الأثنين 2018/04/23

ورطة “خامنئي” تتصاعد.. في الداخل كصدى للخارج

قبل أيام نشرت صحيفة "جهان صنعت" الإيرانية تقريرا بعنوان: "خمسة ملايين مواطن ينامون جياعا في إيران".

وذكر التقرير أنه "وفقا لبيانات عام 2017، فإن 33٪ من سكان إيران البالغ عددهم (80 مليون نسمة) يعيشون في حالة من الفقر المدقع".

وحول ارتفاع نسبة التضخم وهبوط العملة الإيرانية وآثار هذا الوضع الاقتصادي المتردي على ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في إيران، قالت الصحيفة إن "ارتفاع نسبة التضخم أدى إلى هبوط العملة، وهبوط العملة سيتسبب في تراجع الإنتاج في البلاد، ولكن المنتجين الإيرانيين لا يستطيعون منافسة الأجانب كتركيا والصين .

وبسبب الإقبال على المنتجات التركية والصينية تم إغلاق 14 ألف مصنع إيراني، مما يفاقم الارتفاع في نسب البطالة والفقر ".

العملة الإيرانية فقدت في عام 2017، حوالي 37 بالمئة من قيمتها أمام الدولار، فيما شهدت الأيام الأخيرة مزيدا من التدهور، وتسابق الناس نحو محلات الصرافة للحصول على الدولار.

هذا الكلام لا يعني بحال أن إيران على وشك الانهيار، فالدول الكبيرة لا تنهار بهذه السهولة، لا سيما حين تكون القبضة الأمنية فيها قوية، فضلًا عن تكون ذات موارد كبيرة، الأمر الذي ينطبق على إيران بكل تأكيد.

على أن تجاهل هذه المؤشرات المهمة لا يعدو أن يكون دفنًا للرؤوس في الرمال من قِبَل السلطة الحاكمة في إيران، ونعني بذلك تيار المحافظين، وليس "روحاني" الذي لا يتجاوز دوره، دور رئيس الوزراء في نظام بشار الأسد!!

الأوضاع المتردية في إيران أخذت تلقي بظلالها على الوضع السياسي، وذلك بتصاعد الخلافات الداخلية بين الإصلاحيين والمحافظين، وصولًا إلى تبادل الاتهامات التي بدأت تطال "خامنئي" شخصيًّا، وبجانب ذلك دخول أحمدي نجاد، على الخط بقوة، مع احتمال أن يصار إلى اعتقاله بعد أن صعّد من خطابه وبدأ يضرب في شخص "المرشد".

الإصلاحيون لم يعودوا قادرين على احتمال معادلة "التيس المستعار"، أي مواجهة الناس كمسؤولين، فيما السلطة الحقيقية بيد التيار المحافظ.

وفي هذا السياق، كتب نائب وزير الداخلية السابق، ومنظر التيار الإصلاحي، مصطفى تاج زادة، في "تويتر" يقول: "وصلنا لمرحلة مفصلية في الصراع بين الحكومة والدولة العميقة"، مضيفًا أن "على الدولة العميقة الكشف عن نفسها والخروج إلى العلن عبر إزاحة الحكومة الشرعية، وتسلم إدارة البلاد بما في ذلك المؤسسات السيادية، أو أن تنسحب من الاقتصاد والسياسة الخارجية".

وزاد الأمر وضوحًا بالقول: "علينا أن لا نسمح للمجتمع المدني الإيراني أن يُهزم من العسكر"، أي مليشيا الحرس الثوري، في ظل دعوات صريحة من قِبَل محافظين لترشيح قاسم سليماني للرئاسة.

المعضلة في المشهد الإيراني هي أن الوضع الاقتصادي لا يذهب نحو التحسن، لأن النزيف الخارجي لم يتوقف، لا في سورياولا في اليمن، ولا في مجمل التحركات التي تقودها إيران هنا وهناك من أجل أحلام تمدد عبثية.

أما المصيبة الأكبر فتتمثل في الضغوط الأمريكية الجديدة، وهي ذاتها التي أفضت إلى تدهور العملة الإيرانية، في حين لا تبدو الردود الإيرانية أكثر من استعراض بلا قيمة، لأن التهديد بالعودة إلى التخصيب ليس حلًا، وسيحرم طهران من فرص المناورة بين الأمريكان والأوروبيين.

الابتزاز الأمريكي حقير، لا جدال في ذلك، لكن من يُسأل عن ذلك هو صاحب القرار (خامنئي) الذي صرف عشرات المليارات في المشروع النووي؛ بين كلفته، وبين العقوبات، ثم تنازل عنه من أجل رفع العقوبات بعد تصاعد النزيف في سوريا ،وها إنه يكتشف أن اللعبة لم تنته بعد.

قلنا منذ البداية إن محافظي إيران سيتذكرون أن قرارهم بالتدخل في سوريا هو أسوأ قرار اتخذوه منذ الثورة، ووصفنا سوريا بأنها مثل أفغانستان للاتحاد السوفياتي، وإن لم تؤد إلى تفكك الدولة.

بوسع "خامنئي" أن يوقف هذا النزيف بتفاهم مع العرب وتركيا، ولكن ذلك يستدعي موقفًا شجاعًا يشبه موقف "الخميني" بوقف الحرب العراقية الإيرانية، والذي شبهه بتجرّع كأس السم، ولا ملامح حتى الآن على ذلك.


المصدر:الدرر الشامية