الأثنين 2018/08/13

ليمسك صاحب السلاح بسلاحه وصاحب القلم بقلمه، استعدّوا وقبضاتكم محكمة لأنّ كفاحًا مجيدًا على وشك أن يبدأ

لا تقلقوا أو تترددوا أو تفزعوا أبدا، أحكموا قبضاتكم، استجمعوا صمودكم وشجاعتكم، لا تضللوا عقولكم؛ لأنّ كفاحًا مجيدًا وحماسيًّا قد بدأ.

بداية أخطر مراحل "المقاومة الشرسة"

لقد انتهى التاريخ في هذا البلد بالنسبة لمن يحاولون تلقين الدروس لتركيا! كما ولى منذ وقت طويل عهد إصدار التعليمات من العواصم الغربية، وأغلقت إلى الأبد طرق التأديب عن طريق الإخافة والترويع.

إذا اعتبرتنا أمريكا أعداء؛ فقد اعتبرناها نحن كذلك عدوًّا لنا!

لقد انطلقت تركيا في مسيرتها الكبرى من جديد بعد مائة عام من الغفلة لتكسر سلاسل التبعية كافة الواحدة تلو الأخرى. إننا نشهد أقوى وأمتن خطوات حقبة "الصعود العظيم الثالث"، وذلك بعد أن فشلت بين أيديهم كل مخططات "إيقاف تركيا".

لقد بدأ كفاح مبارك لمواجهة حركة السلب والنهب الجديدة التي أطلقتها الولايات المتحدة والمحافظين الجدد واليمين المتطرف في إسرائيل، لمواجهة موجة الهجمات الجديدة الرامية لإجبار تركيا على الركوع والاستسلام مرة أخرى.

لقد بدأت بالتحرك الجينات السياسية التي تصنع التاريخ وتبني الجغرافيا فقط على هذه الأرض منذ ألف عام، فانتقلت اليوم إلى المرحلة الأخيرة من الكفاح بعد الكفاحات الدولية التي تغلبنا فيها الواحدة تلو الأخرى على مدار عقد كامل.

لقد تم تعريف هذا الأمر، فحددت أمريكا موقفها المعادي لتركيا التي اختارت هي الأخرى طريقها. فكما أنها اعتبرتنا أعداء لها، فنحن كذلك نعتبرها عدوا لنا! وكما أنها تحاول ضربنا بالاقتصاد وسائر الوسائل الأخرى، فإننا سنعرف كيف نقطع أيديها ونستأصل شأفة أذنابها في المنطقة.

أمريكا هي التهديد الأول، الأمر واضح إلى هذه الدرجة!

إن خيانة هذا الوطن والأرض والتاريخ ستكون من نصيب كل من يحاول تهدئة هذا البلد وشعبه لصالح الولايات المتحدة وإرسال بعض الإشارات في محاولة لاتخاذ المواضع المناسبة لاستهدافنا، لا سيما بعدما رأيناه ليلة 15 يوليو/تموز. ذلك أن هؤلاء الخونة يحاولون إخفاء الخطر والتهديد ويعدون العدة باسم البعض حتى يستهدفون تركيا في وقت هي غير مستعدة فيه.

لقد أصبحت مواقف الولايات المتحدة وما تقوم به في الداخل وعلى حدودنا وفي الدول المجاورة تشكل تهديدا من الدرجة الأولى بالنسبة لتركيا. فالدولة التي تستهدف تركيا صراحة بالإرهاب والتنظيمات أمثال غولن الإرهابي والاقتصاد والحصار العسكري ومخططات الحرب الأهلية والاحتلال تعتبر تهديدا خطيرا بالنسبة لنا، فالأمر واضح إلى هذه الدرجة!

ليس هناك أي حاجة لحجة أخرى لتكون تلك الدولة تمثل تهديدا بالنسبة لنا بعدما أرسلت فرقا مدربة لاغتيال الرئيس أردوغان. فتلك الدولة تحمي وتدافع عن شخص وتنظيمه الإرهابي الذي ارتكب أكبر جريمة ضد تركيا، وهي بذلك لا تشكل تهديدا بالنسبة لنا وحسب، بل تعتبر قد أعلنت حربا صريحة ضدنا.

