الأحد 2017/08/13

هل ستكون في إدلب النهاية أم البداية ؟

أوصلت هيئة تحرير الشام المشهد في إدلب مدينة وريفاً إلى ما تريده المنظومة المعادية للثورة السورية.

منظومة معادية تضم نظام بشار الأسد وأتباعه وإيران وأتباعها وتضم روسيا بكل قوتها ....ومن ورائهم أميركا وأوربا ...كلهم يريدون مشهداً يكون فيه المبرر للقتل والإبادة في إدلب قوياً حاسماً لا خلاف فيه ولا حرج فيه.

وهل احتاجوا مبرراً لهذه الدرجة فيما مضى حين تم ما تم من قتل وإبادة وتهجير في القصير وحمص وداريا وحلب وبلدات وادي بردى وغيرها ؟

بالتأكيد لا... فقد فعلوا ما فعلوا ولم يكن هناك من مقاتلي النصرة أحد في القصير وداريا وأعدادهم كانت لا تُذكر في حمص وحلب ووادي بردى.

وهل حصل حرج عليهم كبير ضاغط مؤثر عندما فعلوا ما فعلوا؟...بالتأكيد لا.

لم يحصل أي حرج ولم يصل إليهم إلى اليوم أي اتهام دولي رسمي...

لا حرج عليهم ولا جناح عليهم إذا قتلوا ألوفاً من الشعب السوري تحت مظلة مكافحة الإرهاب ...إذن لِمَ يكون المشهد في الذي أوصلت إليه هيئة تحرير الشام منطقة إدلب مظلماً محبطاً وبلا بصيص؟

لأن المنظومة المعادية كلها حصلت على الذريعة الأمثل والتوافق الأكمل.

وهناك أمر آخر يخص المدنيين في المنطقة وهو معنويات و صبر الناس الذين ضاعت أمامهم تماماً خارطة الطريق الواضحة المقنعة للخروج إلى فرج قريب, وألم التضحيات لا يترك أمام أصحابها خيارات كثيرة فمن يفقد طفلاً يطيش صوابه وقد يشير للريح يلومها أنها قد سببت قتل طفله إذ لم تهب بقوة لتبعد البرميل المتفجر.

وأمام هذا المشهد المظلم تنوعت المواقف والأقوال في الأوساط المختلفة الثورية و غير الثورية .

فمن الناس من فرح واستبشر وشمت وقال قد جاءت نهاية المتطرفين ومن آواهم وحضنهم وهو ينتظر بفارغ الصبر اليوم الذي تباد فيه إدلب ليقول : ألم أقل لكم؟ ألم أصف لكم ما سيحصل ؟ وكأنه قد فطن لما لا يخطر على بال أحد.

وهناك من نَشِطَ أكثر فتفرغ وراح يؤجج ويحرِّض ويُفتي ويقرع طبول الحرب ...ولكن ليس ضد النظام ومن معه.

ومن الناس من صمت واستمر يراقب كما كان دائماً صامتاً متفرجاً مفتخراً أنه من الأغلبية الصامتة.

وقلة هي التي قدرت حجم الأخطار وسارعت لتتدارس المخارج و الحلول ثم أدركت أن هناك حل أمام الثائرين لا يقوم إلا إذا قام ألوف إليه وإلى الاشتغال لإمضائه.

منطقة إدلب لن تتركها المنظومة المعادية بدون اكتساح عسكري وسيطرة مباشرة لأن إدلب تهدد سيطرة النظام على حلب من جهة شريان "أثريا – خناصر" الذي يحاذي منطقة إدلب شرقاً.

وإدلب تتواصل مع ريف حماة كله وهذا الريف يعتبر كبد النظام وملتقى طرقه الوسطى شرقاً وغرباً وباتجاه الجنوب.

ومنطقة إدلب تحاذي الساحل وتحتل البوابة الشمالية إليه.

ومنطقة إدلب المتواصلة مع ريف حلب الغربي المحرر من الممكن أن تكون قاعدة انطلاق لإنهاء الكانتون الانفصالي الغربي للميليشيات الكردية في عفرين.

وشرقاً منطقة إدلب تملك بوابة واسعة إلى البادية وطرقها وثرواتها.

