الأحد 2017/09/03

“منصة موسكو” .. معارضة بمقاس “الحذاء العسكري” !

لعل فصول المؤامرة التي لا تزال الثورة السورية تتلقى ضرباتِها، بدأت تسير خلال الأشهر الأخيرة تُجاه الوضوح بشكل أكبر، مع تسارع وتيرة الحل العسكري الذي يسعى النظام من خلاله إلى القضاء على الثورة، عبر بوابة "الحرب على الإرهاب".

بعض فصول تلك المؤامرة سار بشكل درامي قابل للتصديق والانخداع، بعد أن عرف الأسد وحلفاؤه كيف يستثمرون فيه عامل الوقت والمرواغة، لكن أجزاء كبيرة من هذه المؤامرة كشفت عن نفسها بنفسها، وكانت أوضح من محاولات التفسير والتحليل.

و من النوع الثاني بدت قضية اختراق المعارضة السياسية اللعبة المفضّلة لدى نظام بشار وحلفائه، ولم يكتف في هذا المجال بزرع شخصياتٍ في جسم المعارضة، منهم من انتهت مهمته وعاد للـ"حضن" ومنهم من ينتظر، بل تعدى الأمر إلى "صناعة" معارضة "داخلية" بمقاس "الحذاء العسكري"، سعى إعلام الأسد للترويج لها وتلميعها وإقناع المجتمع الدولي بطروحاتها وأفكارها، بل إنه نجح عبر حلفائه بتسويق تلك "المعارضة" وفرضها على مسار المفاوضات.

معارضة على "تلفزيون النظام"، تأخذ أجورها منه ومن روسيا، وتقتات على فُتات مخابراته، وتتحدث بالوطنية والمشروع الوطني الذي لا يرتهن للخارج.. متناقضات غريبة سرعان ما باتت مستوعَبة مع امتداد الوقت واختلاط الأوراق، ثم ما لبثت هذه الـ"المعارضة" أن وسَمت نفسها باسم العاصمة التي قضت على حُلم السوريين الذي كان على وشك التحقق.

لست أبالغ إذا قلتُ إن ما يسمى "منصة موسكو" تعد الفصل الأكثر عجائبية في الملف السوري الشائك، شخصيات خرجت فجأة من رحم غرف المخابرات، وسرعان ما عاملها المجتمع الدولي على أنها فعلاً "معارضة"، بل إن دي ميستورا ترك الغاية الأساسية من مفاوضات جنيف وصارت مهمته مقتصرة على إدخال هذه المنصة وأخواتها في "فوضى المحادثات" الحاصلة.

مارس ديمستورا وخلفه دوائر صنع القرار الدولي ضغطاً كبيراً على "الهيئة العليا للمفاوضات" لإدخال هذه المعارضة العجائبية، وكان الخطأ الأكبر لدى "الهيئة العليا" أنها استسلمت للضغط، ورضخت لإدخال هذا "الفيروس الأسدي" في جسم المعارضة، حتى وصل الأمر إلى أن أحد أعضاء "المنصة"، اتهم المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات رياض حجاب، بمحاولة قتل عملية جنيف، داعياً إلى تحييده وإبعاده عن العمل السياسي.

"مهند دليقان" الذي ترأس وفد "منصة موسكو" شن هجوماً عنيفاً على حجاب في تصريحٍات لوسائل إعلام روسية، واعتبر حديث حجاب عن أن "العملية السياسية في جنيف وصلت إلى طريق مسدود"، رغبة في إنهاء مسار "الحل السياسي" و "العودة نحو خيار إسقاط النظام بالقوة العسكرية"، واعتبر دليقان أن "الطريق مسدود بوجه حجاب وأمثاله، لأن من اختار إطلاق الشعارات غير القابلة للتحقيق وتدفيع الشعب السوري ثمنها سيسد طريقه في نهاية المطاف".

"دليقان" الذي لا يعرفه السوريون، ويُدركون أن وُلِد قبل الثورة بقليل، اعتاد على الظهور في قنوات "العالم وتلاقي والميادين والإخبارية السورية وروسيا اليوم"، انتفض حين حذّر "رياض حجاب" الفصائل العسكرية من "الانجرار وراء المصالحات" التي وصفها بـ"الفخ الروسي"، لأن المهمة التي خُلِق من أجلها هو وسيده "قدري جميل" ووضعا أمام الكاميرات لتحقيقها ليست إلا المحافظة على نظام "بشار الكيماوي" تحت اسم "معارضة وطنية". !

إن "مبادئ موسكو العشرة" التي تتبناها هذه المنصة لا تدع مجالاً للشك فيما نقول، ولا ندري كيف يمكن لخليط من "المجهولين" الذين صنعتهم "روسيا القاتلة" أن يكونوا طرفاً في تحديد مصير السوريين ؟، "منصة موسكو" تقولها بوضوح: نحن معارضة بمقاس "البوط العسكري" لنظام الأسد ، وأي محاولة لإسقاط هذا النظام فنحن ضدها، لتبقى الكرة في ملعب المعارضة الحقيقية، هل ستبقى راضخة لوجود هذه "الفيروسات" في جسمها، أم إنها ستعتبر طرد "دليقان" و"جميل" وغيرهما من أصحاب المنصات الأسدية بداية لمسار ثورة حقيقية ؟