إن هذا تفسخ جيوسياسي سيهز المنطقة بأسرها

لقد قال الرئيس أردوغان "لو استمرت أمريكا في الإساءة إلى شعبنا، فسنبحث عن أصدقاء وحلفاء جدد"، وهو التصريح الذي يعتبر أكبر حقيقة نمتلكها من أجل القرن الحادي والعشرين، وهي الوتيرة التي بدأت بالفعل منذ وقت طويل. ولا ريب أن مجالات الصراع مع واشنطن ستتسع بمرور الوقت.

إن القضية ليس قضية القس برونسون أو التدابير الاقتصادية الرامية لخفض عجز الميزان التجاري الأمريكي، وهي كذلك ليست مسألة حرب اقتصادية، بل إنها كفاح وتدخل وهجوم سياسي وجيوسياسي، حالة من التفسخ التي ستهز المنطقة بالكامل.

لا شك أنهم سيواصلون الهجوم، وكلما استمروا في ذلك فإن مقاومة تركيا ستصير أكثر شراسة ومتانة. سينال الجميع من غرور هذه الدولة التي لم يعد لديها أي اعتبار في أي دولة في العالم باستثناء بعض العملاء الذين تدعهم حول العالم.

ستعلمون أننا لا نرجع عن طريق بدأناه!

لم يسجل التاريخ في أي من حقبه أن اتسم شعبنا الأبيّ بانتظار رحمة الآخرين وعطفهم متذللا بلغة مستكينة، ولا ريب أنه لن يسجل ذلك لمئات السنين، وهو ما ستعلمه الولايات المتحدة ورئيسها.

ذلك أننا لم نصنع التاريخ فوق هذه الأرض أو أي مكان آخر ونحن نتوسل. فكما أننا حكمنا قارات العالم الثلاث، فإننا شعب عانى الأمرّين وتجرع كأس التاريخ المر. لكننا لم نبك أو نأن أو نلجأ إلى رحمة الآخرين، لم نجعل أحدا يشفق علينا، بل أخفينا آلامنا وغضبنا داخلنا.

لن نتوسل هذه المرة كذلك، لن نبيع هذه المرة كذلك شرفنا لنتصالح مع هؤلاء، ولن نتحرك والخوف يسيطر علينا. إننا شعب لا يفكر أبدا في العودة من طريق بدأه. فإذا كنا قد بدأنا غمار هذا الكفاح، فسيشهد العالم مرة أخرى أننا لن نتراجع أبدا.

دولة أصبحت تهديدا مشتركا ورمزا للكراهية حول العالم

إن هذا الوضوح قائم كذلك بين الولايات المتحدة والعديد من القوى العالمية. إننا نتحدث في هذا المقام عن نسخة من الولايات المتحدة التي أعلنت الحرب على تقريبا كل الكيانات فوق القومية ودخلت في صراع صريح مع معظم القوى المركزية حول العالم، لتدير هذا الصراع حاليا على الجانب الاقتصادي، لكن من المحتمل بشكل كبير أن يتحول هذا الصراع إلى المجال السياسي بل حتى العسكري، وهو ما يجعل واشنطن تشكل تهديدا مشتركا بالنسبة للعالم.

نتحدث عن دولة تخوض صراعات ضد الصين وروسيا وألمانيا وإيران ودول أمريكا اللاتينية ومعظم دول العالم، نتحدث عن دولة أصبحت رمزا للكراهية بسبب جشعها وسلبها ونهبها وعدوانيتها، نتحدث عن دولة أضرت بالجميع ولهذا فالكل يرغب في الابتعاد عنها.

لقد استهدفوا فخرنا وهاجموا شرفنا وبلدنا وشعبنا وقيمنا، استهزؤوا بذاكرتنا السياسية التي تعود لمئات السنين. بيد أن كل هذا لن يقمعنا، ولن ننسى أو نهضم أبدا هذه الإساءات، وستكون كل خطوة نخطوها مبنية على معجزة جديدة. سندهشهم هم وعملاءهم داخل تركيا.

