الخميس 2018/07/19

خطط إيران للبقاء في سوريا

في الوقت الذي يتم الحديث فيه عن محاولات أمريكية بالتعاون مع روسيا وإسرائيل والسعودية لإنهاء الوجود الإيراني في سوريا، تظهر عدة مشاريع ثقافية وتعليمية تؤسس لبقاء طويل الأمد لطهران، ما يجعل المهمة أصعب مما تبدو.

النظام الإيراني قرر اللجوء إلى "القوة الناعمة" بتثبيت وجوده واستمرار تغلغله في المجتمع السوري، بعد التهديدات الأمريكية بفرض أقسى العقوبات الاقتصادية في التاريخ على طهران، كما إن ذلك يأتي تزامناً مع قرب انتهاء الملف العسكري في سوريا واستعادة نظام الأسد معظم المناطق، بانتظار التفاهمات الدولية حول شرق الفرات وإدلب، وهو ما يسمح بسحب بعض المليشيات الإيرانية.

تقديم المنح الدراسية وتعليم اللغة الفارسية:

الخطوات الإيرانية تأتي متلاحقة لتوسيع نفوذها داخل سوريا، فبعد العمل على نشر المذهب الشيعي في مختلف المحافظات السورية عبر استغلال الفقراء ودفع معاشات شهرية لهم، افتتحت مركزاً ثقافياً لها في حي القصور بمدينة دير الزور، بموظفين إيرانيين يتكلمون اللغة العربية. وأعلن المركز عن قبول الطلاب السوريين الراغبين بالدراسة في الجامعات الإيرانية، وبشكل مجاني، أو شبه مجاني وفق معدلات الشهادة الثانوية.

هذه الخطوة لاقت إقبالاً كبيراً بين الطلاب في المدينة بسبب ضعف العملية التعليمية داخل جامعة "الفرات" وهي الجامعة الوحيدة هناك، حيث شهدت أقسام الجامعة تدمير معظم الأبنية والمختبرات التابعة لها خلال السنوات السابقة، إضافة إلى رحيل المدرسين أصحاب الخبرة، وهو ما شكل دافعاً لدى للطلاب للتعليم في كليات أخرى.

وبحسب ناشطين من ريف المدينة فإن إيران افتتحت مؤخراً أربع مدارس لتعليم اللغة الفارسية، ثلاثة منها في مدينة "البوكمال"، ومدرسة واحدة في "الميادين"، بريف دير الزور الشرقي القريب من الحدود العراقية، بكادر تعليمي إيراني. وضمت المدارس ٢٥٠ طفلاً أعمارهم تتراوح بين ٨ سنوات و١٥ سنة، ويحصل كل طفل على ١٠ آلاف ليرة سورية كراتب شهري.

ندوات ثقافية لتحسين صورة إيران في المجتمع السوري:

وذكرت مصادر خاصة من مدينة دير الزور أن المركز الثقافي الإيراني في دير الزور يتحضر لإطلاق ندوات ثقافية ومحاضرات حول الدور الإيراني في الحفاظ على الدولة السورية، ومحاربة الإرهاب فيها، وهو ما يمثل الرواية الرسمية الإيرانية.

واعتبرت المصادر أن ذلك سيكون بمشاركة من الشخصيات الموالية للنظام في المدينة، وعلى الأخص من المنتسبين لحزب البعث.

افتتاح جامعات إيرانية دينية:

سبق ذلك خطوات مشابهة في اللاذقية ومدن الساحل السوري ودمشق، وهو ما يدل على سعي إيران لفرض هيمنتها الثقافية بعد موافقة بشار الأسد على افتتاح فرع لجامعة "آزاد الإسلامية الإيرانية" في مدن سوريّة، في كانون الثاني يناير الماضي، وذلك بحسب ما أعلنه رئيس الهيئة التأسيسية والأمناء في الجامعة، علي أكبر ولايتي. وقال ولايتي، بحسب وكالة "فارس" الإيرانية، الثلاثاء ١٦ كانون الثاني من العام الجاري، إنه قدم مقترحاً إلى الأسد لافتتاح فروع للجامعة في مختلف مدن البلاد ووافق على المقترح.

وكان الطرفان قد وقعا اتفاقية، في نيسان العام الماضي، على تبادل المنح سنويًا بين البلدين، فتمنح إيران ٢٠٠ منحة دراسية سنويًا مقابل ٦٠ منحة دراسية سنويًا من الجانب السوري.

الاعتماد على روسيا غير مجدي أيضاً:

ويرى مراقبون أن إيران شاركت في جميع سنوات الحرب السورية العجاف، وتمكنت من تأسيس وجود لا يُقهر، يمتد من الحدود العراقية مروراً بوسط سوريا ووصولاً إلى لبنان، ما يجعل الحديث عن خروجها لا يتعدى فكرة افتراضية فقط.

وبعد المطالبات بخروج إيران من سوريا، باتت التصريحات الأمريكية الرسمية الأخيرة أقل حدة، وانصبّت على أمن إسرائيل كما ذكر الرئيس الأمريكي أثناء مؤتمر الصحفي مع نظيره الروسي في هلسنكي، وحسب مصدر خاص فإن واشنطن تريد إبعاد القوات الإيرانية عن الحدود الإسرائيلية مسافة 80 كلم فقط.

وكرّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اعتقاده بأن خروج إيران غير واقعي، وفي مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في موسكو، بداية الشهر الحالي، ذكر أن مناقشة الموضوع الإيراني في وسائل الإعلام الغربية تتم في سياق "مبسط" للغاية، مشيرا إلى أن وسائل الإعلام هذه تُقنع متابعيها بأنه يجب على إيران أن تغادر سوريا وفي هذه الحالة سيكون كل شيء على ما يرام.

وأضاف: "تشمل هذه المطالب ليس سوريا فحسب بل والمنطقة كلها. ويقال إن على إيران أن تنسحب من كل المناطق وأن تعمل في إطار حدودها، وفي هذه الحالة سيعم السلام في كل مكان. من المفهوم أنه أمر لا يمكن تحقيقه. وليس من الممكن حل مشاكل المنطقة دون مشاركة أكبر دولها بما فيها إيران والسعودية الأردن ومصر وغيرها من بلدان المنطقة".