السبت 2017/11/25

غضب السعودية بقولها وغضب إيران بفعلها

لعل العنوان الأبرز الذي يتصدر في الصراع السعودي الإيراني في الوقت الحالي يتخلص بهذه العبارة "غضب إيران بفعلها وغضب السعودية بقولها" ، فيوماً بعد يوم يظهر التباين اللافت بين الطرفين و يكشف كيف سخّر كل طرف منهما أوراقه ضد الآخر.

بغض النظر عن عدائنا جميعاً لإيران بسبب جرائمها في سوريا والعراق واليمن وغيرها من البلدان لكن لا بد من الاعتراف بأنها تتبع أسلوباً ذكياً مكنها من السيطرة على 4 عواصم عربية "والحبل على الجرار".. في الوقتِ الذي تُسوّق فيه السعودية نفسها لصدارة المشهد في محاولة لكسر شوكة النفوذ الإيراني.

التكتيك الإيراني عسكرياً وسياسياً يختلف عن السعودي، فالأول يعتمد على نفسه وقوته الداخلية ويسعى إلى تعزيزها كالسلاح النووي والصواريخ البالستية مع ضرورة اللعب على الوتر السياسي ، بينما الثاني يعتمد على غيره ولم يفكّر يوماً بتكوين جماعة مسلحة تقاتل في الخارج لردع النفوذ الإيراني أو لم يخطر له بال في تطوير الأسلحة ذاتياً واكتفى بشراء السلاح من الحلفاء التقليديين.

ومع استمرار إيران بضخ مليشيات مسلحة وأصحاب عمائم في أرجاء الوطن العربي للسيطرة على "الأرض والدّين" ، لا ينكر عاقل أن إيران سترضى بما هيمنت عليه في سوريا والعراق ولبنان أي "الهلال الشيعي"، فقادة في مليشيات الحشد الشيعي الطائفي تحدثوا عن أن الهلال سيصبح يوما ما "بدراً"، ومن السذاجة الاستخفاف بهذه التصريحات ، فلكم استخف العربُ من قبل بمشروع الهلال الذي أصبح اليوم أمراً واقعاً.

على الطرف المقابل.. ماذا فعلت السعودية حتى الآن لمواجهة إيران التي تقترب منها يوماً إثر يوم..، هل تسمي جمعَ الحلفاء الغربيين مواجهة ، أم هل تعتبر تكديس السلاح وجلب أكثر الأسلحة والطائرات تطوراً سيُرعب إيران أو يكفها عن التطلع إلى إعادة الإمبراطورية الفارسية، أم هل تعتبر تدخلها في اليمن مواجهة ، هل تنكر السعودية أنها لم تتدخلْ في اليمن إلا بعد أن كادت أن تصبح محافظة إيرانية، وحتى بعد تدخلها أوصل الحوثيون صواريخ إيران إلى مدينة الرياض، وبالمقابل لم نر إلا أقوالاً ومزيداً من التصريحات الإعلامية السعودية الفارغة من وجود دلالة فعلية على التصدي ، لا بل إن السياسة السعودية المُتَّبعة في المنطقة تشير إلى تعزيز النفوذ الإيراني بطريقة غير مباشرة ، فخطوة السعودية والإمارات والبحرين ومصر في حصار قطر أسهمت باضطرار الدوحة في الانجرار إلى المعسكر الإيراني ، كما إن دعم السعودية لحكومة العبادي المرتمية في أحضان طهران نوع آخر من أنواع تعزيز الوجود الإيراني، هذا بالإضافة إلى إحجام السعودية عن مواجهة إيران داخل سوريا من خلال قطع الدعم عن مقاتلي الجيش الحر.

في الوقت الذي كان فيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يخرج ويتحدث غاضباً قبل نحو شهر من السياسات الإيرانية كان رئيس هيئة أركان القوات الإيرانية محمد باقري يتجول في جبهات ريف حلب الجنوبي ويتفقد مليشياته على الأرض، وبينما كانت السعودية تسعى إلى تأزيم الوضع في لبنان كنوع من المواجهة "سياسياً" ضد إيران وفشلت في نهاية المطاف أيضاً مع عودة الحريري كان قائد فيلق القدس قاسم سليماني يُؤدّي طقوس الصلوات الشيعية في مدينة البوكمال ويقود مليشياته الطائفية في المعارك حتى اليوم وكان الشيعة أيضاً يؤدون اللطميات في شوارع العاصمة دمشق.

غَضبَت السعودية من إيران فـ "دعتْ" إلى اجتماع طارئ للجامعة العربية.. فكانت النتيجة "تنديد وشجب ووعيد" ، لم تمض ساعات من نهاية الاجتماع حتى خرج روحاني ليصف الجامعة العربية بأنها منظمة متعفنة وعديمة الأثر ، وأعلن في نفس الخطاب "الغاضب" نهاية تنظيم الدولة في سوريا والعراق بفضل الدعم العسكري الإيراني.. فشتان شتانَ بين من يغضب فيفعل وبين من يغضب فيقول.. قالت العرب قديماً عن مثل هذين الصنفين.. "غضب العاقل بفعله وغضب الجاهل بقوله"