الأحد 2018/01/28

واشنطن بوست: على ترامب أن يدرك أن دكتاتور مصر ليس صديقًا لأمريكا

بعد اللقاء الذي جمعه بالحاكم المصري، عبد الفتاح السيسي، السبت الماضي، قال نائب الرئيس الأمريكي، مايك بنس، للصحافيين إنه قد رفع قضية أمريكييْن حُكم عليها بالسجن ظلما في القاهرة، بالإضافة إلى مسألة التعامل مع المنظمات غير الحكومية والحرية الدينية، للرئيس المصري.

رغم كل هذه القضايا، التي انتهكت فيها مصر حقوق الإنسان بشكل فاضح، من بينها حقوق هذين الأمريكييْن، مازال النظام يتلقى أكثر من مليار دولار سنويا في شكل مساعدات من الولايات المتحدة الأمريكية.

ولقد كان من الرائع أن يسلط بنس الضوء على هذه المسائل، بيد أنه من الغريب أن يكرر أن السيسي "صديق"، ويدعي أن "علاقة الصداقة بين البلدين لم تكن بهذه القوة من قبل".

عاشت مصر في حكمه أسوأ قمع سياسي في تاريخها الحديث، حيث تعرض الآلاف للقتل والخطف، وألقي بعشرات الآلاف في غياهب السجون

ما زاد من خيبة أمل العديد من المصريين، عدم تعليق بنس عن الانتهاك الفادح للديمقراطية على يد عبد الفتاح السيسي.

فقد أعلن الرجل القوي يوم الجمعة، قبل وصول نائب الرئيس الأمريكي، نيته في الترشح للانتخابات الرئاسية في شهر آذار/ مارس. وسيكون عبد الفتاح السيسي المرشح الوحيد الأجدر والجاد، وذلك ليس لأن مصر لا ترغب في انتخاب البديل.

قبل إعلان السيسي عن ترشحه للانتخابات الرئاسية، تم الدفع بمرشحين منافسين له وهما رئيس الوزراء وقائد سلاح الجو الأسبق أحمد شفيق، ونجل شقيق الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، خارج مضمار السباق الرئاسي.

وقد تعرض أحمد شفيق للسجن الانفرادي، ولم يطلق سراحه حتى أعلن تخليه عن الترشح لمنصب رئيس الجمهورية.

يوم الثلاثاء الماضي، ألقي القبض على رئيس أركان الجيش المصري السابق، سامي عنان، ما أجبره على تعليق ترشيحه للرئاسة بعد أربعة أيام فقط من إعلانه ذلك.

وقد كان عنان ثاني أكبر قائد عسكري في مصر، قبل أن يقيله الرئيس المنتخب محمد مرسي سنة 2012، الذي قاد ضده السيسي انقلابا دمويا سنة 2013. وعلى الرغم من أن سامي عنان وأحمد شفيق لا ينتميان للتيار الإسلامي أو الليبرالي الديمقراطي، أكثر التيارات السياسية تعرضا للقمع من قبل النظام الحالي، فقد أثبت السيسي بأنه لن يتسامح خلال المنافسة الانتخابية حتى مع المرشحين المنتمين إلى المؤسسة العسكرية الحاكمة.

في الواقع، ولئن تجاهلت إدارة ترامب، هذا الأسبوع، الإساءة للمعايير الديمقراطية، التي طالب بها المصريون بشكل جماعي قبل سبع سنوات، إلا أنها مجبرة على أن تعبر عن قلقها من الإجراءات التي اتخذها السيسي. فقد فشل الرئيس المصري بشكل واضح في وضع مصر على طريق الاستقرار خلال النصف الماضي من هذا العقد، كما فشل في منع نمو شوكة تنظيم الدولة الفتاك في شبه جزيرة سيناء.

إلى جانب ذلك، لقد أساء السيسي التصرف في إدارة الاقتصاد بشكل كبير، إذ دفع نحو بناء مشاريع فرعونية دون أن يحرص على الحفاظ على المستثمرين. كما عاشت مصر في حكمه أسوأ قمع سياسي في تاريخها الحديث، حيث تعرض الآلاف للقتل والخطف، وألقي بعشرات الآلاف في غياهب السجون، ناهيك عن تضييق الخناق على وسائل الإعلام والمجتمع المدني الذي تميز بالحيوية.

لا عجب أن يقدم اثنان من كبار الجنرالات المتقاعدين أنفسهما منافسين للسيسي، ولكن ما جابههم به السيسي من اعتقال يظهر عدم شعوره بالأمن في منصبه الحالي، فقاعدة الرجل القوي بصدد التآكل بشكل مطرد. فمن دون دعم النخبة العسكرية، التي هي بدورها أقلية معزولة في مصر، لن يحظى السيسي بفرصة كبيرة لمعالجة مشاكل البلاد الداخلية المتفاقمة ولن يتمكن من دحر تنظيم الدولة. كما يبعده كل هذا من دائرة المقربين للولايات المتحدة الأمريكية ويضعه في دائرة الخصوم.