الأثنين 2018/10/01

ماذا يجري في آخر جيوب تنظيم الدولة شرق الفرات بسوريا

منذ أكثر من أربعة أشهر أنهت المليشيات الكردية عملية السيطرة على ريف محافظة الحسكة ومعظم ريف محافظة دير الزور، ولكنّ المعارك إن لم نقل توقفت سنقول خفّت وتيرتها مع بدء عملية "غصن الزيتون" في عفرين، وكانت المليشيات حينها قد سيطرت على منطقة الشعيطات.

المليشيات الكردية اعتبرت معركة عفرين طعنة في الظهر من الجانب الأمريكي وبدأ بعض عناصرها بالانسحاب من المعارك في ريف دير الزور الشرقي باتجاه المدينة التي يعتبرها الأكراد رمزاً من رموزهم، وتعتبرها تركيا وكراً يؤوي من يخطط لتهديد أمنها وضرب الاستقرار فيها.

أربعة أشهر كان تنظيم الدولة فيها مرتاحاً ويجهّز بمن تبقى من عناصره أرض المعركة الأخيرة المتمثلة بمساحة لا تزيد عن ثلاثين كيلو متراً ابتداءً من هجين شرق دير الزور إلى الباغوز عند الحدود العراقية السورية، بينما كانت المليشيات الكردية تراوح مكانها وترمي بنفسها في حضن الروس مرة وإلى حضن النظام مرة أخرى، كردّة فعلٍ على طعنة الأمريكان في عفرين، إلا أنها تلقّت صفعة من جميع من اتجهت إليهم بما في ذلك أمريكا الداعم الأكبر لعملياتها في سوريا، وذلك باعتراف وليد المعلم وزير خارجية النظام الذي صرّح بأن الولايات المتحدة هي التي خرّبت مسار المفاوضات الجارية بين النظام ومليشيا "ب ي د".

قبل نحو عشرين يوماً أطلقت المليشيات الكردية المرحلة النهائية من معركة ما يسمى "عاصفة الجزيرة"، بهدفٍ معلن وهو طرد تنظيم الدولة من كامل مناطق سيطرته شرق الفرات، لتجد جداراً من الألغام جعل مسألة التقدم مسافة كيلو متر واحد تعتبر إنجازاً ويستحق بياناً يُتلى، فيما يرى مراقبون أن المليشيات الكردية تلقّت أوامر بتأخير المعركة وتبيان صعوبتها في إطار سباقٍ غير معلنٍ بين روسيا و أمريكا نحو إعلان القضاء على تنظيم الدولة في سوريا، ولعلَ ما يؤيد هذه النظرية هو إطلاق النظام تزامناً مع حملة ما يعرف بـ "عاصفة الجزيرة" إطلاقه معركة ضد التنظيم في بادية حمص الشرقية باتجاه ريف دير الزور الجنوبي انطلاقاً من السخنة باتجاه الحدود العراقية السورية، إضافة إلى الهجوم على مناطق سيطرة التنظيم في بادية السويداء، وكل ذلك بدعم من الاحتلال الروسي.

مليشيات "قسد" لم تشرك العناصر الأكراد في المعركة الأخيرة ضد التنظيم، حفاظاً عليهم، بل دفعت بالمكون العربي من عناصرها، وتعرف تماماً أن المعركة ستكون صعبةً، وقد أكّد قادة في المليشيات أن المعركة لن تكون سهلة رغم دعم التحالف الدولي وذلك لاستماتة التنظيم في الدفاع عن المنطقة التي بزوالها سيمحى اسمه في سوريا، ولكن بالمقابل ستنتهي مهمة الأمريكان بعد قضائه على التنظيم، وهذا ما يرى فيه معظم المتابعين السبب الرئيسي في بطء سير المعارك والتقدم في آخر جيوب تنظيم الدولة شرق دير الزور.

على هامش الصراعات الظاهرة على الأرض والخفية تحت طاولة مصالح الدول الداعمة للنظام في منطقة الشامية والمليشيات الكردية في منطقة الجزيرة، يعيش أهالي دير الزور قهراً وإهمالاً وخوفاً من المصير المجهول لمنطقتهم، إذ إن أمر المنطقة لم يُحسم بعدُ، ولاسيما مع اقتراب القضاء على التنظيم في المنطقة، فالمليشيات الكردية لا تتمسك بالرقة أو دير الزور وتعتبرها ممراً لا مستقراً وتعرف تماماً أن أهلها قادرون على طردها بعد وقف دعم الأمريكان لـ"قسد"، ويخشى المدنيون في مناطق سيطرتها من أن تقوم بتسليمها للنظام، ولعلَّ المفاوضات الأخيرة التي أجرتها المليشيات الكردية مع النظام لتسليم الرقة ودير الزور مقابل إعطائها حكماً ذاتياً في الحسكة والقامشلي، أكبر دليل على أنها لن تتردد في تنفيذ ذلك عندما تزول أسباب دعم التاجر ترامب لها في المنطقة.