وقد تجمع في إدلب كل الذين استعصوا على المنظومة المعادية من مقاتلين أشداء وخبرات مديدة عميقة في سائر المناطق السورية الأخرى.

لذلك كله في إدلب إما أن تكون النهاية وإما أن تكون البداية.

إذا بقي من يهمهم أمر الثورة السورية متسمرين أو يائسين فستكون النهاية بلا ريب ... اكتساح عسكري ثم نهاية لوطن اسمه سورية لمئات السنين.

أما إذا احتشد آلاف من الثائرين والناشطين في الداخل خاصة وشكلوا جمعاً ثورياً ضخماً يضم كل المُصرِّين على اسقاط بشار الأسد ثم انتخبوا مجلساً يمثلهم في الداخل ثم استلموا كل الشؤون في كل المدن والبلدات المحررة في إدلب وحلب والساحل وريف حماة وإذا جاوز هذا الحشد رقم العشرة آلاف فسيكون هناك كلام آخر وتوقعات أخرى.

وإذا كان هذا الحشد مستقلاً عن كل الفصائل والأحزاب والجماعات فسيكون له فعله وتأثيره في إدارة المدن ولابد أن يشكل هذا الجمع شرطة محلية من متطوعين جدد وأن يعزز الكفاءات العاملة فعلاً في كل الشؤون المدنية والخدمية.

وإذا تمكن هذا الحشد الثوري الضخم من وضع مشروع سياسي فيه ثوابت الثورة وكان له مكتب سياسي قوي فسيفرض نفسه على الجميع في الداخل والخارج وستتعامل معه كل الدول الإقليمية المعنية.

وسيكون من الصعب بل من المحال على فصيل هيئة تحرير الشام أو أي فصيل آخر أن يجد منطقاً عقلياً او تأصيلاً شرعياً لرفض ومعاداة جمعٍ من كثرةٍ صالحةٍ إذا أسست كيانها وأحكمت أمرها.

وإذا انسحبت هيئة تحرير الشام وكل الفصائل المقاتلة الأخرى من كل المدن والبلدات بلا استثناء انسحاباً كاملاً حقيقياً وموثقاً وسلمتها لممثلي الجمع الثوري وخرجت لتتحصن خارج المناطق المأهولة وإلى الجبهات ونقاط الرباط فسيكون هناك قول آخر واحتمالات أخرى.

وإذا تفرغت الفصائل المقاتلة ووضعت الخطط العسكرية المبادئة ضد النظام في الأماكن الاستراتيجية المؤثرة وبدأت بتنفيذها بأسرع وقت فستتغير المعنويات والمعطيات والاحتمالات.

كل ذلك يشكل أسساً رئيسيةً لخارطة طريق وهناك فوق الأسس أعمدة وتفصيلات أمنية واستراتيجية وسياسية واقتصادية...لكن أهم أساس هو العنصر البشري الثوري إذا تحرك واحتشد.

قد يقول كثيرون هو حلم وحصوله محال ....نعم قد يكون حلماً ولكنه الحل الوحيد. واندلاع ثورتنا أصلاً كان حلماً بعيداً وأصبح حقيقة.

ولا يظنن أحد أن الأمر سهل فمايكل راتني أحس بتحرك أصحاب هذا الطريق وهو يحاول أن يقطع عليهم, فقال سنعتبر أي مجلس مدني في منطقة إدلب امتداداً للقاعدة... ولكنه إذا رأى ألوفاً من المستقلين غير التابعين وغير المُحزبين مصرين على زوال بشار الأسد وهم يفرضون أنفسهم على الجميع في إدلب وتنتشر عدواهم في باقي مناطق سورية فلن يكون أمامه إلا واقع جديد لا يستطيع نفيه ولا نسفه.

أما إذا لم يتحرك فريق قوي لحشد جمعٍ من ألوف ليشكلوا حشداً للإنقاذ.

أو إذا تكوَّن الجمع وتكامل ولم تسلِّم هيئة التحرير كل المدن وكل الشؤون إليه, ولم تنسحب هي وسائر الفصائل لتتحصن خارج المدن, وتبادئ النظام بضربات عسكرية ذات أثر استراتيجي فسيتبدد الحلم ولن تكون هناك إلا كوابيس...