الأثنين 2017/06/05

في ذكرى النكسة : الخليج يتمزق ..و”إسرائيل” تتمدد.. وخامنئي يقهقه

لا تمر الذكرى الخمسون ليوم النكسة العربية كما مرّت مثيلاتُها في سنوات سابقة، فالجرح يزداد عمقاً، ومساحة الألم التي تغطي ما بين المحيط والخليج تكبُر كوَرم سرطاني يستعصي على العلاج، ويأبى إلا القضاءَ على صاحبه.

تمر الذكرى الخمسون لنكسة حزيران في يوم قرّرت فيه مجموعة من الدول "العربية" أن ترشَّ ملحاً على جرح الفشل، وتعلنَ الحرب على دولة جارة يُفترض أنها شريكة في مشروع يعاني أصلاً من الوهَن والضعف والتشرذم.

كونفدرالية الخليج العربي وفق شكله الحالي تعرّضت يوم الخامس من حزيران 2017 إلى زلزال يحسَب صانعوه أن ارتداداتِه ستُلحِق الضرر بدولة قطر التي أعلنت الحربَ عليها كلٌّ من ( السعودية وقطر والبحرين ) إضافة إلى حكومات "تابعة"، بإدراك أو دون إدراك أن آثار هذا "الزلزال" ستحيط بالجميع، ولن يخرجَ من هذه الدائرة طرف منتصر قطعاً، لأن هذا ما يريده بالضبط من صنع وخطَّط لهذا اليوم.

بغضِّ النظر عن الروايات التي رافقت "الحملة المسعورة" ضد قطر، وتنوُّعِها بين من يقول إن ملفات الإخوان وإيران هي من يقف وراءها، وبين من يؤكد أن السبب هو امتناع الدوحة عن "دفع الجزية" لترامب، تقف منظومة مجلس التعاون الخليجي اليوم أمام خطر حقيقي يجعل الخارطة الحالية لتلك الدول في عين العاصفة، لأن الإجماع الخليجي الذي حاول "بن زايد وبن سلمان" أن يصنعاه لم يتحقق، فخليجياً وقفت الكويت وعُمان على الحياد، وإقليمياً وعالمياً لن تعدم قطر شركاء وأصدقاء، وهذا ما يجعل محاولة عقابها ضرباً من "الحرب العبثية" التي تؤدي في نهاية المطاف إلى اضمحلال الشكل الحالي لمنطقة الخليج العربي.

أمام هذا المشهد المأساوي الذي يتفكك فيه المفكَّك ويتحارب المجزَّأ، تبدو "إسرائيل" في أحسنِ أحوالها منذ قيام كيانها المحتلّ عام 1948، فالعرب الذين كانوا منذ خمسين عاماً يسعَون إلى "زوالها" يتسابقون الآن إلى "خطب ودِّها" قسم بالسر وقسم بالعلن، إضافة إلى تأمين محيطها بدول وقَّعت معها معاهداتِ سلام "مصر والأردن" أو دولٍ أعادتها الحرب مئة عام إلى الوراء" سوريا"، ما يجعلها بشكل حقيقي صاحبة النموذج "الأقوى" بين دول محيطها وإقليمها.

فيما يبدو "العدو التقليدي" الثاني "إيران" في ظروف مهيأة لابتلاع المزيد من الكعكة العربية المتاحة أمامه، فإيران التي تسيطر اليوم على أربعة عواصم عربية، لن يقف طموحها عند حد ما يعرف بالهلال الشيعي، بل إن بعض أتباعها من قادة "الحشد الشعبي" في العراق قال قبل فترة وجيزة، إن ما سماه "بدراً شيعياً" ينتظر المنطقة، ويس ثمةَ فرصة أقوى لنظام الولي الفقيه من ضعف منطقة الخليج العربي، بغية الانقضاض عليها عندما تسنح الفرصة كما انقضت من قبل على العراق وسوريا واليمن، لتعيد إلى الحياة تارة أخرى مشروع إمبراطوريتها الفارسية.

من يشعلون اليوم النار لعقاب قطر ينبغي لأحد أن يعلمهم إلى كانوا جاهلين، أن النار ستأكل الجميع، مع فارق التوقيت بينهم.. ينبغي لأحد ما أن يفهمهم ذلك ( وهم بالضرورة يعُونه جيداً ) كي لا يأتي يوم قريب يقول كل منهم فيه : ( إنما أكلت يوم أُكِل الثور الأبيض)