الخميس 2018/06/07

ماذا أضافت المليشيات الكردية لمنطقة الجزيرة في دير الزور منذ سيطرتها عليها؟ (تحقيق)

تعتبر منطقة الجزيرة بريف ديرالزور الشرقي أغنى المناطق في سوريا بنفطها وغازها والمحصولات الزراعية والحيوانية، وترفد هذه المنطقة سوريا عموماً بخيراتها قبل الثورة، ولا سيما النفط الذي كانت عصابات الأسد تسيطر عليه وتستولي على كل وارداته، ولم ينَل أبناء المنطقة من الثروات الباطنية فيها سوى الأمراض والأوبئة التي سببتها الغازات والدخان الناتج عن آبار النفط فيها.

سيطرت المليشيات الكردية على حقول النفط فيها بعد طرد تنظيم الدولة، قبل نحو سبعة أشهر، وسمحت بعودة الأهالي إلى معظم المناطق التي انسحب منها التنظيم منذ نحو ستة أشهر، ابتداء بآبار النفط التي كان يسيطر عليها التنظيم. ونستعرض في هذا التحقيق ما طرأ من تغيرات على المنطقة في المجال الخدمي والإنساني والأمني..

1- الجانب الخدمي:

أ- الكهرباء:

حتى هذه اللحظة لم تصل الكهرباء إلى منازل المدنيين رغم أن تنظيم الدولة كان قد أوصل الكهرباء إلى معظم مناطق سيطرته مستفيداً من حقل العمر النفطي ببادية ذيبان، ومن قبله فعلت أيضاً جبهة النصرة الأمر نفسه، ولكن المليشيات الكردية قامت بإيصال الكهرباء إلى بعض محطات المياه وقامت بتشغيلها، ويعتمد المدنيون على المولدات التي تعتمد على الوقود لتشغيل الكهرباء في منازلهم.

ب- المياه:

قامت المليشيات الكردية كما أسلفنا بإيصال الكهرباء إلى محطات المياه في مناطق سيطرتها، ولكن المياه التي تضخها غير معالجة صحياً أو "مُكَلْوَرة" وتصل إلى منازل المدنيين من النهر مباشرة في ساعات متقطعة خلال الأسبوع، ويعتمد معظم المدنيين في منطقة الجزيرة على المياه المعبأة من الصهاريج بأسعار متفاوتة، ولوحظ انتشار أمراض معوية بين المدنيين بسبب تلوث مياه نهر الفرات.

ج- الصحة:

يعاني المدنيون من ندرة أو انعدام المستوصفات والمستشفيات في عموم المنطقة، فقصف التحالف والمليشيات الكردية خلال معارك السيطرة على مناطق شرق الفرات دمَّر كل المراكز الصحية وأخرجها عن الخدمة، ويعاني المدنيون من تكاليف السفر إلى مدينة الحسكة على الأغلب لتلقي العلاج، وهناك بعض المنظمات التي عملت على تلقيح الأطفال بلقاحات مقدمة من الأمم المتحدة.

د- التعليم:

عانت المنطقة من انعدام التعليم خلال سيطرة تنظيم الدولة على المنطقة، وتعرضت معظم المدارس للتدمير الكامل أو الجزئي نتيجة القصف الجوي والمدفعي قبل سيطرة المليشيات عليها، وهذا ما دفع بعض المدنيين ميسوري الحال للتبرع في سبيل إصلاح مدرسة على الأقل في كل قرية، في ظل عدم دعم المليشيات الكردية للتعليم، وقامت منظمة اليونيسيف بدعم دورات تعليمية ماديا وقدمت للمعلمين القائمين على هذه الدورات راتباً واحداً مقداره ١٠٠$ عن شهرين ونصف، بمعدل ٤٠$ شهريا، ويضافُ إلى مشاكل التعليم في المنطقة، استقرار النازحين في المدارس التي لم تتأثر بالقصف، ومعظمهم من ريف البوكمال الذي لا تزال المعارك بين تنظيم الدولة والمليشيات الكردية تدور فيه، والمتمثل بالقرى الممتدة بين هجين والحدود السورية العراقية.

