السبت 2018/01/13

كيف أوقفت معركة “رد الطغيان” زحف النظام ولماذا يجب استمرارها؟

لم يفاجئ زحفُ النظام الكبير في ريف إدلب الشرقي الكثير من المتابعين، فخطوة التقدم نحو مطار أبو الظهور كانت متوقعة وتهدف كما تشير الخرائط والتحليلات ليس إلى السيطرة على المطار فحسب، بل إلى فصل ريف حلب الجنوبي وريف حماة الشرقي وريف إدلب الشرقي بالكامل عن المناطق المحررة، وذلك كاد أن يحصل قبل أيام لولا المعركة التي أطلقتها فصائل الثوار تحت مسمى "رد الطغيان" وكبحت جماح تقدم مليشيات النظام بشكل كبير.

معركة "رد الطغيان" و على الرغم من أنها جاءت في وقت متأخر، لكنها غيَّرت الكثير من الحسابات لدى قوات النظام والمليشيات الإيرانية وأجبرتها على إيقاف الزحف نحو مطار أبو الظهور من محاور ريف إدلب والتقهقر عنه ، ولاسيما بعد استرجاع الفصائل المقاتلة عدة مواقع في محيط المطار، وتزامن ذلك مع شن الفصائل هجمات موسعة في محاور ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي الشرقي حيث تمت السيطرة على عدة قرى وبلدات وقتل وأسر العشرات من قوات النظام في زمن قياسي شبيه بالزمن الذي خسرت به الفصائل تلك المواقع، ولعل هذا أحد الأسباب التي كشفت من ناحيةٍ أولى ضعفَ قوات النظام وعدم قدرته على الصمود بسبب إنهاك قواته، ومن ناحية ثانية بيَّنَت الخطأ الكبير الذي وقعت به الفصائل حينما انسحبت بشكل متتال من قرى ريف إدلب الشرقي ظناً بأن القوة العسكرية المناهضة لها كبيرة ولا يمكن مقاومتُها، ولم يتمكن النظام من استرجاع النقاط المحررة حديثاً إلا باتباع سياسة الأرض المحروقة وشن مئات الغارات من قبل المقاتلات الروسية على الثوار ، لكنْ يبقى عاملُ ضعف القواتِ والنقصِ البشري لدى النظام أساسياً ويخدم الثوار بشكل كبير، وذلك ما اتضح في محور قرية عطشان بريف حماة، حيث أرسل الثوار طائرة مسيرة ليتبين لهم أن القرية خالية من عناصر النظام فشنوا هجوماً صغيراً أحكموا من خلاله السيطرة عليها وعلى نقاط بمحيطها، يكشف ذلك أن النظام سحب تلك القوات لمواجهة الفصائل في نقاط أخرى، ولعل هذا حال العديد من القرى التي سقطت مؤخراً بيد المليشيات التي يدبُّ في قلوبها الرعب والفزع من ظهور الفصائل مجدداً، وهذا عامل آخر يمكن أن يخدم الفصائل بالهجمات الحالية.

ثبات الثوار وإطلاقهم معارك متتالية بأعداد قوية وهمّة عالية في هذه المحاور دفع النظام إلى تغيير محور الهجوم على أبو الظهور، حيث بدأ عملية موسعة من محاور جبل الحص الاستراتيجي بريف حلب الجنوبي بهدف تشتيت الفصائل وجرها إلى القتال في هذه المناطق لإشغالها وثنيها عن المقاومة والهجوم في محاور مطار أبو الظهور الذي تراجع منه النظام، وهو ما يجب التنبه له وأخذ الحيطة والحذر ، فهدف النظام الأساسي هو المطار الذي إن سقط بيده فإن مسألة استرجاعه ستكون صعبة جداً بسبب طبيعة الأرض المنبسطة، وتتذكّرُ الفصائل كم عانت وخسرت من العناصر والعتاد بمعركة تحريره عام 2015، والتي سبقتها حصاره لمدة أكثر من عام ونصف، لكن لا يعني ذلك إفساح المجال لقضم جبل الحص الذي إن سقط فستسقط معه مئات القرى جنوب حلب.

أكبر الأخطاء التي سترتكبها الفصائل (بعد أن تجمعت في غرفة عمليات واحدة في خطوة يقلُّ أن تحدث بالوقت الحالي) هو إيقاف هجومها والقبول بخارطة السيطرة الجديدة، فكلما زاد زمن وجود المليشيات في الأراضي المحررة زادت معها معرفتها بطبيعة الأرض وجغرافيتها ، وهذا أيضاً سيصعّب مهمة استرجاع تلك المناطق مستقبلاً.. والواجب على الفصائل جني ثمار المعركة الحالية، فما قبل "ردِّ الطغيان" لن يكون أبداً كما بعدها إن استمرَّ الرد، والطموح الروسي الإيرانيّ بإنهاء أكبر مساحة من الأراضي المحررة ليس له امتداد، خصوصاً بعد خلق مكوِّن جديد بالمنطقة يُصنّف إرهابياً وهو "تنظيم الدولة" والذي ظهرت إعلاناته فجائية عن أسر عناصر للنظام قرب أبو الظهور في خضمِّ إطلاق معركةِ "رد الطغيان" ! ، ولعل هذا ما سيزيد الذرائع الروسية الإيرانية لشرعنة عمليات تهدف إلى إنهاء المناطق المحررة.