الخميس 2017/12/07

علي صالح … مصير الطغاة واحد

عندما عقد المعتمد بن عبَّاد العزم على الإرسال ليوسف بن تاشفين أمير دولة المرابطين في المغرب طالباً النجدة منه والنصرة على ألفونسو صاحب قشتالة وملك الإسبان آنذاك الذي اقتربت طلائع جيوشه من إشبيلية عاصمة ابن عباد، قال له ابنه الرشيد: يا أبت لا يجتمع سيفان في غمد واحد "المُلك عقيم" في إشارة إلى أن ابن تاشفين إذا جاء للنصرة لن يَبقَى في الأندلس كلها مكانٌ لابن عبَّاد وغيره من ملوك الطوائف. وبالفعل هذا ما حصل فالأمير البدوي أزال حكم ملوك الطوائف وأتبع الأندلس كلها لحكم المرابطين واقتاد ملوك الطوائف إلى مراكش أُسارى ومن بينهم المعتمد ابن عباد، الذي حاول أن يستفيد من قوة المرابطين ولم يتوقع أن تكون نهاية حكمه على يدهم.

هذا ما حصل مع علي عبد الله صالح مع الفارق الكبير بالتشبيه لكن سنة الله وحركة التاريخ واحدة، فصالح الذي بقي طوال سني حكمه يلعب على المتناقضات ويجمع الأوراق ثم ينثرها من جديد ليكون هو سيدها وسيد المشهد في اليمن لم يكن يتوقع للحظة واحدة أن هذا الغمد لم يعد هو سيفه، فمن أهم ألاعيبه التي اعتادها اليمن كانت دعم القاعدة ومحاربتها ليستحصل على الدعم الأمريكي وشن الحروب على الحوثيين للحصول على رضا سعودي خليجي، وهو الذي وضع مؤخراً يده بيد الحوثيين عندما شعر أن السعودية تخلَّت عنه وأن نجمه بدأ بالأفول وأنه لم يعد سيد الأحداث ومحركها عقب ثورة اليمن التي جعلت منه مخلوعا ومحروقا.

لكن المخلوع لم يدر أن حلفه الأخير والذي كان أوهن من بيت العنكبوت مع أعداء الأمس سينتهي به على قطعة قماش مفتوح الرأس ولم يدر أن الجدار الذي رفعه في وجه ثورة الشعب اليمني سينقضُّ عليه.

أو ربما حسب ألن يقدر عليه أحد فعندما شعر بازدياد نفوذ الحوثيين وتعاظُمِ قوتِهم والذين لم يكونوا في فترة من الفترات قادرين على صنع أي فارق في المعادلة اليمنية لولاه، أراد العبور مرة أخرى إلى ضفةٍ اعتقد أنَّ نجاتَه فيها وخاصة بعد إيحاءات من دولتين اعتادتا على الاستثمار في الطغاة والمجرمين (السعودية- الإمارات) لكن الحوثيين كانوا الأقرب والأسرع منه وإليه ووضعوا نهايةً لمسلسل الرقصِ على الحبال الذي كان صالح بطلَه بلا منازع.

سيرة صالح تضعنا أمام تساؤلات عديدة وأمام تجارب مُحالٌ أن يتجاهلَها التاريخ فصالح وغيره من حكام حكموا شعوبهم بالحديد والنار واستعانوا بالغريب على القريب ضعفاً أحياناً وفي بعض الأحيان لُؤماً وحِقداً، لن يكون الغريب معهم سوى ما كان الحوثيون مع صالح وما سيكون الروس والإيرانيون مع بشار الذين استعان بهم لوأد ثورة شعبه فهذه الأطراف لا تلتفت إلا لمصالحها التي ما إن ضمنتها تُنهي شراكاتها مع من أفسح المجال لها ولمصالحها وهي لن تراهن على أنظمة مهلهلة أكل عليها الزمان وشرب، ويجب على الجميع أن يعرف أن الشعوب باقية باقية ... والطغاة زائلون.