٢- الجانب الإنساني والإغاثي:

يعاني معظم أهالي منطقة الجزيرة من الفقر الذي أصابهم نتيجة المعارك والتهجير القسري جراء القصف، ويترافق ذلك مع انعدام العمل الإغاثي والإنساني في المنطقة بسبب دفع المليشيات الكردية معظم المنظمات للعمل في الحسكة والقامشلي وذلك لاعتبارات قومية وانفصالية، إذ تعتبر أن ريف دير الزور الشرقي "ممر لا مستقر"، وتعي تماما أنها ستخرج من قرى دير الزور عاجلاً أو آجلاً.

٣- الجانب الأمني:

المليشيات الكردية الانفصالية سيطرت على كل الدوائر الحكومية في منطقة الجزيرة، وأحالتها إلى مواقع لعناصرها، كما نشرت حواجزها في جميع مداخل قرى شرق الفرات ولكن الملاحظ أن هذه المقرات تَفرَغ من العناصر ليلا تحسباً لهجمات قد يقوم بها عناصر تابعون لتنظيم الدولة يعملون كخلايا نائمة بالمنطقة، وقد شهدت قرى ذيبان والطيانة والجرذي وقرى أخرى هجمات من هذا النوع رغم حملات الاعتقالات والمداهمات التي قامت بها "قسد" منذ سيطرتها على المنطقة، ويعتمد المدنيون في هذه القرى على أنفسهم في تأمين مناطقهم في ظل انشغال المليشيات الكردية بالمعارك وحراسة آبار النفط.

٤- العقارات:

تنظيم الدولة كان قد استولى على منازل وممتلكات معارضيه في مناطق سيطرته ولاسيما الجزيرة على الضفة اليسرى للفرات، وقامت المليشيات الكردية بعد سيطرتها بجعل بعضها مقرات لعناصرها وتتمثل في منازل من لم يعودوا إلى المنطقة، وعلى سبيل المثال لا الحصر منزل "أنس الفرحان" في قرية الطيانة كان مقراً لما يسمى "الحسبة" على زمن التنظيم، وهو الآن مقر للمليشيات الكردية.

٥- النفط:

سيطرت المليشيات الكردية على آبار النفط منذ دخولها المنطقة، وحرمت أبناء المنطقة من خيرات أرضهم، حالها حال نظام الأسد، ويأتي ذلك بدعم وتوجيهات أمريكية. فقد قامت الولايات المتحدة ببناء قاعدة عسكرية لها في حقل العمر النفطي ومعمل غاز كونيكو، ونؤكد من خلال تحقيقنا هذا أن المليشيات الكردية تقوم بتوريد النفط للنظام بصهاريج كبيرة تملكها مجموعة القاطرجي، وتقوم بحمايتها لحين خروجها من مناطق سيطرتها، كما تقوم ببيع النفط لمدنيين يقومون بتكريره بطريقة بدائية "الحراقات" وبدورهم يبيعونه كوقود للمدنيين بالأسعار التالية:

البنزين: من 125. الى 150 ليرة.

المازوت: 75 ليرة.

الكاز: 100 ليرة

كما تقوم المليشيات ببيع الغاز بسعر ٣٠٠٠ ليرة للجرة الواحدة.

٦- التطوع والخدمة الإجبارية:

لم تطبق المليشيات الكردية نظام التجنيد الإجباري في ريف ديرالزور مثل ما تفعل في محافظتي الرقة والحسكة، وفتحت باب التطوع في صفوفها لمن يرغب، وانتسب عدد لم نستطع إحصاءه بصفوف المليشيات بسببين:

الأول: وهو الغالب أن معظم المتطوعين من الطبقة المعدمة مادياً، ولم تتوفر لهم فرص العمل ووجدوا بالانتساب لصفوف "قسد" باباً للرزق.

الثاني: هو أن قسماً من المتطوعين كان منتمياً لتنظيم الدولة قبل خروجه من المنطقة أو تعامل معهم، وهذا الأمر دفعهم للتطوع لتجنب الاعتقال والملاحقة من المليشيات الكردية بهذه التهمة.

وقد جعلت المليشيات الكردية من قرية الصور شمال ديرالزور مركزا لعملياتها ومقرا للتطوع لمن يرغب بذلك مقابل رواتب تصل إلى ١٠٠$ شهريا.