السبت 2017/10/14

يا كبير السكّيرين.. ماذا بقي من “سيادة وطنية” يدوسها الجميع ؟ !

مع حشر الأطراف الدولية نظامَ الأسد في الزاوية وتهميشِه وعدم الرجوع إليه في جميع القرارات التي تمس الدولة السورية حتى من المقربين منه كروسيا وإيران، يبدو أن هذا النظام لا يزال يتمسك بمصطلحات هي في الأصل فاقدة لقيمتها حتى قبل سني الثورة السبع ، ويحاول باستمرار إظهار قيادة جيشه المهترئ البالي على أنها لا تزال متماسكة.

مصطلح "السيادة الوطنية" كان مُهاناً قبل الثورة السورية، والجميع يعلم كم مرة قصف الاحتلال الإسرائيلي مواقع في قلب سوريا دون أن يفكر النظام مجرد تفكير بالرد، وكان يلقي العبارة الكرتونية "نحتفظ بحق الرد"، أبرز تلك الغارات التي طالت "المفاعل النووي السري" الذي كان قيد الإنشاء في منطقة الكُبر بريف دير الزور الغربيّ عام 2007 ، وكان سبقها في العام 2003 تحليق طيران إسرائيلي فوق منزل بشار الأسد.

لكن "السيادة" اليوم بعد انطلاق الثورة السورية تبدو أكثر وضاعةً وإذلالاً بعد أن داست عليها عشرات الدول فضلاً عن المليشيات والتنظيمات متعددة الأعراق والجنسيات والمذاهب، ومع مرور الوقت بات مصطلح السيادة محل سخرية وتهكم لدى السوريين، ولفت نظري حديث وزير خارجية النظام "وليد المعلم" قبل أيام الذي يبدو أنه يغطُّ في سبات عميقٍ من الانعزال والانفصال عن الواقع حينما قال إن الأكراد ينافسون قوات النظام في السيطرة على المناطق النفطية مؤكداً أن النظام لن يسمح بانتهاك سيادة الدولة، وأردف.. "الأكراد أسكرتهم نشوة المساعدة والدعم الأمريكي".

"صدق المعلم وهو كذوب" بحديثه عن سكرة الأكراد ونشوتهم بالدعم المقدم لهم، فهم نعم غرقوا في الدعم الأمريكي بعد أن تخلّوا عن أبناء وطنهم لمصالح وأطماع انفصالية، لكن يبدو أن سكرةَ المعلم نفسِه أنسته الحال التي وصل إليها نظامه المتشرذم والمتهتك سياسياً وعسكريا واقتصادياً وأخلاقياً ، وإن كان الأكراد سَكِروا مرةً بالدعم الأمريكي فإن النظام سكر ألفَ ألفَ مرة بنشوة دعم إيراني روسي لبناني أفغاني عراقي وربما القائمة تطول في سرد أسماء الدول والمليشيات التي تسعى إلى تثبيت أركان نظام الأسد وتنهش من جسد سوريا لمصالحها وغاياتها القريبة والبعيدة، فضلا عما جلبه من عناصر أجنبية أخرى من شتى أصقاع الأرض كتنظيم الدولة، ويحاضر النظام في الوقت نفسه عن "السيادة الوطنية" كحال "العاهرة" التي تتحدث عن الشرف ! ، والجدير بالذكر أن "المعلم" المعتاد على السُّكر ونُشرتْ له مقاطع على مواقع التواصل تؤكد ذلك كالفضيحة التي لم يخجل منها حينما ظهر وهو يأكل ويشرب على أنغام ورقصات امرأة شبه عارية كان قد صرح قبل حديثه عن "سكرة الأكراد"  أن النظام مستعد ليفاوض الأكراد على الحكم الذاتي في تنازل واضح عما يسميها "السيادة الوطنية".

عن أي سيادة يُحاضرُ وليد المعلم وقد امتلأت أرض سوريا بالقواعد الأجنبية شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً، وسماؤها مزدحمة بالطائراتِ متعددةِ الأعلام منها ما تضرب حتى قواتِه ومواقعه في بعض الأحيان ، وبات بشار الأسد يقبعُ في جحرٍ كالفأر لا يخرج منه إلا بإذن من أسياده الروس  والإيرانيين، فضلاً عن تمزق جيش النظام وتحوّله إلى مليشيات مسلحة تعتاشُ على عمليات السطو والسلب والنهب من المدنيين، وعلى الرغم من وضوح ذلك كعين الشمس للسوري وغير السوري، يخرج النظام ليعلن ما يسميها الانتصارات، في حين أن ما بقي لديه من عناصر تابعين لجيشه المتآكل يكونون دائماً في ذيل القوات المهاجمة، كما حصل مؤخراً في دير الزور والتي لم يكن يحلم النظام بالوصول إليها لولا الدعم البري الجوي من روسيا وكذلك الإيراني.

لم يعد غريباً ما يتحدث به زبانية نظام الأسد ومحاولاتهم تلميع أنفسهم ونظامهم الذي يمر بأكثر مراحله انحطاطاً، فهؤلاء ألفوا الذل والهوان والعبودية واستمرؤوا الخيانة، وما بيع  الأسد الابن لسوريا اليوم إلا استكمالاً لما بدأه الأسد الأب حينما باع الجولان للاحتلال الإسرائيلي وكان يظل يطنطن بعداء ومحاربة إسرائيل بين الفينة والأخرى ، ومما لا شك فيه أن سيادة سوريا اندثرت وولت بلا رجعة منذ تولى حافظ الأسد الحكم بانقلابه البعثي العبثي، والذي هان فاستُهين به فصار الهوان سهلاً عليه وعلى من حذا حذوه كـ"المعلم" مثلاً..