ليمسك صاحب السلاح بسلاحه وصاحب القلم بقلمه

من كان عمله حمل السلاح فليحمله؛ إذ سيبدأ كفاح شرس للغاية على حدودنا والجانب الآخر من الحدود. عمليات درع الفرات وغصن الزيتون وقنديل.. ما هي إلا البداية. سنبني خطوطنا الدفاعية في الخارج لا الداخل.

من كان عمله في الإعلام، فليحمل قلمه، لأننا سنخوض كفاحا إعلاميا مميزا خلال المرحلة المقبلة، وسنقدم نموذجا قويا من نماذج المقاومة في المجال الثقافي على محور الوطن بالتعاون مع شعبنا.

أدعو رجال أعمالنا للانتشار في كل بقاع العالم، وإذا كانوا بالفعل يعملون في أبعد مناطق العالم، فليضاعفوا جهودهم؛ إذ أصبح كل شبر من الأرض والبحار وحتى الهواء مكانا للكفاح لمواجهة هذه الهجمة الاقتصادية.

من كان عمله الاستخبارات، فليشكل خطوط مقاومة وكفاح في أبعد الأماكن التي تنشط بها تركيا ولها نفوذ بها، وليبدأ حملة استخباراتية واسعة من أجل كفاح تركيا الكبير من آسيا وحتى أوروبا وأفريقيا.

لقد اختبرنا التاريخ كثيرا وربحنا وسنربح كذلك هذه المرة

إننا اليوم في عصر السعي وراء الأفكار والمواقف والطموحات الكبيرة بالنسبة للاقتصاديين والسياسيين والفنانين والمثقفين والعلماء في تركيا. لقد أصبحت كل مدينة وبلدة وقرية بل وشارع خط كفاح من أجل مستقبل هذا الوطن.

لقد اختبرنا التاريخ كثيرا، فعرفنا عقب كل صدمة كبرى كيف نصنع مستقبلا أكثر قوة ولمعانا، وهو ما سنفعله هذه المرة كذلك، سنصنع المستقبل وسنربح. لا تنسوا أن اليوم هو ذاته تلك الأيام، ولا تنسوا أن هذه الأجيال هي تلك الأجيال المؤسسة.

لا تنسوا أننا نشهد تحولا تاريخيا وأن السيطرة أحادية الجانب للغرب على العالم شارفت على النهاية بعدما دامت لأربعة قرون. إياكم أن تصغوا أبدا لعملائهم من المحتلين الذين في الداخل الذين يسعون بيننا بالفساد في محاولة لتضليل عقولنا وإفشال هذا الكفاح العظيم، لا تأخذوا على محمل الجد مزاعمهم المليئة بالخوف والارتياب.

كلنا أعضاء في "المقاومة الشرسة" بمواقعنا الحالية

إننا جميعا أعضاء في "المقاومة الشرسة" بمواقعنا الحالية. إن تركيا تجبر العالم على تقبل نظام دولي جديد، وأردوغان يدعو الجميع لتأسيس عالم جديد، وهذه الدعوة تصل إلى العنوان الكامل في ظل الظروف العالمية الحالية، فلا تنسوا هذا أبدا.

استعدوا لاستقبال كل الصعاب والمفاجآت خلال هذا الأسبوع والأسابيع والأشهر المقبلة. ذلك أننا لن نستطيع عبور هذا الصراط دون أن نخوض هذا الكفاح. ولو استسلمنا وعدنا مجددا فلن نستطيع الوقوف على أقدامنا لقرن آت، لأننا سنخسر القرن الحادي والعشرين.

"لقد كشفنا ألاعيبكم، ونحن نتحدّاكم!"

أحكموا قبضاتكم، استجمعوا غضبكم، انضموا للكفاح، حرّكوا هذه المنطقة، لكن لا تستسلموا أبدا للخوف والانهزامية واليأس، لأنهم سيرون أنه لا يوجد خيار اسمه "تأديب" يمكن استخدامه معنا.

إياكم أن تنسوا أن هذا الكفاح مكتوب على هذا الشعب، وأنه لا يمكن الهروب من هذا القدر الذي يعتبر هو طريق نجاة تركيا ومنطقتها!

لقد رسم أردوغان أمس ملامح الطريق حين قال: لقد رأينا ألاعيبكم، ونتحداكم! ذلك أن هذا هو تصفية حسابات مائة عام.