتتسبب في هجرة مئات آلاف الأكراد السوريين خارج البلاد بسبب قضايا مثل التجنيد الإجباري، وانعدام الأمن وفرص العمل، وضعف الخدمات التي تقدم للسكان المحليين المتبقين في المناطق التي تخضع لسيطرتها.

هذه الأحزاب السياسية كانت من أكبر أسباب هذا التوتر المجتمعي بين الأكراد والعرب شمال سوريا، وعليها إعادة النظر في برامجها وخطابها السياسي، وأن تضع المشكلة الكردية ضمن المشاكل التي يعاني منها الشعب السوري كله بسبب استبداد نظام آل الأسد الذي لم يسلم من جرائمه أي من المكونات السورية.

كما يجب على هذه الأحزاب التوقف عن كيل الشتائم والتهم بالشوفينية والبعثية والعنصرية والطائفية تجاه من يطالبهم بالتعريف الحقيقي للقضية الكردية كقضية وطنية سورية.