السبت 2018/04/28

منظمات ديمستورا تعود لـ”حضن الأسد”

شهدت الآونة الأخيرة عودة لعدد من الشخصيات التي كانت محسوبة على الثورة إلى "حضن الوطن"، والتي تعتبر فئة انتهازية حاولت ركوب الموجة عندما كانت الثورة في أحسن أوضاعها وكان الانتساب لها مكسباً لكل باحث عن مكسب، يتصف هؤلاء الأشخاص بعدم إيمانهم بجوهر الثورة الحقيقي القائم أصلاً على مبدأ التضحية ولا شيء إلا التضحية.

فمن سار في مشروع التغيير وآمن بالحرية والعدالة والكرامة فالطريق إليها صعب وشاق للغاية، بعيداً عن ذكر الأسماء التي كانت تعتبر عند الكثيرين أسماء لامعة لا يمكن القفز على حقيقة تأثيرها على البعض ممن ينظرون إلى القشور ولا يسبرون حقائق الشخصيات والمواقف، هناك وافد جديد إلى حضن الوطن لكن هذه المرة لم يكن الوافد شخصاً عادياً إنما اعتبارياً.

فالمنظمات هي شخصيات اعتبارية يبدو أنها كانت تبحث عن موطئ قدم لها بعيداً عن الغاية التي أنشئت لأجلها وهي العمل الإنساني فأصبحت مرتبطة بأجندات مفضوحة تميل حيث تميل أعين الداعم، ففي اجتماع بروكسل الأخير وبيانه الختامي الذي ظهر فيه ديمستورا كمعلم وملقن أمام طلاب لا يملكون إلا أن يهزوا الرأس بالموافقة ظهر ذلك.

فديمستورا الذي فشل في جميع المهام التي أوكلت له بالملف السوري حاول أن يصنع نصراً وهمياً يُرضي وهم العجائز في نفسه، فمنذ استلام هذا العجوز منصبه على دماء الشعب السوري بدأ بصناعة منصات من منظمات "المجتمع المدني" اللاهثة وراء مِنَحِ المنظمات الأممية والاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية والتي تريد فرض ما تسميه قيم "السلام" على الجهات المدعومة، وقيم السلام حسب وجهة نظر الجهات المذكورة أعلاه ما هي إلا قيم للاستسلام، هذه القيم التي ظهرت في بيان مؤتمر بروكسل الأخير والذي حضره عدد كبير من منظمات المجتمع المدني والتي كان لبعضها نشاط في المناطق المحررة حيث طالب البيان في بعض فقراته بإعادة النظر بالعقوبات الاقتصادية على نظام الأسد بحجة تحسين الوضع المعيشي للسوريين في الداخل بالإضافة إلى المطالبة بإعادة فتح القنصليات بدول اللجوء "لمساعدة اللاجئين السوريين".

كما رفض البيان كل الاحتلالات وعلى رأسها الاحتلال الإسرائيلي، ولم يذكر قطُّ الاحتلال الروسي والإيراني الذي نكل بالشعب السوري وسامه سوء العذاب، وأدانوا استخدام الأسلحة المحظورة دون الإشارة إلى مستخدمها، كانت العبارات المستخدمة في هذا البيان عبارات استسلاميه بحجة التوافق بين جميع الأطراف حيث تحولت المهمة الحقيقية لمنظمات المجتمع المدني من العمل الإنساني إلى العمل السياسي الذي يريد الوصول إلى توافق بين أطراف مُتناقضة ومتصارعة وهذا تَغييب صريح ومقصود لجوهر العمل الإنساني .

والسؤال هو.. لماذا تذهب منظمات المجتمع المدني بهذا الاتجاه، يبدو أن شبح انقطاع الدعم من قبل الجهات المانحة هو العامل الرئيسي الذي دفعها لذلك وخاصة بعد التهديد بانقطاع المِنَح وتخفيضها في السنتين الأخيرتين، ما دفع جيوش المنتفعين من هذا الدعم إلى الانسياق وراء ما يريده المانح وما يتوافق مع توجهاته وخاصة في هذه المرحلة التي تشهد تراجعاً عسكرياً للثورة وتراجعاً في المواقف السياسية لبعض الدول التي كانت تعتبر داعمة للثورة.

ومن الجدير ذكره أن جزءاً يسير من الأموال التي نسمع في الإعلام أنها قُدمت للشعب السوري المنكوب يصل إلى مستحقيه، وحصة السبع تذهب إلى هذه المنظمات "كرواتب ومصاريف ونثريات" ما يجعل العمل مع المنظمات الإنسانية هدفاً بذاته لدى البعض وليس العمل الإنساني هو الهدف.