الثلاثاء 2017/12/12

“سوتشي” يحول الأسد إلى هر

بعد عامين من التدخل الروسي في سوريا والذي رجح كفة النظام عسكرياً وقلب الموازين لصالحه فسيطر على الأحياء الشرقية في حلب وهذا الحدث العسكري الأبرز عقب التدخل الروسي بالإضافة إلى حملة كبيرة شنتها قواته ضد المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة فاستعاد من خلالها مساحات واسعة من باديتي حمص وحماة ودير الزور وريفها، كل هذه المتغيرات العسكرية على الأرض والتي لم يكن يحلم نظام الأسد بها جعلته في موضع الواهم بالانتصار، فعادت أحلامه في تطويع السوريين تحت حكمه تنشط من جديد وكأن ثورة لم تكن، لكنه نسي أن الروس لم يقدِّموا له هذه الخدمات الجليلة كي يبقى على سدة الحكم كما يريد ويشتهي وأنه لا بد من أن يدفع مقابلاً ما لما قدمه الروس له فهم ليسوا جمعية خيرية وروسيا الحديثة براغماتية مصلحية أكثر من أمريكا التي كان الروس يعيبون عليها ذلك.

الجدير ذكره أن التدخل الروسي لم يشمل الملف العسكري ولا حتى الاقتصادي فقط فروسيا التي فرضت وجودها على الأرض عسكرياً واقتصادياً عبر شبكة من العقود والاتفاقيات التي تضمن بقاءها واستمرار مصالحها لعقود من الزمن تسللت إلى بنية نظام الأسد الداخلية ومنظومته الاجتماعية والسياسية وبدأت تحاول تفكيكها من الداخل وهذا ما شهدناه عقب مطالبات من أبناء الطائفة العلوية بزيادة النفوذ الروسي في مناطقهم على حساب النفوذ الإيراني الذي يبدو أنه لا يجد قبولاً في الشارع العلوي والذي يُعرف بعدم التدين الأمر الذي ينافي مشروع إيران القائم أساساً على ولاية الفقيه وثارات الحسين .

وأهم ما يعتبر اليوم تدخلاً في بنية نظام الأسد بعد عامين من التغلغل الروسي في سوريا هي نظرة روسيا إلى النظام والتي تغيرت بشكل جذري فلم يعد الروس ينظرون إليه ككتلة صماء واحدة بل ذهبوا لتجزيئه وتخليصه من أهم خصائصه وهي الصلابة والبنية المتماسكة والتي تعتبر من أهم صفات الأنظمة الشمولية التي تشبهه، هذا ما شهدناه جلياً واضحاً في الآونة الأخيرة وخاصة عند الدعوة الروسية لمؤتمر الشعوب أو ما سموه لاحقاً مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي الروسية والتي وُجهت الدعوة فيها لمنظمات وأحزاب وأشخاص من المفترض أنهم ضمن تلك البنية التي يقوم عليها النظام لكنهم دُعوا بشكل منفرد وهذا لم يحصل من قبل، وسأذكر على سبيل المثال بعض من دعي لهذا المؤتمر من أحزاب وهي : حزب الشعب (دمشق)، وحزب الإرادة الشعبية (دمشق)، وحزب الشباب الوطني السوري للعدالة والتنمية (دمشق)، وحزب التضامن (دمشق).

وحزب الشعب الديمقراطي السوري (دمشق)، وحزب سوريا الوطن (دمشق)، وحزب المؤتمر الوطني (دمشق)، وحزب البعث العربي الاشتراكي (دمشق)، والحزب الاشتراكي الديمقراطي (دمشق)، وحزب الشباب الوطني السوري (دمشق).

والحزب السوري القومي الاجتماعي” (دمشق)، وجمعية يسار الوسط الديمقراطي من الآشوريين “حزب متاكاس” (دمشق)، وحزب الاتحاد العربي الديمقراطي (دمشق)، وحزب الاتحاد الاشتراكي العربي (دمشق)، وحزب الوحدويين الاشتراكيين (دمشق) وغيرها من الأحزاب التي ما كنا نتصور ليوم من الأيام أن يكون لها صوت أو أنها موجودة بالأصل وتمارس نشاطها

 

ربما يقول البعض إن هذا لن يغير في الواقع شيئا فهم جزء من النظام ولن يغردوا خارج سربه لكني أجزم أن الأمر أعمق من ذلك فبشار وعصابته لم يعودوا كتلة واحدة في حسابات الروس كما كانوا من قبل، وكما صنعت موسكو منصات معارضة على مقاسِها هي الآن بصدد صنع نظام على مقاسِها أو تريد ضرب جبهة النظام في عمقِها إن صح التعبير لأنها غير مستعدة لمفاجآت يمكن أن تقلب الطاولة على مصالحها فإيران التي ترتبط بنظام الأسد عضوياً تبرع في تلك الألاعيب الخفية لذلك كان لابدَّ من إيجاد الخطة الروسية البديلة لدخول المفاوضات التي تفضي إلى تسوية ولا أقصد هنا الخطة الروسية البديلة لحكم سوريا فهذا كلام سابق لأوانه، وربما نشهد بالفترة اللاحقة تلميع شخصيات سياسية من نظام الأسد فالثابت أنَّ الروس يريدون مصالحهم والمتغير هو الأسماء والوجوه فلا روسيا متمسكة بالأسد ولا الأسد قادر على مقاومة ما يريده الروس.